لم تبح واحة سيوة بكل أسرارها حتي الآن، ومازالت تلك الواحة الخضراء القابعة أقصي جنوب غرب البلاد في صحراء مصر الغربية تفشي لنا كل حين ويوما بعد يوم سرا من أسرارها، وتستمر في الاحتفاظ بلقبها »واحة الأساطير»، بطبيعتها الخلابة حيث تنتشر علي أراضيها اشجار النخيل والزيتون وعيون المياه المتدفقة من باطن الأرض والتي يعود تاريخها إلي العصور الرومانية القديمة، كما تزخر بكنوزها التاريخية والأثرية كمعبد الإله آمون ومعبد الوحي أو التكهنات وقاعة تتويج الاسكندر الاكبر وجبل الموتي. ومع نهاية الأسبوع الماضي كانت الواحة الساحرة علي موعد مع بدء الأعمال في ترميم قلعة شالي القديمة أو الحصن القديم بحضور د.خالد العناني وزير الاثار ود.رانيا المشاط وزيرة السياحة واللواء مجدي الغرابلي محافظ مطروح وعدد كبير من سفراء الدول الأوروبية بالتنسيق مع احدي كبري الشركات المتخصصة في فنون العمارة البيئية ووزارة الآثار لتنفيذ مشروع احياء وترميم مدينة شالي القديمة الأثرية في وسط واحة سيوة بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وتتضمن أعمال الترميم كما يقول المهندس عماد فريد المشرف علي أعمال الترميم من جانب الشركة المنفذة، إقامة وبناء جدران المنازل المنهارة وإخلاء الشوارع والأزقة من الأنقاض داخل المدينة وبناء السور المحيط بالقلعة بنفس المواد المعمارية التي انشات بها شالي القديمة وانشاء مركز صحي علي الطراز البيئي لخدمة أبناء الواحة وترميم المباني والفراغات في الموقع الأثري لرفع مكانة شالي كاحدي مناطق الجذب السياحي الثقافي لسيوة وبناء قدرات السكان المحليين علي ترميم ممتلكاتهم باستخدام طرق البناء التقليدية وتعد مدينة »شالي» القلعة القديمة من أشهر معالم سيوة التاريخية، ويعود تاريخ هذه المدينة القديمة إلي مئات السنين وتعني كلمة »شالي» باللغة السيوية القديمة »المدينة»، ويوضح عبد العزيز الدميري مدير عام آثار مطروح وسيوة وأحد أبناء الواحة أنها كانت عبارة عن بلدة صغيرة يسكنها نحو ستمائة شخص يعرفون باسم »سيوة»، وبها حدائق نخيل وأشجار زيتون ولكن تضاءل عدد سكانها حتي أصبحوا أربعين رجلًا فقط، نتيجة لاعتداءات القوافل وقطاع الطرق مما اضطر أهلها لتركها واختيار موقع جديد شيدوا فيه قرية جديدة محصنة فوق الجبل يشعرون فيه بالأمن والطمأنينة، ولم يكن ذلك الموقع الجديد الذي اختاروه إلا مدينة سيوة الحالية، وقد شيد أهل الواحة الصغيرة منازلهم علي منحدر التل وأحاطوها بسور متين البناء ولم يجعلوا له غير باب واحد مازال قائمًا إلي الآن، باسم »الباب انشال» ويعني »باب المدينة»، وفي الجهة الشمالية من السور يوجد الجامع القديم، وبعد مرور قرن فتحوا بابًا ثانيًا أطلقوا عليه »الباب أثراب» أي الباب الجديد. وقاموا بعد ذلك بفتح باب ثالث للمدينة من أجل النساء سمي »باب قدوحة» . وعن الزمن القديم الجميل في شالي، يحكي لنا محمد العوضي مدير قطاع الآثار الإسلامية بمطروح وسيوة أن مدخل القلعة الذي يؤدي إلي دهليز ضيق به مقعد مُشيّد من الطين، كان يجلس عليه حارس البوابة وعلي مقربة منه موقد، كانت تشتعل فيه النار ليلًا ونهارا يؤدي إلي شارع ضيق خلف البوابة مازال باقيًا ويتسع المكان مع وجود لمصاطب كان يجلس عليها أهالي المدينة، مشيرا إلي وجود المسجد العتيق وهو أقدم مساجد الواحة والذي أنشئ مع إنشاء المدينة. ويؤكد اللواء مجدي الغرابلي محافظ مطروح انه يتم العمل حاليا علي تحقيق التنمية بجميع مدن المحافظة من خلال تعظيم والاهتمام بكافة الموارد، مشيرا إلي ان مطروح تمتلك العديد من المقومات من سياحة علاجية وشاطئية وبيئية بالاضافة إلي متحف اثار مطروح الذي يضم ما يقرب من 1000 قطعة اثرية تمثل مختلف العصور، ويوضح انه سيتم الاهتمام ودعم السياحة البيئية خاصة وانها من اهم انواع السياحة خاصة بواحة سيوة، مشيرا إلي أنه تم افتتاح مسجد تطندي بواحة سيوة الاسبوع الماضي بعد ترميمه، وسوف تستمر اعمال الترميم في مدينة شالي القديمة لمدة ثلاث سنوات، وسيتم افتتاح اجزاء منها علي مراحل بعد انتهاء أعمال الترميم ليعود للقلعة وجهها التاريخي والاثري الذي يميزها .