تعيش دولة فنزويلا منذ أيام علي واقع أزمة سياسية كبيرة ضربت أركان الحكم بعدما أعلن خوان جويدو زعيم المعارضة ورئيس البرلمان، توليه رئاسة البلاد في كلمة اشبه ببيان عزل للرئيس الفعلي نيكولاس مادورو. لتدخل بلد النفط أتون أزمة قاتمة تنفخ في نيرانها الولاياتالمتحدةالأمريكية، علي أمل جعلها سوريا جديدة تفكك بها أمريكا اللاتينية وتمتص مواردها بعدما رفض الجيش هناك الاعتراف بالرئيس الهابط علي كرسي الحكم بتعليمات من البيت الأبيض. تحول الوضع إلي ازمة بعد اعتراف الرئيس الامريكي ترامب بجوايدو رئيسًا مؤقتًا، ووصف رئاسة مادورو بأنها »غير شرعية»، علي الرغم من أن مادورو قد أُعيد انتخابه في مايو 2018، وأدي اليمين الدستورية قبل أسابيع فقط. في نفس الوقت الذي يقول جوايدو إن انتخابات 2018 تم تزويرها، وبذلك يصبح من حقه - بصفته رئيس الجمعية الوطنية - إعلان نفسه رئيسا للبلاد، بحسب الدستور. تداعيات الأزمة الفنزويلية، التي تحولت إلي ازمة دولية بعد ظهور جبهتين داخل البلاد وخارجها أظهرت ان هناك خمس سيناريوهات قد تتحرك فيها الأوضاع في كاراكاس وهي: بقاء الحال كما هو علي الرغم من الفوضي الحالية في فنزويلا، فمن المحتمل للغاية أن يبقي مادورو في السلطة، لأن قيادة القوات المسلحة الفنزويلية لا تزال موالية بشدة لمادورو. بالإضافة إلي سيطرة الموالين لمادورو علي العديد من المؤسسات المهمة الأخري في البلاد، مثل المحكمة العليا». كما أن مادورو ليس لديه أي نية للتنحي في الوقت الحالي حتي بعد خروج آلاف الفنزويليين في مسيرات مناهضة له. صحيح أن الضغط السياسي علي مادورو قد يضعفه، وستؤدي الضغوط الاقتصادية إلي تعقيد أية محاولة قد يقوم بها لتحسين الوضع الاقتصادي لفنزويلا، ولكن الحقيقة هي أن النتيجة الأكثر ترجيحًا في الوقت الحالي أن يستمر مادورو زعيمًا للبلاد. تنحي مادورو يمكن أن يتخلي مادورو عن الرئاسة إذا كان قادرًا علي اختيار زعيم جديد يشاركه نفس الأيديولوجية السياسية، ويؤمن بأن الاشتراكية الشعبوية والاستبدادية هي أفضل طريقة للحكم. ويتعلق هذا السيناريو بأن يجبر قادة الحزب الاشتراكي الذي ينتمي له مادورو علي التنحي واختيار شخص آخر للرئاسة.. في حالة صحة هذا السيناريو فهذا يعني أن مستقبل فنزويلا لن يختلف كثيرًا إذا ما ظل مادورو في منصبه. سيطرة المعارضة قد يؤدي الضغط المحلي والدولي المتزايد علي مادورو في النهاية إلي إجباره علي التنحي وإبرام صفقة مع المعارضة. ولكن، من غير الواضح ما قد تبدو عليه هذه الصفقة إذا تم إبرامها بالفعل، ولكن أحد الاحتمالات هو موافقة مادورو علي البقاء في السلطة حتي يتم إجراء انتخابات نزيهة ومن ثم رحيله حتي يتمكن الفائز من تولي المسئولية، واحتمال آخر هو تسليم مادورو السلطة عن طيب خاطر إلي جوايدو باعتباره رئيسًا مؤقتًا في الوقت الذي يدعو فيه إلي انتخابات جديدة، وتقديم عفو لمادورو بعد ترك منصبه بإرادته. سيطرة الجيش يُعد الجيش الفنزويلي إحدي أقوي المؤسسات في الدولة إن لم يكن أقواها، والتي تدعم مادورو حاليًا، ولكن إذا تفاقمت الأزمة السياسية، قد يقرر الجيش التدخل والاطاحة بمادورو والسيطرة علي مقاليد السلطة. وهناك احتمال بأن يدعو الجيش لإجراء انتخابات، ثم يتنحي للفائز، وهو سيناريو يثير مخاوف الشعب حيث يعيد للأذهان أيام الدكتاتورية العسكرية بفنزويلا. . ولكن ما يقلق، في هذا السيناريو، هو أن امكانية ان يضحي الحاكم العسكري مقابل الاستقرار الاجتماعي، وسيعني في الأغلب مجتمعًا قمعيًا يتمتع بقليل من الحريات الشخصية، وعدد كبير من السجناء السياسيين وهو ما تفضله واشنطن بشرط ان يكون علي علاقة جيدة معها. تدخل عسكري يُعد هذا السيناريو هو الأقل احتمالية، حيث أعلنت المعارضة الفنزويلية وعدد من قادة أمريكا اللاتينية معارضتهم لمثل هذه الحركة، كما انه من المرجح أن يدافع الجيش الفنزويلي عن مادورو، حتي إذا انشق بعض أفراد الجيش وانضموا إلي القوات الغازية، ويحمل هذا السيناريو مخاوف الحرب الاهلية طويلة المدي، التي تودي بحياة الآلاف وتفاقم المعاناة الاقتصادية التي يعيشها الفنزويليون. ويدعم هذا السيناريو التقارير التي أشارت إلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ارسل إلي كولومبيا قوة عسكرية مكونة من 5 آلاف جندي. فهناك فرصة -حتي لو كانت ضئيلة- أن يختار ترامب غزو فنزويلا عسكريًا أو علي الأقل بدعم دول المنطقة التي قد ترغب في التخلص من مادورو بالقوة، وهو ما يمكن أن يشعل غضب الأنظمة المعادية لواشنطن وعلي رأسها روسيا والمكسيك التي قدّمت هي الأخري ضمانات لعدم السماح بإسقاط النظام، وازداد الموقف تعقيدًا حين انضمت دول أخري لروسيا في دعم الرئيس مادورو، مثل تركيا وإيران، ما يعني أن هناك مواجهة شبه حتمية إما في الشوارع أو بين الدول الكبار وهي التي ستحدد في النهاية مصير الرئيس الفنزويلي. ■ مروي حسن حسين