تمثل دعاوي الحجر علي الوالدين قمة عقوق الأبناء في الفترة الأخيرة، وتشير الإحصائيات إلي تزايد أعداد تلك الدعاوي أمام محاكم الأسرة، ومؤكدة علي أن نسبة 90 في المائة منها كيدية وتعبر عن طمع وجشع وعقوق الأبناء وتجردهم من المشاعر الإنسانية إزاء والديهم. ويبدو للمحلل أن هذه الظاهرة - لها جذور تربوية أسرية، وخلل في المؤسسات التعليمية أو الدينية، وانعكاس سلبي للظروف الحياتية، وتدهور منظومة القيم. ومن ثم كان لابد من تشريع جديد يحفظ كيان الأسرة والمجتمع من الانفلات القيمي بتغليظ عقوبة الحجر الكيدية لمواجهة عقوق الأبناء للوالدين من مجتمعنا المصري. إن مآسي قصص عقوق الوالدين تملأ مختلف الصحف ودور المسنين ووسائل الإعلام وقاعات المحاكم بشكل يومي، إلي الحد الذي يعبر عن فظاعة الظاهرة، والاشمئزاز منها. إذ ليس من العدل أن يقابل الأبناء إحسان الآباء بالظلم والجحود والنكران... حتي لو وقعوا في بعض الأخطاء التافهة أحياناً، فكل ابن آدم خطاء وإنما عليهم الدعاء لهم بالهداية والمغفرة وإن يدركوا أن ما يفعلونه بوالديهم هو دين في ذمتهم يفعله لهم أبناؤهم لاحقاً، وأن الدور عليهم لا محال عندما يكبرون. ومن المؤكد يواجه مجتمعنا العديد من القضايا التي تحتاج إلي تشريعات جديدة لمواجهة هذه الظاهرة المتفشية التي تعكس حال الأسرة المصرية، ومدي تفككها، وتهدد الأسر مع زحمة الحياة واختلاط الأمور لدي الأبناء نحو الوالدين... ولمواجهة هذه الظاهرة المرعبة والقاسية علي قلوب الوالدين يقترح كاتب المقال التالي: أن يبادر مجلس النواب إلي مناقشة هذه الظاهرة ضمن جلساته الحالية، وإصدار تشريع جديد لتغليظ عقوبة دعاوي الحجر الكيدية للأبناء ضد والديهم ليضاف إلي قانون الأسرة الجديد، وذلك من خلال إعادة النظر في القانون الحالي بالحبس ثلاث سنوات بدلا من ثلاثة أشهر والغرامة خمسمائة ألف جنيه بدلا من مائة جنيه، كحد أقصي، وأن تكون هذه العقوبة تعزيرية وفورية يحددها القاضي حسب كل حالة، وحتي تكون العقوبة الجنائية والمالية عبرة للأبناء في أن من يتعجل الشيء قبل أوانه يعاقب بحرمانه. إن مثل هذا التشريع سوف يقضي علي ظاهرة عقوق الوالدين المتفشية في المجتمع والتي تعد دعاوي الحجر من أسوأ مظاهرها وذلك لتوثيق روابط الأسرة وتعميق الاحترام المتبادل فيما بين أعضائها. أنه مع تزايد أعداد دعاوي الحجر يستلزم إعادة النظر في المناهج الدراسية، وإفساح حق الأسرة في التربية، وتفعيل دور مؤسسات الإعلام والتنشئة الاجتماعية والدينية لطرح المزيد من الحوارات والإرشاد للحد من هذه الظاهرة واقتلاعها من مجتمعنا نهائيا. أن يكون واضحا عند مناقشة هذه القضية داخل مجلس النواب أنه مع جواز الحجر علي السفيه، ومع وجود حالات نادرة تستحق الحجر إلا أن الأحناف رفضوا الحجر عليه نهائيًا لأنه يمثل إهدارا لشخصية الإنسان ومساساً بآدميته وحقه في الحياة، ولأن غالبية الدعاوي يكون دافعها طمع وعقوق الأبناء واستعجال وراثة الوالدين. • أستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية