64 عاما ً مضت على رحيل الشيخ حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي وشهرته حسن البنا ، مؤسس حركة الأخوان المسلمين ، ولد البنا في 14 أكتوبر 1904 في بمدينة المحمودية بمحافظة البحيرة ، وتوفي في 12 فبراير 1949 ، وكان والده يعمل مأذونا ً وساعاتي ، ويبدو أن مقومات الزعامة والقيادة كانت متوفرة لديه ، حيث أنه رشح لعديد من المناصب من قبل زملائه بمدرسة الرشاد الإعدادية ، حتى أن عندما تألفت جمعية الأخلاق الأدبية وقع إختيار زملائه عليه ليكون رئيسا ً لمجلس إدارة هذه الجمعية . غير أن تلك الجمعية المدرسية لم ترض فضول هذا الناشئ وزملائه المتحمسين فانشأوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم سموها جمعية منع المحرمات ، وكان نشاطها مستمدا ً من أسمها فهم كانوا يقومون بإرسال الخطابات لكل من تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون الآثام أو لا يحسنون أداء العبادات ، ثم تطورت الفكرة لدى البنا بعد أن ألتحق بمدرسة المعلمين بدمنهور حيث أنشأ " الجمعية الحصافية الخيرية " وزاولت عملها من خلال محورين الأول : نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة ، والثاني : مقاومة الإرساليات التبشيرية التي أتخذت من مصر موطنا ً ينشر فيه المسيحية تحت ستار التطييب ، بالإضافة إلى تعليم التطريز وإيواء الطلبة . وأخذ التصوف عن الشيخ عبد الوهاب الحصافي شيخ الطريقة الحصافية الشاذلية في عام 1923 ، وتخرج البنا من دار العلوم عام 1927 ثم عين مدرسا ً في مدينة الإسماعيلية ، أسس حركة الأخوان المسلمين سنة 1928 والمرشد الأول للجماعة ، نقل إلى مدينة قنا بقرار إداري عام 1941 ، وترك مهنة التدريس عام 1946 ليتفرغ لإدارة جريدة الشهاب ، وأغتيل في 12 فبراير عام 1949 . وجاءت فكرة تأسيس حركة الأخوان المسلمين لدى حسن البنا في مارس 1928 ، وذلك عندما تعاهد مع ستة من الشباب على تأسيس جمتعة الأخوان المسلمين في الإسماعيلية وهم حافظ عبد الحميد ، أحمد الحصري ، فؤاد إبراهيم ، عبد الرحمن حسب الله ، إسماعيل عز وزكي المغربي ، بهدف نشر الدعوة الإسلامية والوصول للحكم . فيما قاومت جميع الأحزاب المصرية في ذلك الوقت فكر حسن البنا محاولة عدم توسع رقعة الإخوان المسلمين السياسية ، وكان من بين هذه الأحزاب التي تصدت للجماعة حزب الوفد وهو أكثر الأحزاب إنتشارا ً في ذلك الوقت والحزب السعدي ، وكان البنا قد خاض الإنتخابات أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة لأنه كان بها مقر المرك العام لجماعته كما أنه كان يقطن بنفس الدائرة بحي المغربلين ، ولكنه لم يفز في أي مرة ولا أحد من زملائه بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة والذي كان مرشحا ً بالمحمودية مقر ولادته . وفي مساء يوم السبت 12 فبراير 1949 أغتيل البنا عندما كان خارجا ً من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودق جرس الهاتف داخل الجمعية فعاد رئيسها ليجيب الهاتف فسمع إطلاق الرصاص ، فخرج ليرى صديقه البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل ، وأخذ رقمها وهو رقم 9979 ، والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية وهو ما ثبت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952 ، وعلى الرغم من ذلك لم تكن الإصابة خطيرة فظل البنا متماسكا ، كامل الوعي وأبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه . ولفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الإغتيال بسبب فقده للدماء بعد أن منعت الحكومة دخول الأطباء أو معالجتهم له ، مما أدى إلى وفاته ولم تعلم أسرته إلا بعد ساعتين أخرين ، وأرادت الحكومة أن تظل الجثة في المستشفى حتى تخرج إلى الدفن مباشرة رافضين نقلها إلى البيت ، ولكن لولا ثورة أبيه تم الموافقة على نقلها إلى البيت بشرط أن يتم الدفن في الساعة التاسعة صباحا ً وألا يقام عزاء ، فيما أعتقلت السلطة كل رجل حاول الإقتراب من بيت البنا لحضور الجنازة فخرجت الجنازة تحملها النساء ، إذ لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطة لكونه مسيحيا ً ، إلا أنه بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 قرر مجلس قيادة الثورة إعادة فتح التحقيق في ملابسات مصرع حسن البنا وتم القبض على المتهمين بإغتياله ، وتقديمهم للمحاكمة وحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في أغسطس 1952 .