لا نتجاوز الواقع في قليل أو كثير، إذا ما قلنا ان هناك حالة من الاحباط، والضبابية، منتشرة في كتابات كثيرة، وشائعة علي ألسنة العديد من أصحاب الرأي والفكر، في الآونة الاخيرة، تعبيرا عن حالة القلق العام، التي انتابت عموم الناس وخاصتهم، وفي المقدمة منهم النخبة من الكتاب والمثقفين، نتيجة ما يرونه سائدا علي الساحة اليوم، ومنذ فترة ليست بالقليلة، من خلاف حاد ومشتعل بين القوي والفاعليات والاحزاب والائتلافات، حول قضايا الواقع، ورؤي المستقبل. ولعل ما يساعد علي زيادة حدة الاحباط، هو ما وضح خلال الايام، والاسابيع، والشهور الماضية، من انقسام حاد بين هذه القوي، وسعي حثيث من القائمين عليها، علي التأكيد علي ان كل منهم هو وحده صاحب الثورة، ومفجرها في الخامس والعشرين من يناير، وانه وحده الذي يملك الحق في الحديث بإسمها، وركوب صهوة جوادها، ورفع لوائها. ليس هذا فقط، بل ان الاكثر من ذلك، والاشد مرارة وحدة وعنفا، ان كلا منهم يلقي علي الآخر عبء السير في عكس الاتجاه، ويوجه له الاتهام تلو الآخر بانه يريد سرقة مكاسب الثورة، وانه المسئول عن انحراف المسار، والمتسبب في جميع الأخطاء والسلبيات التي حدثت،...، في الوقت الذي يؤكد فيه انه هو وحده الذي ضحي، وانه هو وحده الذي تحمل المخاطر وقدم التضحيات، وانه وحده الذي يستحق الاحترام والتقدير. وياليت هؤلاء جميعا لا ينسون الحقيقة المؤكدة التي يؤمن بها الشعب، وهي ان هذه الثورة هي ثورة الشعب، وكل المصريين، وأن الشباب من ابنائه المخلصين هم الذين فجروها وتحملوا شجاعة القيام بها، وان الشعب كله التف حولها، وآمن بمبادئها النبيلة والسامية، الهادفة الي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في ظل الديمقراطية، وسيادة القانون، تحت لواء الدولة المدنية الحديثة. يا سادة هذه ثورة مصر كلها وليست ثورة فئة دون اخري، وياليتنا نفهم ذلك ونقف يدا واحدة في مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها مصر وثورتها. »نواصل غدا إن شاء الله«