اليوم 12 فبراير، تمر الذكري السبعون لاغتيال مؤسس جماعة »الإخوان» ومرشدها الأول، حسن البنا، الذي لقي مصرعه بسبع رصاصات قاتلة مساء ذلك اليوم من عام 1949 لدي خروجه من مقر جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس حاليا، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعدها بنحو 4 ساعات في مستشفي قصر العيني.. هذا الحدث الذي يعتبره »الإخوان» ومن شايعهم، مناسبة للبكاء ومرثية لمؤسس الجماعة، الذي يمنحونه لقب »الإمام» دون سند من علم أو واقع، ينبغي أن يوضع في سياقه التاريخي، وأن نعيد قراءته لندرك حجم الزيف الذي تعرض له العقل المصري والعربي علي يد رموز تلك الجماعة وأدوات دعايتها علي مدي سنوات طويلة. فتلك الجماعة التي تزعم »السلمية» كانت هي من استدعت أفكار التكفير وتجهيل المجتمع، والتفرقة بين أبنائه، وقد استلهمت تلك الأفكار من عصور الفتنة السوداء في التاريخ العربي والإسلامي، وأصبح الانتماء للجماعة هو الهوية الحقيقية لديهم، فالمسلم الحق -في نظرهم- هو من ينتمي إلي صفوفهم، والباقون من »الأغيار» الأقل منزلة ودرجة.. وإذا كان حسن البنا قد نجح بما لديه من قدرات خطابية، ووسائل دعائية مكنته من إخفاء حقيقة نواياه، وجوهر أفكار جماعته، فقد تكفل تابعوه وتلاميذه بكشف المستور والتصريح بما حاول أن يبقيه خفيا في ثنايا خطبه ورسائله، فنجد سيد قطب يجهر علنا بتكفير المجتمع المسلم، وإباحة قتل المسلم غير المنتمي للجماعة، لأنه ينتمي إلي »مجتمع جاهلي» بحسب تعبيره، أما مصطفي مشهور المرشد الخامس للجماعة، فقد ألقي محاضرة، قال فيها صراحة: »إن لفظ الإرهاب هو من ألفاظ القرآن الكريم، وهو عقيدة إسلامية خالصة، ليس هو فقط، ولكن أيضاً لفظ الرعب، فنحن لا ننتصر إلا بالإرهاب والرعب، ويجب ألا ننهزم نفسياً من اتهامنا بالإرهاب، نعم نحن إرهابيون»، فأي اختلاف إذن بين هذا الفكر وذلك الخطاب، وبين ما يقدمه تنظيم القاعدة وداعش اليوم؟! فالأصل واحد، والفكر متماثل.. وإذا ما عدنا إلي ذكري اغتيال حسن البنا، فبالتأكيد لا يمكن لأحد تبرير القتل خارج إطار القانون، لكن »الإخوان» هم من بدأوا تلك الدائرة الدموية، فقد كان ردهم علي قرار رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي بحل الجماعة، هو اغتيال النقراشي باشا، ولو كانوا جماعة سياسية لما لجأوا إلي القتل سبيلا لتسوية خلافاتهم، ولو كانوا جماعة دعوية، لما تورطوا في إهدار دم رجل مسلم لأنه خالفهم الرأي.. كان »إمامهم» البنا إذن هو القاتل الأول، لذلك فإن محاولة وصفه ب»الشهيد» هي من قبيل الخداع واللعب بالعقول وتزييف الحقائق.. ومن هنا ينبغي أن نعيد قراءة التاريخ، وأن نبني الوعي المسلوب بفعل الدعاية الإخوانية التي تعتمد علي خلط الأوراق، واستغلال العواطف الدينية لتحقيق أغراض سياسية.. وللأسف طالما ستتوقف قراءتنا للتاريخ عند حدود الكتب المدرسية، أو روايات الكتب الصفراء، وصفحات السوشيال ميديا، فسنظل أسري لذلك الوعي الزائف الذي يصنعه المضلون المضللون، وبخاصة لدي الشباب الصغير، الذي لا تتجاوز ثقافته حدود ما يتاح له من مصادر سطحية. للمرة المليون.. بناء الوعي يبدأ بإعادة قراءة التاريخ.. وبغير ذلك لن نخرج من دائرة تكرار المآسي، وإعادة إنتاج الكوارث.