أعرف الكاتب سامح فتحي منذ زمن طويل كاتبا وناقدا سينمائيا بمجلة المصور، الشيء الذي يميزه منذ أن عرفته وحتي الآن هو ولعه الشديد وشغفه الأصيل بكل ما يتعلق بالسينما. تجده غارقا في البحث عن أفلام تعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية والعالمية، منقبا عن فيلم مجهول أو منسي، فيبدأ رحلة البحث عنه ويحاول العثور بكل الطرق علي نسخة جيدة منه، والأكثر أنه يسافر إلي بلدان العالم بحثا عن أفيشات أفلام أصلية حتي يضمها إلي أرشيفه أو متحفه الخاص بالسينما!! شغف حقيقي، يدعو إلي التوقف أمامه، والاهتمام بإنجازات صاحبه. أصدر سامح فتحي العديد من الكتب السينمائية، أحدثها صدر مؤخرا تحت عنوان "أهم مائة فيلم وفيلم في السينما المصرية". صدر في 208 صفحات بالألوان من القطع الكبير، ويضم أهم مائة وواحد فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية (90 عاما منذ عرض فيلم ليلي). الأفلام التي اختارها سامح فتحي جمع عن كل منها المعلومات الأساسية ولخص المشهد الرئيسي "الماستر سين" كما نشر أفيش الفيلم الأصلي، ووضع بعض المعايير لاختياراته أهمها: أن يكون الفيلم مصريا خالصا ليس مقتبسا من فيلم أجنبي، وأن يتمتع بجودة فنية عالية في كل عناصره القصة، السيناريو والحوار، الإخراج، الإضاءة، التمثيل. من الأفلام التي تضمنها الكتاب: "دعاء الكروان".. "السقا مات".. "اللص والكلاب".. "الفتوة".. "الطريق المسدود".. "قلب الليل".. "السمان والخريف".. "شيء من الخوف".. "كلمة شرف".. "الحريف" وغيرها من روائع السينما المصرية فعلا. يقول الكاتب عن معايير اختياره للأفلام: راعيت التنوع بين الأجيال المختلفة للمخرجين، واختلاف الأساليب في الإخراج وتطورها، فكان هناك الجيل القديم ممثلا في يوسف وهبي وكمال سليم، وعز الدين ذو الفقار، وهنري بركات وصلاح أبو سيف، وتوفيق صالح، ونيازي مصطفي، وكمال الشيخ وحسن الإمام وفطين عبد الوهاب وعاطف سالم ويوسف شاهين والسيد بدير ومحمود ذو الفقار. ثم جيل الوسط الذي مال إلي التجديد والحداثة من أمثال حسين كمال وأنور الشناوي، وأشرف فهمي وعلي عبد الخالق، ثم الجيل التالي الذي استخدم التقنيات الحديثة كعلي بدر خان وعاطف الطيب ومحمد خان وخيري بشارة وداوود عبد السيد ومنير راضي وشريف عرفه. الجميل هو أن يلفت هذا العمل الجاد، المحترم اهتمام قسم النشر بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، ويطلب من الكاتب الموافقة علي ترجمته ونشره باللغة الإنجليزية، وهذا ما رحب به الكاتب الدءوب، وعرض الكتاب بنسختيه العربية والإنجليزية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب. فراق الزميلين العزيزين الكاتبين الصحفيين بالأخبار وآخر ساعة الأستاذ مصطفي بلال والأستاذ طارق فودة يخلف ألما ويولد شجنا تملؤه الذكريات الطيبة لأشخاص نبلاء عاشوا بيننا في أسرة أخبار اليوم سنين طوالا، كتبوا بكل الحب والإخلاص لتراب وطننا الغالي مصر، لم يهتز قلم أحدهما أمام جبروت الفساد، ولم ينحز إلا إلي المواطن البسيط الذي يكافح بشرف من أجل الحياة. ترك مصطفي بلال جيلا من الشباب يعتبرونه حتي بعد رحيله الأستاذ والمرجع، وكذلك الأب الحنون والصديق الذي لا يخذل أحدا. أما الكاتب الصحفي الأستاذ طارق فودة فقد كان راقي الخلق، مهنيا حتي النخاع، صاحب مشوار طويل في تغطية الأحداث السياسية الخارجية، وخبرة في الديبلوماسية المصرية، كان رحمه الله يتمتع بعلاقات قوية مع زعماء العالم وكبار الشخصيات العالمية التي التقاها وأجري معها حوارات مهمة. وكانت إجادته لأكثر من لغة أجنبية أحد أسباب تميزه كمراسل صحفي في عدة مواقع مهمة من العالم. ظل طارق فودة حتي الرمق الأخير يكتب لما يتنفس، معبرا عن المبادئ والقيم التي عاش عمره يدافع عنها وهي الحق والعدل وحب مصر. رحم الله الفقيدين العزيزين وأدخلهما فسيح جناته.