نُشرَ لي يوم الجمعة 25 يناير مقالٌ بعنوان »يأتي ويذهب.. ولا يرحل»، وقد تلقيتُ مكالمةً من السيدِ وزير التعليم العالي أكَدَ خلالها أن المنصبَ الوزاري أصبحَ مُرهقًا جدًا ولم يعدْ ترفًا وأن الوزير يخرجُ من منزله صباحًا ولا يعودُ إليه إلا بعد أن يُسدِلَ النهارُ أستارَه. وأكدَ السيدُ الوزير أن القيادةَ السياسيةَ تُكلِفُ وتتابعُ كلَ آداءٍ وأن زمنَ بقاءِ المسئولِ في منصبِه لسنواتٍ طوالٍ قد ولي، وأنه شخصيًا يبذلُ جَهدًا كبيرًا لتجديدِ الوزارةِ، وذلك بزيادةِ نسبةِ الدماءِ الجديدةِ في تشكيلِ مختلفِ اللجانِ، وأنه يَطرُقُ مختلفَ الموضوعاتِ الشائكةِ مهما تحملَ من مشاقٍ. شكرتُ السيدَ الوزيرِ علي اتصالِه ومتابعتِه، وأكدتُ أنني لا أقصدُ شخصًا بعينِه، وأنني بحكمِ زمالتِنا في نفس الجامعةِ علي إلمامٍ بنشاطِه أستاذًا ثم عميدًا بكليةِ طب الأسنان، وأن الكليةَ حصلَت وقتها علي التقديرِ في مجالِ خدمةِ المجتمعِ والبيئةِ. متابعةُ المسئولِ لما يُكتَبُ تعطي العملَ العامَ روحًا، وهو ما نأملُه دائمًا ونشكرُه، فنحن جميعًا في نفسِ القارب. المسئولُ وصاحبُ الرأي وجهانٌ لعملةٍ واحدةٍ، يتكاملان للصالحِ الأعمِ، المسئولُ يكترثُ بالرأي راجيًا الصوابَ، وصاحبُ الرأي يلتمسُ الحقيقةَ. وهنا تعلو قيمةُ الصحافةِ، فهي الضرورةُ والالتزامُ الذي ينقصُ وسائل التواصلِ الاجتماعي، وهي المنبرُ الذي لولاه ما كان الرأي وما طالعَ المسئولُ صورةً أخري ونبضًا مختلفًا. العالمُ الآن في زمنِ الصورةِ ولو مَكتوبةً، لم تعدْ وسائلُ الإعلامِ وحدَها مصدرًا للمعلوماتِ والصدِ والردِ بين أهلِ المسئوليةِ من ناحيةٍ، وأهلِ الرأي أو المواطنِ من ناحيةٍ أخري. لقد فرضَت وسائلُ التواصلِ الاجتماعي نفسَها كمصدر أساسي للرأي والتنفيسِ بكلِ سخونتِه وسرعتِه بلا قيودٍ أو التزاماتٍ تُقَيِّدُ وسائلَ الإعلامِ التقليديةِ مهما تطورَت تقنياتِها. يستطيعُ المسئولُ أن يعبرَ عن وجهةِ نظرِه في مقالٍ أو موضوعٍ منشورٍ، وهو ما يستحيلُ أمامَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي بكلِ عفويتِها. وسائلُ الإعلامِ معروفةٌ ملكياتُها ومن الطبيعي أن تكون لها سياساتُها، أما وسائلُ التواصلِ الاجتماعي فهي ملكٌ مَشاعٌ لملايين الملايين من الجامحين. كانَ لوسائلِ الإعلامِ التقليديةِ مصادرُها، والآن أصبحَت وسائلُ التواصلِ الاجتماعي أهمَ مصادرِها، لكن أتؤخذُ بلا مراجعةٍ؟ مستحيل... اللهم لوجهِك نكتبُ • أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس
