محاولة اغتيال سفير السعودية في واشنطون بأيدي قتلة بالأجر لحساب إيران، هي إحدي أقذر الحلول لجأت إليها بعض الدول خلال العقود والقرون الماضية للتخلص من خصومها داخل أو خارج حدودها. كتاب الصحفي المؤرخ السويسري: إتيان دوبوي الذي يروي فيه تفاصيل مسلسل التصفيات الجسدية التي خططتها الولاياتالمتحدة خلال القرن الماضي وبداية القرن الحادي والعشرين ضد خصومها من قادة ورؤساء ورموز بعض الدول لا يعني انفراد الولاياتالمتحدة بهذا الحل، وإنما هي مجرد مثال ضمن العديد من الدول الكبري والصغري التي سبقتها أو قلدتها في اللجوء إلي تلك التصفيات. القائمة تضم: الاتحاد السوفيتي ووريثته روسيا، وبريطانيا التي كانت عظمي، وفرنسا في مستعمراتها السابقة، وبعدها جاءت إسرائيل التي تتصدرها لكثرة نجاحاتها في تصفية خصومها من بقايا النازية، ورموز عربية وفلسطينية بصفة خاصة، ثم حلت جمهورية ملالي إيران عضواً ناشطاً قتلاً واغتيالاً جعل منها منافساً خطيراً للريادة الصهيونية في هذه التصفيات القذرة. اللافت هنا.. أن أول وصية من الوصايا العشر التي أنزلها سبحانه وتعالي علي سيدنا موسي كانت تحذر اليهود من ارتكاب جريمة القتل. ورغم هذا فإن أكثر الأنظمة الحاكمة صاحبة الريادة في تصفية الآخرين هو نظام الدولة اليهودية: إسرائيل (..). القاسم المشترك في هذه المخططات كلها هو إحكام التكتم عليها، والحفاظ علي سرية خطواتها، والإصرار علي إنكار التورط في تنفيذها مهما قيل وقال عن منفذيها. لهذه الأسباب كلها لم تصدر كتب كثيرة تفضح تلك المخططات التصفوية في معظم هذه الدول لعدم توصل الكتاب المؤرخين لوثائق تثبت وقائع ما يكتبونه. الأمر اختلف مع الولاياتالمتحدة. فهي تمثل: المجتمع المفتوح علي الآخر الذي تفتقده الدول المذكورة. أو كما يقول الكاتب إتيان دوبوي: (.. وهذا الانفتاح المطلق تدعمه ثرثرة الممثلين أمام جمهور من الفضوليين). عندما فكر الكاتب السويسري في إعداد كتابه، وجد تحت يده مئات الآلاف من الصفحات يتميز معظمها بالإشارة التقليدية: »سري للغاية« التي لا يلتزم الأمريكيون بها. وهكذا نجح إتيان دوبوي في الفحص والتنقيب وصولاً إلي كشف خفايا أسرار ومحظورات الكثير من عمليات التصفيات التي خططتها الولاياتالمتحدة ضد خصومها خارج حدودها، وإن فشلت في تنفيذ معظمها ونجحت في قليلها. مؤيدو التصفيات في الأجهزة الأمنية الأمريكية ينفون عن أنفسهم هواية القتل المحرمة، وفي الوقت نفسه نجدهم يبررون التصفيات بأنها محدودة، ومقيدة، ولا مفر منها عندما يجد المرء نفسه فجأة أمام موقفين لا ثالث لهما: حياة أو موت. الخير أو الشر. ومن التبرير إلي التفسير: (أحيانا.. يضطر الإنسان إلي القتل ليعيش. أحيانا يجبر علي التضحية بأرواح البعض من أجل إنقاذ أرواح البعض الآخر). واستكمالاً لهذا اللغو.. يضيف مؤيدو التصفيات الجسدية بأن أصعب شيء هو تحديد أي قرار من القرارين يتفق عليه من ناحية المبدأ؟ وأيهما يجمع علي تنفيذه؟!. ومن حيرة السؤال إلي صعوبة إجابته. نجدهم يلجأون إلي القانون الذي يجيز القتل في حالة الدفاع عن النفس. ما صلة الدفاع الوقتي عن النفس بالتخطيط لقتل من لم يأت حاملاً سلاحاً لقتلك؟! لا أري صلة تجمع بينهما. لكن دعاة التصفيات وجدوا هذه الصلة بكثير من اللغو. .. »وللحديث بقية«