في تقديري أن القمة العربية الأوروبية الاولي التي انطلقت أعمالها بالأمس في مدينة السلام »شرم الشيخ» كحدث تاريخي بالغ الأهمية وغير مسبوق من قبل، تمثل في جوهرها صفحة جديدة في العلاقات العربية الاوروبية، تختلف عما كان قائما ومعمولا به من قبل بينهما. وأحسب أن الحوار الصريح والموضوعي الذي يدور بين القادة والرؤساء علي الجانبين، هو بمثابة الاعلان عن صيغة جديدة للعلاقات العربية الاوروبية، تقوم علي الرغبة المتبادلة لتفهم كل جانب لرؤي ومواقف الجانب الآخر، وإيمان كل منهما بضرورة تعزيز وتنمية التعاون المشترك للتعامل مع التحديات والمخاطر التي تواجه العالمين العربي والأوروبي. وهذه الصيغة تعتمد الحوار المباشر والبناء وتبادل الرؤي ووجهات النظر حول القضايا والمشاكل موضع الاهتمام المشترك بحثا عن حلول لهذه القضايا وتلك المشاكل، والوصول إلي توافقات في الرؤي لوسائل تحقيق السلم والأمن الدوليين، في المنطقة العربية والاوروبية وعلي جانبي المتوسط. وعلي مائدة الحوار في القمة عدد من القضايا والملفات محل البحث والنقاش بين القادة والرؤساء، تعبر في مجملها عن التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه أوروبا والعرب. ففي الإطار الأمني هناك مكافحة الإرهاب والتطرف، ووقف الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار في البشر، ومواجهة أخطار الجريمة المنظمة والاتجار في السلاح. وعلي الجانب السياسي هناك ضرورة تحقيق السلام في الشرق الأوسط بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، ووقف النزاعات المسلحة. ومواجهة تدهور الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن والعراق وذلك بالسعي لحلول سلمية سياسية في هذه الدول. أما علي الجانب الاقتصادي، فنجد التعاون المشترك لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة في المنطقة العربية والافريقية، والقضاء علي الفقر والأمية والسعي لإتاحة فرص العمل بالاستثمار الأوروبي في المشروعات المشتركة داخل البلاد العربية والسعي لمكافحة البطالة، كوسيلة فاعلة لتحقيق الاستقرار ووقف الهجرة غير الشرعية إلي اوروبا،...، والعمل معا علي الحد من أخطار تغير المناخ الذي يهدد العالم كله الأن.