يتفق جميع الخبراء والمتخصصين علي جهود بناء الدولة المصرية الحديثة والتي محورها الأساسي تطوير وتحديث منظومة التعليم التي تدني أداؤها. هذا التراجع في منظومة التعليم انعكس بشكل سلبي علي مستوي الخريجين في المدارس وبالتالي الجامعات كان لذلك أثر سلبي فيما يتعلق بنسب البطالة داخليا وخارجيا. في هذا الشأن فلا جدال أن الدكتور طارق شوقي وزير التعليم تحمل بشجاعة وجرأة مسئولية ما يتطلبه هذا التطوير. انه يشمل تغيير جذري في المسيرة التعليمية. بالطبع فإنه ما كان يمكنه التقدم في هذا المخطط لولا الدعم والمساندة من الرئيس عبدالفتاح السيسي. انطلاقاً من هذا التوجه الايجابي فإنه حان الوقت لأن نؤمن بأن التعليم الفني يحتاج إلي ثورة. هذا يتطلب تحويله إلي مراكز تخريج فنيين تكون مجالات العمل مفتوحة أمامهم في الداخل والخارج. لاجدال أنه لا مجال لنجاح هذه المهمة دون الاستعانة بخبرات من الدول التي حققت تقدما هائلا في هذا المجال. وقد تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي هذه القضية في مباحثاته مع المستشارة الألمانية ميركل ومع الوزراء ورجال الصناعة الألمان. حيث وقع وزير التربية والتعليم اتفاقية تعاون مع نظيره الالماني ووقع ايضا وزير التعليم العالي اتفاقية انشاء جامعة تطبيقية. يأتي ذلك باعتبار أن ألمانيا تعد من الدول السباقة منذ سنوات في إقامة مدارس التعليم الفني في كل المهن. أعتقد أن فتح هذا الموضوع لم يكن سيأتي من فراغ ولكن له قاعدة سبق التعاون بشأنها لإرساء وتحديث هذا التعليم في مصر علي أسس سليمة . جري ذلك في عهد الرئيس الأسبق مبارك. هذا المشروع الذي واجه الكثير من العقبات والحرب وسوء التنظيم . انه كان يحمل اسم »مبارك كول».. المستشار الأسبق لألمانيا. ظل يعمل لعدة سنوات إلي أن تم إجهاضه وتصفيته. تم عقد هذه الاتفاقية علي ضوء التجربة الفريدة الناجحة التي خاضتها ألمانيا وحققت نجاحا في تخريج عمالة علي أعلي مستوي في كل المهن. هؤلاء الفنيون هم وراء تميز أداء العمالة الألمانية خاصة في المجال الصناعي الذي يغزو العالم منتجاتها. بالطبع ويقينا فقد أصبح معلوما ان رجال الصناعة والساسة يقلقهم ازدياد عدد خريجي الجامعات والمدارس الفنية غير المؤهلين. هذا أدي إلي أن يعاني هؤلاء الآلاف من البطالة لعدم لياقتهم للعمل المتوافر في الأسواق. الإقبال علي هذا التعليم مرهون بتوافر فرص العمل ومايتحقق من اجور مجزية . حان الوقت للنظر في عدد الذين يلتحقون بالجامعات التي عليها أن تحدد عدد المقبولين بما يتفق وإمكانيات الطالب ودرجات تفوقه. في نفس الوقت فإنه لابد من الحد من الالتحاق بالكليات النظرية حيث إن التقدم والتطور التكنولوجي يحتاج إلي الدراسات العلمية التي تساير الاحتياجات. لا جدال أن هناك فرصة كبيرة من الزيارات التي يقوم بها الرئيس السيسي والمسئولون للدول المتقدمة لبحث هذه القضايا والحصول علي أكبر استفادة بشأنها. من المؤكد أنه يمكن استثمار العلاقات الوطيدة بقياداتها. مثل ذلك في اليابان والصين. ان الفرصة متاحة لبحث هذا الموضوع الذي يمثل أهمية استراتيجية لمستقبل مصر.