يوم السادس من أكتوبر.. ليس ورقة علي نتيجة الحائط ننزعها ونلقيها أو نمزقها مثل بقية الأوراق! ولكن أكتوبر هو من أجمل كتب تاريخنا.. إذا نحن أحسنا القراءة!! والذين يحسنون القراءة.. يجدون في يوم السادس من أكتوبر تاريخاً وصوراً، وذكريات، ويجدون هذه الصور قد برزت من سطور الصفحات.. مع انها لم تكن مكتوبة في كتاب تاريخنا المجيد. وأنا في هذه السطور.. لا أقرأ تاريخنا ولكن أتأمل صوراً رأيتها في يوم السبت الموافق 6 أكتوبر عام 3791 والموافق العاشر من رمضان في ذلك العام.. الصورة الأولي التي برزت امامي في ذلك التاريخ هي جماع الصور التي كنت اسمعها بعيني أو اسمعها وارسم لها صورة من خيالي، ولا أجيد التعبير عنها بالكلام، لأن هذه الصورة عندما جاءتني كنت وقتها لا أعرف الكتابة، وما كنت أخطها بيميني، ففي أيام الحروب.. أتمثل دائماً ذلك الشهيد الذي لا أعرفه.. ومضي إلي الجنة حتي يكتب للأمة الحياة!! وعلاقتي بصوره شهداء الحروب بدأت منذ عام 8491، في حرب فلسطين، وكنت طفلاً لم يدخل المدرسة الابتدائية بعد.. ولكن كنت أسمع كلاماً غامضاً من الذين سبقوني إلي الحياة، ويعرفون معني الحرب وقرأوا من صحف التاريخ وصحف ذلك العام وتلك الأيام.. ومع ذلك كان جسدي كله مستعداً للبكاء، وتذرف العيون دموعاً علي المجهول من احبابنا الشهداء الذين لا أعرفهم، كانت تذرف الدموع بالإصالة عن نفسها، وبالنيابة عن جسدي كله!! وكان ذلك يحدث عندما كنت أستمع إلي صوت الموسيقار محمد عبد الوهاب وهو يغني: فلسطين يحمي حماك الشباب وكنت ابكي بشدة عندما يقول بصوته الجميل في أجمل الحانه الخالدة: وقبل شهيداً علي أرضها دعا باسم الله واستشهدا ومنذ ذلك التاريخ، وصور الشهداء الذين لا أعرفهم شاخصة أمام بصري في حب لا يغيب، وعرفت بعدها كيف ترسم الكلمات صورة رائعة للشهيد، وكيف تجعل الكلمات الوجدان مشتعلاً بالخيال والصور وأهم هذه الصور وأروعها في تلك الفترة هي صورة الشهداء!! وأذكر في هذا السياق من الحديث أنني قرأت أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سأل واحداً من أصحابه عن اسماء الذين استشهدوا في إحدي الغزوات فقال له صاحبه: فلان وفلان وفلان وآخرون لا أعرفهم.. وهنا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: ما ضرهم إذا لم تعرفهم أنت ولا عمر ولكن الله يعرفهم!! أنا مازلت أمام صور أكتوبر التي لم تنشر في كتاب ولكن أتأملها في رعشة غامضة منذ صبايا المبكر وأتأملها بدمعة حزن، وانتفاضة شعب، ونبضة قلب. ومشاعر فخر وشجن وحب ومجد، ومن خلال كل مشاعر التأمل أقف عند سطر في أجمل كتب تاريخنا الحديث يومض بالدم والمأساة وهذا السطر يسطع في الكتاب ولا تمحوه بقية السطور والصور في الصفحات المجيدة.. هذا السطر المأسوي في الكتاب هو رحيل قائد أكتوبر في يوم عيده ومجده بالانتصار العظيم، وأستمع من أنين السطر كلمات هي من مجموعات الصور التي أقف عندها بالتأمل في حياتي. صور لم تنشر في أجمل كتاب الاحد: هذه الكلمات التي جاءت في السطر الساطع بالدم.. تشكل صورة رسم تفاصيلها لي يوماً الدكتور عبد القادر حاتم - أطال الله من عمره ومتعه بالصحة والعافية - عندما رأي علي المنصة من يقتل أنور السادات، وفي تلك اللحظة قال الدكتور حاتم: لعلك يا ابني تقتل رجلاً أراد لك الحياة!! وصورة أخري رواها لي د. حاتم عندما قال: إن معدلات الجريمة في البلاد انخفضت إلي درجة الانعدام في أيام حرب أكتوبر، وكان الدكتور حاتم وقتها النائب الأول لرئيس الوزراء في الوزارة التي كان يرأسها السادات. هذه الصور سأرحل عنها إلي صور أخري قبلها، وقد اشرت إليها في بداية سطوري، ومن هذه الصور، صورة الشهيد الذي دعا ربه علي أرض سيناء واستشهد وهو صائم، وصورة الشهيد الذي يمتليء قلبه حباً لربه سبحانه وتعالي وللوطن وصورة الشهيد الذي كان يأمل أن يجيء بالنصر كمهر لحبيبته التي تنتظره عند العودة ويتم الزفاف، واصبح بعد ذلك فارس الحلم الذي لم يعد ولكنه جاء بالنصر!! وصورة الشهيد الذي يرقد في تراب سيناء وأمه تنتظر بالدعاء عودته سالماً وربما كان وحيدها وقرة عينها وقلبها، وصورة الشهيد الذي ودع زوجته وطبع قبل الرحيل قبلة علي جبين أطفاله قبل المعركة وهو يأمل أن يعود!! خير أجناد الأرض!! الاثنين: أتمني من الله سبحانه وتعالي ولا (يكتر عليه) أن يكون لدينا في مصر عشرات الرجال من أمثال اللواء »مصطفي عبادة« رئيس حي شرق مدينة نصر.. هذا الرجل الشجاع الذي يتحدي الفساد بكل قوة هو ورجاله.. ولا ينتظر »أجراً ولا شكوراً« هذا الرجل استطاع ان يواجه البلطجية والخارجين علي القانون من الذين سرقوا الارض وأقاموا ادواراً مخالفة في حي مدينة نصر حتي ان البلطجية اطلقوا عليه الرصاص ومع ذلك لم يتركهم الا بعد ان نظف المنطقة منهم، وقد حكي لي كيف انه اشتري منشاراً من الحديد وقام بنفسه بإزالة برجين لتقوية المحمول مخالفين للشروط القانونية علي اثنين من العمارات في مدينة نصر، يحدث هذا في ظل ما نواجهه نحن ومنذ خمسة شهور من تعنت شركة المحمول التي أقامت برجاً للتقوية فوق سطح عمارتنا بالمخالفة للقانون لأنه مقام علي دور تمت إزالته ولم يتبق منه الا الجزء الذي يوجد عليه البرج والدكتور علي عبدالرحمن محافظ الجيزة يعلم ذلك جيداً وقد تعبنا من الكلام مع العلم بأن الدكتور علي عبدالرحمن واللواء أشرف شاش الذي نبارك له علي ترقيته وانتقاله الي حي العجوزة قد قاما بما يتوجبه عليهما القانون وأزالاا الدور المخالف وبقي أن يكمل (اللواء فتح الله الجندي) رئيس حي الهرم الجديد المهمة.. خاصة أنه مشهود له بالكفاءة والشجاعة منذ كان في رشيد وحي العجوزة.. لذلك نحن ننتظر منه الكثير خاصة في ظل المشاكل التي تواجه محافظة الجيزة التي نعلمها جميعاً، وقد علمت أن »اللواء الجندي« ورجاله: محمود عبد الحميد وحلمي لاشين، وسيد راشد يعملون حتي يوم الجمعة ونحن معهم بقلوبنا ودعائنا لكي نعيد لمصرنا الحبيبة وجهها المشرف وأن نضع في يقيننا كما قال رسولنا الكريم عن جنود مصر أنهم »خير أجناد الارض«.. مرحباً باللواء فتح الله الجندي ونحن في انتظار المزيد والمزيد من رجال مصر الشرفاء. لا أحد في العالم يستطيع تفسير ما حدث!! الخميس: في اعتقادي أنه لا يوجد أحد في العالم يستطيع تفسير ماحدث!! والحكاية هي أنني أحب من النقود القطع المعدنية الجديدة!! عادة قديمة منذ أيام الصبا.. عندما كانت »العيدية« في يوم العيد هي قطع معدنية صغيرة عليها صورة الملك فاروق! وعندما كنت في زيارة العاصمة البريطانية لندن.. أعطاني البائع »الباقي« بعدما أشتريت ما أريد.. وكان من الباقي نقود منها قطعة معدنية جديدة »لنج« ولامعة.. وشكلها جميل.. فوضعت الباقي من النقود الورقية في »محفظتي«.. ووضعت القطعة المعدنية الجديدة اللامعة في جيبي.. للاحتفاظ بها »للذكري« وعليها صورة الملكة »اليزابيث« الثانية أطال الله عمرها.. من أجل شعبها!! المهم.. أنني عندما ذهبت الي المطار.. مطار »هيثرو« في طريق العودة إلي القاهرة.. »اعجبتني« كرافتة.. وأردت شراءها وسألت عن السعر.. وعرفته.. فلم أجد ما بقي معي من النقود بكفي.. وكان لابد من اعطاء القطعة المعدنية الصغيرة الجديدة اللامعة التي وضعتها في جيبي.. وكنت أنوي الاحتفاظ بها.. اعطيها للبنت »البائعة« الجميلة!! لانه من المستحيل أن افاصل في السعر..وهذا ليس من طبعي! ووصلنا إلي القاهرة بسلامة الله. ووقفت علي »السير« في انتظار حقيبتي.. وجاءت حقيبتي التي أعرفها.. وحدث الشيء الغريب والمثير للدهشة حتي الآن.. وسأظل »في حيرة« حتي نهاية العمر!! وأقسم بالله العظيم.. أنني رأيت قطعة النقود المعدنية الجديدة اللامعة علي »السير« بجوار شنطتي!!.. ما انت كريم يا رب.. وربي هو العليم بأنني كنت أريد الاحتفاظ بهذه القطعة! ولم أجد تفسيراً لذلك حتي الآن.. كيف جاءت هذه القطعة النقدية من يد البائعة إلي الطائرة.. وكيف استقرت بجوار حقيبتي؟!.. وكيف تنبه عمال المطار في مصر إلي هذه القطعة الجديدة.. ووضعوها بجوار الحقيبة؟! ثم وضعوها علي السير..حتي وصلت الي يدي من جديد؟! كيف حدث كل ذلك؟!.. لا تفسير إلا طلاقة القدرة.. والله هو العليم سبحانه وتعالي عرف أن عبده المؤمن.. »العيل« الذي هو حضرتي.. كان يريد هذه القطعة المعدنية الجديدة اللامعة.. فحفظها في رحلتها من مطار لندن حتي الطائرة.. ومن الطائرة حتي سيارة نقل الامتعة.. وحفظها بحيث تكون بجوار حقيبتي علي السير في مطار القاهرة!.. وكان بجوار حقيبتي علي السير حقائب اخري ولم ينتبه أحد إلي هذه القطعة المعدنية اللامعة.. حتي يأخذها.. والكل تركها بجوار حقيبتي في حالها..حتي وصلت إلي يدي من جديد!! »وسبحان الله العظيم القادر علي كل شئ! ومن حين إلي آخر.. عندما افتح علبة خشبية صغيرة اشتريتها من المجر.. واضع فيها »التذكارات« من العملات.. أطل علي تلك القطعة المعدنية اللامعة.. وأمسحها بكل عناية.. وأحمد الله تبارك وتعالي علي عودتها إلي صاحبها سالمة! ويأخذني التفكير الي بعيد.. ولا أصل إلي شئ سوي »طلاقة« قدرة الله العظيم!!