[email protected] بعيدا عن نظريات أساتذة الاستراتيجية والدراسات السياسية.. فإن الدولة الفاسدة هي الدولة التي تأكل شعبها. هي الحكومة التي تجور علي حقوق الشعب.. وتنهب ثرواته.. وإذا اعترض فإنها تقبض عليه وتضربه.. حتي يزهق من العيشة.. ويهاجر يغسل أطباقا ويمسح البلاط في بلاد الشرق والغرب. لقد عشنا هذا الزمن.. وللأسف مازلنا نعيشه رغم أن ثورة 52 يناير جاءت لتخلصنا منه ومن آثاره.. وهل نجحت الثورة في ذلك؟! مازلت أري أن أمام الشعب الكادح الكثير والكثير حتي يصحح أوضاعه من عصر الفساد إلي عصر الطهارة.. من عصر القهر والاستبداد إلي عصر الحرية. إنني أري صورة ضبابية لما نتمناه.. صورة لا تعبر عن الخروج إلي النور.. أكثر ما أري هو النفاق.. سواء كان نفاقا شخصيا أو نفاقا مجتمعيا.. إنني أري نفس الشخوص تسيطر علي الساحة.. ليست السياسية فقط.. بل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية والثقافية.. هؤلاء الوزراء.. هم من كانوا من موظفي الدرجة الثالثة في وزاراتهم قبل يناير 1102.. هؤلاء الكتاب هم هم وإن اختلفت بعض الأسماء.. وإن اختلفت كلماتهم وتحولت من تسبيح بحمد السلطان وحوارييه إلي ذم فيهم جميعا.. حسب مقتضي الحال! أليست هذه صورة ضبابية للمشهد المصري.. تجعل العاقل يحتار بين ما جري وما يجري!؟ إننا مازلنا في عصر الفساد.. عصر تسيطر فيه طغمة من المنافقين.. بعد أن قاموا بتحييد الشباب الذي قام بالثورة وضحي.. واستشهد منه الآلاف.. انظر مثلا أيها القارئ العزيز إلي القنوات الفضائية تجد الخبير فلان الفلاني ومثله الخبير العلاني علي قناة أخري.. ثم يتم التبادل.. يخرج هذا الخبير من هنا لتجده يطل عليك من هناك.. نفس »البُق«.. وإذا قال »بوقين« في قناة يقلبهما كما الشراب النتن المعفن علي الوجه الآخر في قناة أخري! وماذا جري للوزراء.. لا أدري وكأنها السكتة القلبية.. فهذا الوزير كان وزيرا أو محافظا أو رئيسا لهيئة أو مؤسسة أو جامعة في العهد البائد.. ولأنه من العزوة أو من المقربين.. فقد جاء وزيرا.. نفس الخطط والبرامج والأفكار.. والتنفيذ لا يوجد.. »اللهم كثرنا من الكلام المعسول وقللنا من التنفيذ حتي لا نقع في المحظور«! فالكلام ليس عليه جمرك.. وسهل وميسر وموجود.. أما الفعل والإنتاج والتنفيذ فهي من المحرمات أو المحظورات التي نتحاشاها.. لم يعجبني أداء الحكومة منذ طلعت علينا حكومة شفيق وبعدها حكومة شرف.. أشعر وكأنني كومبارس في تمثيلية.. كل مهمته ان يضربه البطل علي قفاه!.. هل يعقل أن يبقي المواطن كومبارس في مسرحية هزلية.. وهو البطل الحقيقي للرواية الأصلية.. هو الذي ضحي ودفع الغالي والرخيص ثمنا للحرية. ماذا تم في تحسين أحوال المواطنين؟!.. لاشيء.. الأسعار نار نار.. والحكومة مكتوفة الأيدي أمام جشع التجار. البلطجية يسيطرون علي الشارع.. والأمن غائب بفعل فاعل. الانفلات الإعلامي أصبح صداعا في رأس المجلس العسكري والحكومة.. ولا أحد يستطيع كبح جماح الحصان الشارد في الإعلام.. لا وزير الإعلام يستطيع.. ولا نقابة الصحفيين تستطيع. ولا المجلس الأعلي للصحافة المنحل يستطيع.. وبمناسبة المجلس الأعلي للصحافة لقد صرح الدكتور علي السلمي أكثر من مرة أنه سيعيد تشكيله ولم يتقدم خطوة.. وكأنه يقول تصريحات بالليل يمسحها ضوء النهار. وهذا المبني المشوه بالحرائق التي أتت علي بنيانه الحزب الوطني وتابعه عدة مجالس لا لزوم لها.. وعلي رأسها المجلس الأعلي للصحافة.. إلي متي يستمر هذا المسلسل الهزلي.. الذي يدير المؤسسات الصحفية القومية من تحت الترابيزة.. وإذا كان سبب وجوده صرف دعم الصحفيين فيمكن للنقابة الحصول علي الدعم من وزارة المالية مباشرة دون سمسرة من المجلس الأعلي للصحافة. وبهذا يتحرر الصحفيون والمؤسسات الصحفية من سلاسل المجلس الأعلي. أليست هذه مظاهر الدولة الفاسدة! تذكروا كيف سقط النظام السابق.. في غمضة عين.. لم يكن أحد يصدق ما يجري.. فورة شباب يئس من حياته.. لم يطمئن إلي مستقبله.. تجمع علي الإنترنت.. وتآلف وتطهر من عبودية النظام الفاسد.. خرج وثار وصمم علي استمرار الثورة.. وانتفض معه الكثير من الأحرار الذين تشجعوا من فورة الشباب.. وخرج رأس النظام يكابر.. ويهادن ويناور.. لكن حد السيف كان قد خرج من جرابه وتزامن ذلك مع تصرفات حمقاء من فلول الحزب الوطني الهش.. كما انني أتصور أن الله سبحانه وتعالي ألهم الرئيس السابق »الغباء« فلم يعد قادرا علي التصرف بحكمة أفقدته رصيده بين الكثير من الناس.. خاصة وأن بطانة السوء قد أحكمت إحاطته وقبضتها عليه.. فلم يعد قادرا علي أي تصرف.. وانتهي به المقام إلي مستشفي شرم الشيخ ليحقق معه بتهم الفساد والتربح وتربيح آخرين وانكشف المستور.. وأصبح الكثير من الشعب ناقما عليه وعلي فترة حكمه.. وانتهي زمنه بوضع نجليه في السجن.. ووقوفه بقفص الاتهام بجوارهما.. من الجاني؟ هذا ما ستكشفه المحكمة. وتكشفت بعد ذلك أسرار حكم مبارك.. ورأي الشعب كم الفساد الذي سيطر علي مصر خلالها.. كانوا يتحدثون عن الريادة وهم أراذل الناس.. كانوا يتحدثون عن العدل والإنصاف وهم الراشون والمرتشون.. وكما قال قاضي القضاة حسام الغرياني كانوا يشترون القضاة بشيكات ومناصب.. هل هناك إفساد أكثر من إفساد قاض.. باعوا مصر وأرضها لحفنة من رجال الأعمال وكم انتقدت حكومة رجال الأعمال وقت تعيينها الشعب ينام في العشش والطرقات والمساكن العشوائية.. وهم يملكون القصور والفيلات في كل مكان.. يأكلون من باريس وروما بطائرات مباشرة تأتي بالأكل »سخن« والناس في مصر تبعثر أكوام الزبالة بحثا عن لقمة عيش تسد رمقها أو رمق طفل جائع.. هم يشربون المياه المعدنية والشعب يشرب المياه الملوثة.. هم لا تنقطع عنهم أبدا الكهرباء أو المياه أو أية خدمات.. فالدولة كلها مسخرة لهم ولأبنائهم.. والشعب يعيش في الظلام حتي يأتي النهار.. ولو كانوا يستطيعون حجب نور ربنا لفعلوا! والعياذ بالله. إنني أؤكد علي مدي المعاناة التي عاشها الشعب المصري طيلة حكم الفساد.. وآن له أن ينعم بخيرات بلده.. لهذا نحتاج إلي وزراء يقدرون الشعب وحاجته وأهمية خدمته.. الوزير هو خادم هذا الشعب.. والمحافظ هو الأمين علي تقديم جميع الخدمات لهذا الشعب.. من لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة.. عليه أن يستقيل.. أكرم له.. ولنا وللشعب العظيم.