قال الشاعر: بنو عمي قتلوا تيم أخي فإذا رميتهم أصابني سهمي السبت: تلقيت هذه الرسالة الضافية من د.عبدالهادي ناصف، الوكيل الأسبق لكلية طب الأسنان والأستاذ المتفرغ بجامعة القاهرة.. واعتذر عن التأخير في النشر، يقول في رسالته: تباينت الآراء حول التعديلات المقترحة لقانون تنظيم الجامعات، وقد أثارت بعض الآراء والتي يتم الأخذ بها للأسف، كثيراً من القلق في المجتمع الجامعي، فقد بدأ الوزير د.معتز خورشيد وزير التعليم العالي، والدولة للبحث العلمي لقاءاته بائتلافات، وقام بتشكيل لجان للتشاور، تضم أساتذة أفاضل، وهذا توجه محمود لوزير يريد أن يبدأ طريقه بمشاركة الناس، وقد يظن كثيرون، خطأ، ان مثل تلك الائتلافات تمثل أغلبية أعضاء هيئة التدريس، وقد نختلف في ذلك، فالأغلبية العظمي تحتفظ بآرائها، ولا وقت عندها لمناقشة أمور إدارية: مثل تعيين أو انتخاب العميد، ورئيس الجامعة، أو وجود الحرس الجامعي من عدمه، واعتقد ان الوزير يعلم انه في البداية والنهاية أستاذ، والأستاذية هي الوظيفة الأبقي، ونهر العطاء الدائم، والأخلد من كل المناصب مهما علت سواء داخل الجامعة أو خارجها، في العمل العام، وأستاذ الجامعة في مصر، وفي اي دولة متحضرة هو راهب في معمله، وبين كتبه وتلاميذه، وثمة حقائق نضعها أمام الوزير، قد يجد فيها ما يضيء له الطريق وقد لا يجد، ولكن أري أن قراءتها قد تفيد. أولاً: أرجو من الوزير ان يلتمس الحكمة من الامام الشافعي عندما قال لمحاوره: اعطني رغيفاً، ثم كلمني عن الله.. لذلك مطلوب منه ان يسعي الي من بيدهم الأمر لمضاعفة مرتب أعضاء هيئة التدريس.. بما يكفل لهم الحياة الكريمة، لهم ولأسرهم مع توفير الرعاية الصحية، حتي يتفرغ الجميع لأبحاثهم، ورعاية الطلاب. ثانياً: رغم كراهيتنا للنظام الفاسد الذي اسقطته ثورة 52 يناير والذي أساء لمصر ولعشرات السنين القادمة لا تبتئس إذا ادعي البعض انك كنت مشاركاً في لجنة السياسات، أم الفساد في مصر، فليس كل من عمل تحت مظلة النظام الفاسد فاسداً والا أصبح معظم الشعب المصري فاسداً.. ان هناك كفاءات وطنية، لا يمكن التشكيك فيها.. ولكن عتابي للوزير عندما علمت انه يستعين ببعض المتحولين، ولا يشك أحد في فسادهم.. وفي هذا المقام أري أن يقوم الوزير بتشكيل لجنة من المستشارين المشهود لهم بالكفاءة العلمية والنزاهة، ولهم خبرات دولية في مجال تطوير وتحديث الجامعات والتعليم العالي، وعلي سبيل المثال لا الحصر الدكاترة: محمد غنيم، وأحمد عكاشة، ومحمد أبوالغار، وعبدالجليل مصطفي، وحسن نافعة، ونستكملها بعلماء مصريين المتواجدين في الجامعات الأجنبية، وهذه اللجنة بديلاً عن المجلس الأعلي للجامعات الذي لم يثبت ان له دوراً فاعلاً في النهوض بالتعليم الجامعي والعالي ولعشرات السنين.. وجميع من ذكرتهم فيما اعتقد سوف يقبلون هذه المهمة الوطنية، وبلا مقابل. ثالثاً: أري أننا أخطأنا كثيراً عندما ألغينا الحرس الجامعي، دون ايجاد بديل له يحل محله، للمحافظة علي الأرواح والمنشآت الجامعية. رابعاً: أخطأنا أيضاً، عندما تجاهلنا عن عمد تجربة الجامعات العالمية، في تطوير التعليم وفي اصول البحث العلمي، وفي اسلوب اختيار العمداء ورؤساء الجامعات.. لقد عاد البعض الي اطلاق الشعارات الفارغة من أي مضمون، ليعيد الي الاذهان ذكري الاتحاد الاشتراكي، والنظم الشمولية التي قادت البلاد الي هزيمة عسكرية نكراء في 5 يونيو 7691، فانكسرت الأحلام، وضاع المشروع القومي، لبناء نهضة مصرية.. الي ان اراد الله بمصر خيراً، فتحقق لها الانتصار العظيم علي اسرائيل في 6 أكتوبر 3791 واستردت العسكرية المصرية كرامتها، وشرفها وقوتها، وعادت سيناء الأسيرة الي حضن أمها مصر.. بقيادة الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، بطل الحرب، والسلام. ان نظام انتخاب العمداء ورؤساء الجامعات نظام غير موجود في جامعات العالم المتقدمة، والمتبع في الجامعات العالمية، هو تشكيل لجنة من الأمناء، بها ممثل لوزارة التعليم العالي والطلبة المتفوقين علمياً وأحد الشخصيات العامة المهتمة بشئون التعليم والشباب وبقية أعضاء اللجنة من الأساتذة، يتقدم لها كل من يريد المنصب، وتختار اللجنة العميد أو رئيس الجامعة بناء علي قدراته وأبحاثه العلمية المتطورة.. المنشورة في مجلات علمية عالمية متخصصة، ومحترمة.. ويتم الانتخاب لمدة واحدة.. ويجب أن نعي اننا سندخل في دوامة لا تنتهي من الانتخابات، انتخاب رئيس القسم، انتخاب عميد الكلية، انتخاب رئيس الجامعة، مروراً بانتخابات الاتحادات الطلابية، وانتخابات اللجان النقابية العمالية، وانتخابات روابط للاداريين، بالاضافة الي اعيادنا السعيدة: الإسلامية والمسيحية والوطنية وما أكثرها مع موسم الامتحانات ولزوم الاجازة الضرورية قبلها، مما لا يترك للدراسة الجادة والتحصيل العلمي سوي أيام قليلة.. ثم نطالب بعد ذلك بتعليم جيد ومتطور.. كيف..؟! خامساً: أري ان يشمل قانون الجامعات الجديد حظر النشاط السياسي والديني داخل الجامعات، لقد كانت مزاولة النشاط السياسي للطلاب مقبولاً حين أوصد النظام الفاسد الذي اسقطته ثورة 52 يناير الباب أمام الأغلبية العظمي من المواطنين وسمح مشكوراً لحزب واحد فاسد، هو الحزب الوطني المنحل بالقانون، مع وجود أحزاب كوميدية مدفوعة الأجر ونري الآن سهولة انشاء الأحزاب والانضمام اليها ميسور، بل ان تشكيل حزب جديد اصبح أيسر من استخراج شهادة ميلاد. سادساً: ان اللجنة العاجلة التي يجب أن نسرع في تشكيلها، لجنة تعمل بضمير وباخلاص لوضع تصور لتحديث التعليم ومناهج الدراسة وطرق التدريس والامتحانات، والتوسع في ارسال البعثات الي الجامعات الأجنبية المتطورة في مجالات تحتاجها مصر الثورة حتي نحقق ما نصبوا إلية من نهضه علمية وثقافية وفنية..الخ. علي أن تبدأ اللجنة عملها اليوم قبل الغد وكفانا كلاما عشرات السنين. مصر للبترول الجمعة: توجهت الي محطة مصر للبترول، منطقة الأورمان، شارع الدقي، محافظة الجيزة، كان ذلك يوم 9 أكتوبر الحالي، وفوجئت بلافتة: نأسف.. لا يوجد بنزين.. منذ أربعة أيام علي التوالي. وسري إلي نفسي احساس بأننا بصدد أزمة بترولية، لم تكن في الخاطر والحسبان.. واستدركت الأمر، فقلت، ما أكثر الأزمات، المفاجئة، والمتكررة التي يعاني منها الشعب لعشرات السنين، وأصبح مرور يوم بلا أزمة شيء غير عادي وليس بالأمر المستغرب ولا يدعوا إلي الاندهاش. وتوجهت الي مدير المحطة وسألته: هل توجد أزمة بترولية..؟! قال الرجل: لا توجد مشكلة... البنزين موجود ومتوافر في جميع محطات مصر للبترول، المحيطة بنا.. إلا هذه المحطة.. ومن وقت لآخر نتصل بمسئولي الشركة، فيأتي الرد حالاً.. السيارات في طريقها إليكم.. ولم تأت حتي هذه اللحظة منذ أربعة أيام. قلت: لعلكم لم تدفعوا للشركة مستحقاتها المالية؟ قال: بالعكس، نحن دائنون للشركة، ولسنا مدينين لها، اننا نسدد بانتظام، ودون تأخير، والفواتير تثبت ذلك.. والأوراق الرسمية، لا تكذب، ولا تتجمل.. ان البعض في هذه الشركة يتعمد حجب البنزين عن المحطة لسبب غير واضح وربما تكون هناك اسباب نجهلها. قلت: ألا تري معي ان مثل هذه التصرفات غير المسئولة من قبل الشركة تساهم في نشر الشائعات، وتوحي لأصحاب السيارات بأن هناك أزمة بترول وسولار.. يتم اخفاؤها. قال الرجل: سؤال لا يوجه لنا، ولكن إلي المسئولين بها بدءاً من رئيس مجلس الإدارة، ورؤساء ومديري القطاعات. وبدوري، كمستهلك، أتوجه بهذه التساؤلات، إلي رئيس الشركة لعلنا نجد لديه اجابة واضحة تفسر أسباب حجب البترول عن هذه المحطة.. وأرجو عند الرد ان يتريثوا فقد كنت شاهد رؤية.. مطلوب منهم فقط ان يقولو الحقيقة، ولا شيء أكثر منها.. ورجائي لرئيس الشركة أن يقوم بجولات ميدانية، ليري علي الطبيعة، أفعال موظفيه وربما وجد أشياء لا يجوز لي الافصاح عنها الآن وبنزوله الي هذه المحطات سوف يعرف أكثر، ويكون علي بينة مما يجري في شركته.. وربما يعمل علي إزالة أسباب الشكوي.. وانزال العقاب علي الذين يشاركون في نشر الشائعات علي خلاف الحقيقة.. لغرض في نفس يعقوب كما يقول الموروث الشعبي. ابتسم ... وافهم ! الأحد: هذه نادرة من التراث المصري القديم، ذات مغزي، وأترك للقاريء العزيز اختيار المقصد والهدف من سردها، التي تتفق مع ما يجري حولنا من أحداث في هذه الأيام: يُحكي ان قرية مصرية يحكمها والي تركي، وكان مشهوداً له بالقوة والعنف والفساد ونهب ثروات الفلاحين الغلابة وامتصاص خيرات القرية.. لا يترك الكرباج من يده، ولا ينادي الفلاح المصري الا بكلمة: »سيس خرسيس« وهي كلمة تركية تعني سيئ الخلق، ومنها جاءت كلمة »أدب سيس« بمعني لا يوجد أدب.. وكان للوالي جمل يطيح في حقول الفلاحين فيدمر المزروعات والخضراوات، وأحس الفلاحون بالضرر الواقع عليهم أجمعوا أمرهم علي ان يبعثوا بعشرة فلاحين للوالي من الذين يجيدن فك الخط أو مايطلق عليهم مثقفي ذلك الزمان لكي يمنع »جمله« عن حقولهم، ولما كانوا يخافون جبروته، وقسوته، ومن الكرباج، اتفقوا علي ان يقول كل واحد من العشرة كلمة واحدة، تنتهي الأخيرة بجملة مفيدة، مفادها رجاء للوالي ربط الجمل، وذهبوا اليه وأخبره الحاجب بقدوم الفلاحين فارتفع صوت الوالي غاضباً: لماذا جاء الفلاحون؟! فقال أولهم في الطابور: »يا جناب الوالي، الجمل بتاعك«.. قال الوالي: ماله، يا فلاح خرسيس، ورفع يده بالكرباج.. وانتظر الفلاح الذي تكلم أن يكمل الذي بعده، ولكنه لم يسمع صوتاً، والتفت وراءه ليعرف سبب صمت من يليه.. كانوا جميعاً قد اختفوا تماماً، وعندما أحس بالخطر.. أراد توريط الفلاحين بعد ان تخلوا عنه. عنذئذ قال للوالي: »ان جملك يتجول في الحقول، منفرداً، وأنا حزين جداً من أجله«. فقال الوالي: ولماذا هو حزين أيها الخرسيس؟ قال الفلاح الفصيح اللئيم: إنني أراه وحيداً، وليس له رفيقة تؤنس وحدته وتسليه وتسعده، وربما تزوجها فجاءا بجمال صغيرة. أُعجب الوالي بهذا الاقتراح، ووعده بأن يبحث له عن »جَمَلاية« وشكره الوالي علي ذلك. وخرج الفلاح ناجياً بنفسه من هول ما يري، وعلي البعد، وجد زملاءه التسعة واقفين، وعندما اقترب منهم سألوه: ماذا حدث لك؟ وأراد الفلاح أن يسخر من جبنهم وتخاذلهم فقال لهم: أيها الأنذال لقد كنتم تشتكون من جمل واحد، أصبح لكم اليوم جملان.. والبقية تأتي.. فذوقوا نكال تخاذلكم!!.