بعد رحلة طويلة مع المرض، رحل عن دنيانا الكاتب الصحفي الكبير مصطفى بلال - مدير تحرير الأخبار.. رحل من علمنا الحب والإخلاص والتفاني والأمانة في العمل من أجل رفعة دار أخبار اليوم، التي كان يعشقها عشقًا بلا حدود.. رحل من ارتبط اسمه بصالة تحرير الأخبار التي كان لا يغادرها إلا بعد مراجعة صفحات الجريدة بعينيه الثاقبتين، فقد كان بمثابة »العين الأخيرة« التي تُراجع الصفحات، وهي مهمة لو تعلمون في غاية الأهمية لا يمنحها رؤساء التحرير إلا للأفضل من جميع النواحي المهنية والأخلاقية.. مات مصطفى بلال الذي ارتبط اسمه بصالة تحرير جريدة الأخبار الذي كان آخر من يُغادرها بعد مراجعة كل الصفحات مراجعًة دقيقًة والاطمئنان على تركيب الصفحات بمطبعة أخبار اليوم العملاقة في مدينة 6 أكتوبر. عرفته منذ دخولي جريدة الأخبار قبل أكثر من 30 عاماً شريفاً نزيهًا أمينًا لا يخشى في الحق لومة لائم.. كان دائما يساعد الكبير والصغير، ويحتضن المحررين الجدد لإزالة الرهبة من نفوسهم.. وطوال هذه السنوات كان مصطفى بلال نعم الأخ والصديق، محبوبًا من الجميع، نكن له كل تقدير واحترام.. عندما كان يتولى الملف التعليمي بجريدة الأخبار كان من أقوى وأمهر الصحفيين الذين كانوا يقومون بتغطية وزارة التربية والتعليم وكان يمتلك جرأة يحسده عليها الكثيرون..بمجرد وجوده في صالة التحرير كنا نطمئن ونثق بأن الجريدة ستصدر دون أي أخطاء سواء كانت لغوية أو مهنية، وكان دائمًا يضفي جواً من المرح والفكاهة على المكان. في الفترة الأخيرة داهمه المرض اللعين، وأنهك جسده، وقاوم بشدة حتى انتصر المرض في النهاية ليستريح جسده إلى الأبد.. وأثناء تشييع جنازته من مسجد الحصري في مدينة 6 أكتوبر لم أتخيل أن أجد كل هذا الحشد من الزملاء بدار أخبار اليوم صحفيين وإداريين وعمالا.. وكان اللافت للنظر ذلك الحضور القوي من الشباب الذين كانوا يبكونه بقلوبهم ودموعهم، رغم أنهم لم يُعاصرونه إلا فترات قليلة ليضرب لنا المثل والقدوة بأن المناصب زائلة، وأنه لا يتبقى للإنسان إلا حب الناس والسيرة العطرة. رحم الله الأستاذ مصطفى بلال، وندعو الله أن يسكنه فسيح جناته، وأن يُلهم زوجته الزميلة الفاضلة مهجة الدسوقي وابنتيه الصبر والسلوان.