الإرهاب.. الهجرة.. اللاجئون ملفات بطولية لمصر رغم أنف المتربصين • • • الرئيس مهد الطريق الأفريقي.. والكرة في ملاعب الحكومة والمستثمرين والإعلام »رحلة المحاور المتعددة والأهداف المتوازية والمتلاقية أيضا».. هكذا يمكننا أن نصف الغالبية العظمي من زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي الخارجية.. فلا يكتفي الرئيس بهدف واحد أو حدث أو مناسبة وحيدة يشملها برنامج الزيارة.. إنما يحاول استغلال كل دقيقة وكل فرصة ممكنة علي هامش زياراته ليخلق لها زخما إضافيا وجهدا يثمر في كل إتجاه متاح. وزيارة الرئيس السيسي الأخيرة للنمسا من تلك النوعية من الزيارات التي يمكن أن نطلق عليها مصطلح »متعددة المهام».. فرغم أن الحدث الرئيسي للزيارة هو إقامة منتدي افريقيا أوروبا.. لكن الرئيس لم يترك تلك الفرصة تقتصر علي المنتدي فقط.. انما حولها لفرص ذهبية ترسخ اقدام مصر الجديدة وتطلقها شرقا وغربا.. تعمق شراكتها وقوتها شمالا في اتجاه أوروبا.. وتعزز قيادتها وريادتها للأشقاء الافارقة جنوبا.. لتتحول من مجرد مشاركة في حدث مهم الي تحرك مكثف متعدد الأفرع يثمر ثمرا طيبا يانعا بأشكال ومذاقات مختلفة.. لكنها جميعا تصب عافية في وطننا الناهض والساعي لاستعادة شبابه ورونقه. وحتي لانكون كمن يقر واقعا علي طريقة وصف الماء بالماء.. نتناول بشرح مختصر ومبسط.. أسباب ما قلناه ونعرض بحيادية أبعاد كل اتجاه حققت فيه الزيارة ومن وجهة نظري المتواضعة تقدما مهما وخطوة علي الطريق الصحيح. وإذا بدأنا بالاتجاه الدولي.. نجد انه لم تكن النمسا فقط هدف الزيارة.. لكن كان حسن استغلال النمسا انطلاقا من رئاستها الحالية للاتحاد الاوروبي لتخاطب أوروبا كلها بل والعالم بأثره.. خطابا قد يبدو مكررا احيانا لكننا نحتاج وبشدة لهذا التكرار بل ومضاعفته لترسيخ الصورة الحقيقة للنهضة التي تتم حاليا علي أرض مصر.. فالحملة التي استهدفت مصر بعد ثورة 30 يونيو لإسقاطها لم تتوقف حتي ولو بدت متباطئة.. ولم تخمد نيرانها حتي وان شعر البعض انها تخبو.. فالمتربصون بوطننا يستغلون كل حدث ومناسبة ليزيدوا جذوة حربهم علي مصر.. بجانب تشويه كل جديد وجميل يتم علي أرض الكنانة.. وهذا كما قلت يتطلب استمرار المواجهة المباشرة لتلك الحرب حتي لاتبارح مكانها ومستنقعها.. هذا جانب مهم لزيارة الرئيس لتصل ابتسامته ونظرة ثقته في نفسه وبلده بقوة من فيينا لجميع العواصم الأوروبية تدحض معها كل بهتان وزور يقال عن مصر. نأتي أيضا الي عدة نقاط وادوار بطولية تقوم بها مصر وتحتاج أيضا للمزيد والمزيد من التأكيد عليها حتي ولو كره الناعقون وأصوات البوم والكلاب التي لم ولن تكف عن النباح في وجه مصر.. هذه الأدوار التي تلعبها مصر لم تحم أوروبا وحدها انما العالم كله من شرور لا قبل للكثير من الدول بها.. في مقدمتها الحرب الضروس التي يخوضها ابناء مصر البواسل نيابة عن العالم ضد الإرهاب الأسود.. فماذا لو فشلت مصر لاقدر الله في تلك الحرب.. أوروبا أول من سيكتوي بنار الإرهاب.. ثم العالم كله. وهناك الجهود المصرية الكبيرة في وقف الهجرة غير الشرعية الي أوروبا حماية لأرواح المهاجرين من مصير مجهول.. لكنها تصب أيضا في مصلحة أوروبا والعالم.. يليها ما تقدمه مصر لأكثر من 5 ملايين لاجيء علي أراضيها تحتضنهم بشرف دون أن تتاجر بقضيتهم سعيا لتحقيق مصالح.. وكان لزاما أن تسمع أوروبا والعالم من جديد ما تقوم به مصر في تلك الملفات المصيرية. افريقيا والقيادة العائدة نصل الي الساحة الإقليمية وتحديدا أفريقيا.. فهي أيضا كانت الهدف الرئيسي للزيارة ليس فقط من اجل المشاركة في منتدي أوروبا افريقيا.. لكن أبعد من ذلك.. فالمتابع لزيارات الرئيس السيسي يجد انه يحرص علي الحضور في كل حدث يتعلق بأفريقيا.. وهذا المنتدي كان حضوره لزاما لعدة أسباب أهمها استلام مصر بعد أسابيع رئاسة الاتحادالافريقي.. ناهيك عن السبب المحوري وهو إيمان الرئيس بأن أفريقيا العمق الاستراتيجي الأهم لمصر.. والذي أهملناه لسنوات وبدأنا نجني الحصاد المر لهذا البعد الغريب عن السياسة المصرية طوال تاريخها. وكان حديث الرئيس واضحا في سياسة مصر الفترة المقبلة تجاه افريقيا.. فقد رسم خريطة لآلام القارة وايضا أمالها.. واستعرض في ثقة إمكانياتها التي تجعلها أرض المستقبل.. وكيف تخطط مصر لتدريب الأفارقة وتأهيلهم للمستقبل الذي تستحقه قارتهم.. كل هذا الكلام مربوط بالجارة الأهم والأقرب لأفريقيا وهي أوروبا.. التي تستحوذ علي 40٪ من حجم الاستثمارات المباشرة لأفريقيا.. وحجم تبادل تجاري يتجاوز 230 مليار يورو.. فكان حديثه موجها للقارتين معا إيذانا ببدء مرحلة وعصر مصر للقارة السمراء. بالطبع تنتظر افريقيا من مصر الكثير خلال رئاستها الاتحاد الأفريقي سواء لنقل التجربة والعزيمة المصرية في إطلاق حلم التنمية أو وضع اقدام القارة علي الطريق الصحيح للمستقبل.. وتجلي هذا الأمل في إقبال القادة الأفارقة علي الترحيب بالرئيس بقاعة المنتدي. المصب النهائي نصل الي أهم ما في الموضوع ومحور كل هذا والمصب الذي تتجمع فيه كل الخيوط.. وهي الشأن الداخلي.. فمصر هي دائما المستهدف والمبتغي.. وكل ما ذكرناه عن ايجابيات تلك الزيارة يصب حتما وضروريا في صالح مصر وشعبها.. فبجانب ماذكرناه من جهود تحسين الصورة وترسيخ الواقع الجميل بمصر.. وهو ما يفيدنا بالطبع علي كافة المستويات.. هناك اتفاقيات ثنائية تم توقيعها خلال الزيارة مع الجانب النمساوي في الاستثمار والتعليم العالي والاتصالات والجامعات وغيرها. ثم اذا كنا نتحدث عن بدء عصر جديد للعلاقات الأوروبية الافريقية المشتركة.. فلابد لنا أن نتنبه ونتيقظ لنقطة غايةفي الأهمية.. فإذا كانت أوروبا تنظر بنظرة مختلفة لأفريقيا.. نظرة شراكة لاتبعية خاصة في الاقتصاد والتجارة المتبادلة.. فإن امام مصر فرصة ذهبية لاستغلال هذه العلاقات التجارية المشتركة وان تتحول موانئها الي بوابات عبور البضائع الأوروبية الي افريقيا والعكس صحيح بأن تصبح معبر المنتجات والمواد الخام الأفريقية الي أوروبا. الكرة بملعب من؟ الان الرئيس وضع الاساس في كل الاتجاهات.. ولابد أن يبني الجميع علي هذه الاساسات القوية.. الكرة الآن في عدة ملاعب.. أولها وأهمها ملعب الحكومة. لابد من تحرك لوزارة الخارجية والهيئة العامة للاستعلامات وكافة سفاراتنا بالخارج لاستغلال زيارة الرئيس للنمسا بل وما سبقها من زيارات لنواصل توضيح حقيقة ما يحدث بمصر.. ومد جذور التعاون البناء المثمر مع تلك الدول.. والسعي في اتجاه النمسا التي تبدي حرصا كبيرا مثل كثير من الدول علي التعاون مع مصر.. ونحول هذه الرغبة لتعاون حقيقي في عدة مجالات. الحكومة مطالبة وعلي وجه السرعة ان لم تكن قد بدأت بعد بإعداد أجندة مصرية متكاملة وتصور شامل لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.. يحقق أولا مصالح قارتنا السمراء ويرسخ القيادة المصرية التاريخية للقارة.. وارساء مبدأ الاستفادة المشتركة.. وثانيا يستغل هذا التصور الفرصة الذهبية الكبري امام مصر لتكون بوابة افريقيا الاقتصادية. والملعب الثاني خاص برجال الاعمال والمستثمرين والمطالبين بالا ينظروا تحت أقدامهم بحثا عن مكاسب سريعة برؤية ضيقة.. لكن بنظرة أشمل وأعم.. نظرة الي المستقبل.. مستقبلهم بالتأكيد ومعه مستقبل بلدهم وأن يوجهوا إهتماماتهم للقارة السمراء مستغلين عدة نقاط إيجابية بعضها تأكد بمنتدي فيينا.. منها أهتمام أوروبا بأفريقيا.. والتوجهات الاقتصادية لقارتنا التي كشفها قادة أوربا خلال فعاليات وجلسات المنتدي.. ثم رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي.. وأخيرا فإن ملعب الاعلام ليس ببعيد.. الهيئات الإعلامية مطالبة بخطة مشتركة بينهم ترسخ علاقتنا الإعلامية مع دولة تسعي لمصر وتهتم بها مثل النمسا وهو ما لمسناه جميعا خلال الزيارة.. وثانيا أن تكون افريقيا هدفا استراتيجيا لتوثيق العلاقات الإعلامية معها مساندة من الاعلام لتوجه الدولة وسياستها الجديدة مع افريقيا. وهكذا نري في هذا العرض المختصر أن الزيارة متعددة المهام.. أصاب فيها الرئيس أهدافا عدة..بقي أن نسارع بالتحرك لنجني الثمار خاصة السياسية والإقتصادية.