لا شك ان إنشاء وزارة للتعليم الفني والتدريب في التعديل الوزاري الأخير يعد خطوة علي الطريق الصحيح الذي يجب ان نسير فيه إذا كنا حقا نريد بناء الوطن وتحقيق التنمية في كل مكان والاستفادة بالطاقات والامكانات بشرية وغير بشرية لتعظيم العائد وتحقيق الرفاهية للشعب. هذا التعديل يعد ترجمة فعلية لما نص عليه الدستور الذي أكد علي التزام الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره والتوسع في أنواعه كافة وفقا لمعايير الجودة العالمية وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل "المادة 20". وربما لهذا السبب قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول اجتماع له بالوزراء الجدد: ان أهمية التعليم الفني والتدريب دعت إلي استحداث حقيبة منفصلة لهذا القطاع مؤكدا ان الدولة المصرية ستولي التعليم الفني والتدريب المهني أهمية كبيرة خلال المرحلة المقبلة لربط هذا التعليم بسوق العمل والارتقاء بمهارات الفنيين. الكلام واضح ومحدد وبقي من الوزير المسئول ترجمته علي أرض الواقع من خلال رؤية مستقبلية واستراتيجية يجري تنفيذها وتعتمد أولا علي تغيير النظرة إلي هذه النوعية من التعليم وانه ليس درجة ثانية مقارنة بالجامعات وهو الواقع عندنا الان!! كما تعتمد هذه الرؤية ثانيا علي ضرورة توفير الورش وأماكن التعليم الفني والتدريب بحق لإعداد الكوادر التي نحتاج إليها اليوم ومستقبلا وفي كل المجالات. بمعني ألا تعتمد هذه الوزارة الجديدة علي نموذج التعليم النظري وفقط مثلما يحدث الآن.. وإلا ستكون استمرارا لمسلسل الفشل الذي نعايشه ونعاني منه في تخريج أجيال تنضم إلي جيش البطالة بسبب نقص الإعداد والتدريب ومراعاة حاجة سوق العمل من التخصصات والمهن المطلوبة. لابد أن يكون لدينا حصر شامل باحتياجات اسواق العمل اليوم ومستقبلا من كافة التخصصات وما تتطلبه المجالات الجديدة والتي سنقتحمها بعد المؤتمر الاقتصادي من عقول فنية مدربة وقادرة علي العطاء والابتكار. وهنا لابد ان نذكر ان النهضة الألمانية واليابانية قامت من خلال الاهتمام بالتعليم الفني باعتباره قاطرة التنمية والانطلاق والتحديث.. حيث تم استثمار الأيدي العاملة الماهرة والعقول البشرية المدربة في التحديث والابتكار.. وبهذه الطريقة حققتا النهضة الاقتصادية غير المسبوقة والتي يتحدث عنها العالم. أتمني ان يعكف الوزير محمد يوسف خلال الشهور القليلة المتبقية علي انتهاء هذه السنة الدراسية في بحث هذه القضية من كل جوانبها للخروج بمنتج جديد للتعليم الفني خلال العام الدراسي الجديد 2015/2016 يحقق الجودة التي نتمناها خاصة مع بدء الموازنة الجديدة التي ستبدأ في شهر يوليو القادم. مشاكل التعليم الفني في المدارس والمعاهد وانعدام التدريب والإعداد الجيد طوال العقود الماضية ساهمت في ضعف قدرات ومهارات الخريج وجعلت سوق العمل يرفضه.. وواجب الوزير الجديد ان يقدم علاجا ناجعا لهذه المشكلة في ظل الدستور وتوجيهات رئيس الدولة.. فهل يفعل؟! أتمني.