لو كتب أي محلل عسكري الف مقال عن وضع قواتنا المسلحة علي الضفتين الشرقية والغربية لقناة السويس في الأيام الأولي لحرب السادس من أكتوبر عام 3791، ما استطاع أن ينقل الواقع بدقة ما نقلته ووصفته الصورة الرائعة التي نشرتها »الاخبار« أيام الحرب، وأعادت نشرها علي صدر الصفحة الأولي للملحق الذي صدر أمس بمناسبة مرور 83 سنة علي نصر أكتوبر، واختار له ياسر رزق رئيس تحرير »الأخبار « عنوانا موحياً ومنبهاً ومحذراً: »يا ثوار.. عدونا غدار«. الصورة صنعتها عيون وعدسات العقلية المحترفة لزميلنا المصور القدير مكرم جاد الكريم، والذي استطاع أن ينقل بكل دقة الوضع العسكري علي جبهة الحرب.. الصورة لأحد المعابر التي شيدها بسرعة ودقة جنود وضباط سلاح المهندسين البواسل ليشق الجيش طريقه الي قلب سيناء.. الدبابات تعبر في أمان تام فوق المعبر لكي تلحق ببقية القوات التي عبرت إلي أرض سيناء بعد طول شوق واشتياق.. أروع مافي الصورة ظهور أحد الجنود البواسل في ركن منهاوهو يحمل مدفعه الرشاش وكأنه مارد جبار يقول للدبابات والقوات : »اعبروا بسلام فعيوني وسلاحي بعد قوة الله تحرسكم وترعاكم«. لا أدري أي عبقرية احترافية تلك التي أوحت للمصور المتميز مكرم جاد الكريم أن يختار هذه الزاوية دون حاجة الي سطر واحد ليشرحها.. إنها الصورة والمشهد اللذان أعطيانا وقتها إحساساً بالأمان والاطمئنان إلي أن قواتنا قد عبرت القناة بصدق واستردت مساحات كبيرة من سيناء بصدق وأنها تسيطر علي الموقف بصدق، بعيداً عن بيانات الكذب والتضليل التي عشناها أيام »وكسة« 7691. .. إنها عبقرية المصور التي قدمت لنا صورة تساوي في قيمتها مليون مقال ومليون صورة .