حتي لا نغرق في بحار الأسي واليأس فننزلق الي هوة الاحساس بالعجز عن الخروج من المأزق الرهيب الذي بلغ ذروته المأساوية في »أحداث ماسبيرو« لا بديل عن اقتناص أي بصيص من الامل لنتحرك في ضوئه، ولدينا والحمد لله »الحكمة« التي تأخذ بأيدينا، وتضخ دماء الثقة في شراييننا، الحكمة التي تقول: »رب ضارة نافعة«، ولا يوجد أكثر ضررا مما حدث من محاولة إشعال فتيل الفتنة الطائفية الملعونة التي يعلق أعداؤنا آمالهم عليها في ضرب وحدة مصرنا الغالية وتمزيقها وتفتيتها لتلحق بالعراق والسودان والصومال!! هي إذن هذه »الحكمة« التي نلجأ إليها، ولكن ليس بمجرد ترديدها واعلان ثقتنا فيها واحترامنا لها، فالمطلوب هو أن نحولها فورا الي خطة عمل، وآلية تنفيذ، وقد مهدت الطريق لنا القرارات التي صدرت مؤخرا عن المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وتكليف الحكومة بسرعة إصدار »قانون دور العبادة« والقانون الذي يحرم التمييز بين المواطنين المصريين بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو المكانة الاجتماعية خاصة في مجال شغل الوظائف العمومية في مختلف المجالات، ولكي يكتمل التحرك لتجاوز ما حدث في الشهور السابقة وحتي كارثة ماسبيرو، اعتقد أنه صار من الضروري أن يصدر ايضا »قانون الغدر« وان كان اسمه يستفز البعض فلنتفق علي مسمي »قانون إفساد الحياة السياسية«، الي جانب تفعيل القانون الذي يحرم المساس بوحدة الوطن، مع توقيع عقاب صارم علي من يتلاعب بمقادير البلاد ويثير الفتنة مثل اطلاق التصريحات العشوائية غير المسئولة التي تصدر عن قلة من الذين ينتمون للاسلام ولا يفهمون صحيحه، كما تصدر عن بعض رجال الدين المسيحي الذين يتصدرون المظاهرات ويطلقون خطير التصريحات. اصدار هذه القوانين خطوة هامة علي الطريق، لكنها تظل بلا جدوي لو دخلت أدراج البطء والتقاعس، ولكي نحقق فعلا ما تلهمنا به حكمة (رب ضارة نافعة) يتحتم التنفيذ السريع لهذه القوانين والقرارات بشفافية ووضوح لا يترك مجالا لسوء الفهم أو سوء النوايا، كذلك صار من الاهمية بمكان اعطاء الاولوية للقضايا التي تمس أمن الوطن لإصدار أحكام عاجلة رادعة، ويواكب ذلك تحرك سريع منزه عن الغرض من عقلاء الامة وقادة القوي السياسية، من اجل التخلي عن الاغراض والاهداف الشخصية والحزبية التي اثارت الفوضي والارتباك مما خلق مناخا ملائما لعمل الفلول واعداء الثورة وأعداء مصر وبطبيعة الحال يتحمل الإعلام مسئولية كبري تستدعي تخلصه من حالة الانفلات والجري وراء الإثارة مهما كانت عواقبها سيئة علي البلد. لو تحقق ذلك كله سنلمس كلنا معني وقيمة الحكمة الخالدة، وسنري كيف ان »رب ضارة نافعة!« الدكتوراه بأمر جمهوري!! لم يفاجئني ما صرح به الدكتور حسام كامل »رئيس جامعة القاهرة« حيث كشف خلفية منح »الدكتوراه الفخرية لسوزان مبارك« وكيف أنه تم بأمر جمهوري!! فقال انه تلقي اتصالا من أحد رموز النظام السابق »المحبوس حاليا في طره« بترشح سوزان للحصول علي الدكتوراه الفخرية، ثم اتصل به د. هاني هلال »وزير التعليم العالي الاسبق« يفيد بصدور أمر جمهوري لمنحها الدكتوراه!! أقول لم يفاجئني هذا التصريح لأن ما حدث يجسد ما أصاب حياتنا الثقافية والتعليمية من خلال منظومة الفساد التي توضح الجانب الآخر لهذا التصريح، فصاحبه »د. حسام كامل« تخطي من هم اقدم منه ليتولي رئاسة الجامعة لانه ببساطة شقيق »وزير الاتصالات« في حكومة رجال الاعمال، كما ان وزير التعليم العالي نفسه قفز الي موقعه لانه قريب الصلة من »الابن« مثل غيره من الوزراء، وما أصاب التعليم، أصاب »الصحة« بل أصاب »القضاء« حسبي الله ونعم الوكيل!