في الثاني عشر من فبراير 1949 تم اغتيال مؤسس جماعة الإخوان المسلمين "حسن البنا"، الأسطورة التي نسجها أتباعه ليحولوه إلى "إله" ومعلم أول لهم. البنا، الرجل الداهية استطاع أن يخلق جماعة عاشت في مصر ثمانين عامًا بل وخرج من رحمها كل الجماعات المتطرفة في مصر، في حين سقطت كل التيارات والأحزاب الكبرى بدايةً من حزب الوفد مرورًا بالأحزاب اليسارية حتى سقوط الحزب الوطني بعد اندلاع ثورة 25 يناير. لحظاته الأخيرة في 8 ديسمبر 1948 أعلن النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت - قراره بحل الجماعة ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها بعد سلسلة التفجيرات التي قامت بها الجماعة، وفي اليوم التالي بدأت حملة الاعتقالات والمصادرات، مما جعل البنا ينشر بيانه الشهير يصف أعضاء الجماعة بأنهم ليسوا إخوانًا ولا مسلمين، مما هيّج عليه شباب الجماعة الذين يشار إليهم كجزء من عملية اغتياله. في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949 كان حسن البنا خارجاً من باب جمعية الشبان المسلمين برفقة رئيسها ، ودق جرس الهاتف داخل الجمعية فعاد رئيسها ليجيب الهاتف فسمع إطلاق الرصاص فخرج ليرى البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، وأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مذكرة النيابة العمومية عام 1952. لم تكن الإصابة خطرة بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة ثم نقل إلى مستشفى قصر العيني فخلع ملابسه بنفسه ، ولفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل أي بعد أربع ساعات ونصف الساعة من محاولة الاغتيال بسبب فقده لكثير من الدماء. كاريزما البنا مات البنا وظلت الجماعة لتؤسس قواعد التطرف أكثر وأكثر في خطاب الإسلام السياسي، حيث ظلت أفكاره هي الأساس الذي تم البناء عليها أفكار سيد قطب والهضيبي وصولًا إلى مهدي عاكف ومحمد بديع. فأفكار البنا كانت كلها تتبلور حول سلطة الجماعة وتقليدية الخطاب وتعصب الفكر المغلف بنعومة الكلمات، لم يحتج البنا أكثر من كاريزمته ليؤسس الجماعة الأخطبوطية بنظامها الخاص الذي خرج عنه كل الجماعات الإرهابية التي تكونت في أواخر السبعينيات. وبعيدًا عما انتهت إليه الجماعة ومن تاريخها المعروف مع التطرف والانتهازية السياسية فسيظل البنا هو "إله الجماعة" ومرشدهم الأول على الدرب بعيدًا عن دعاية الوسطية التي يروجونها كلما وضعهم التاريخ في "خانة اليك".