أين وصلت الأبحاث الزراعية في مصر وما البدائل التي يمكن الاعتماد عليها لتعويض النقص في المحاصيل الرئيسية كالقمح والزيوت! وإلي متي سيستمر ذبح البتلو؟ ولماذا لا يطبق القانون! وهل سيقتصر مشروع ال 1٫5 مليون فدان علي اقامة مجتمعات زراعية فقط أم أنه سيمتد ليشمل مجتمعات متكاملة وطرقا وكباري وخدمات صحية وتعليمية! وما الأسباب التي أدت إلي ارتفاع أسعار الاعلاف والذي نتج عنه ارتفاع أسعار اللحوم!.. كل ذلك من الاسئلة وغيرها نواجه بها د.كميل متياس نائب رئيس مركز البحوث الزراعية لنتعرف علي اجاباتها في السطور القادمة. »الكانولا» محصول زراعي لإنتاج الزيوت.. و»الكاسافا» بديل للقمح ذبح البتلو جريمة.. والاستيراد وراء ارتفاع أسعار الأعلاف ما دور البحث العلمي في مجال الثروة الحيوانية؟ الثروة الحيوانية في مصر تشمل الأبقار والجاموس والأغنام والماعز والجمال والفصيلة الخيلية وهناك الثروة الداجنة ممثلة في الدواجن والبط والأوز والحمام والنعام والطيور وهناك الأرانب أيضاً وبالإضافة إلي الثروة السمكية والتي تشمل أسماك المياه العذبة والمالحة في مزارع الأسماك ومصائدها ومجمل الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية يمثل أكثر من ثلث العائد القومي الزراعي الذي يمثل حوالي 14% من العائد القومي للبلاد. وتتميز الثروة الحيوانية باحتياجات أقل من التوسع الأفقي »مساحات محدودة من الأرض» وتمد الأنسان بالبروتينات الحيوانية والمواد الغذائية والفيتامينات والأملاح والمعادن والأحماض الأمينية الأساسية المسئولة عن الأداء البدني والذهني للأطفال والكبار كما تساهم في إمداد الأرض والمحاصيل الزراعية بالأسمدة العضوية الضرورية والآمنة اللازمة لها في مراحل الزراعة والإنتاج. وما دور البحث العلمي في النهوض بهذه الثروة ؟ دعني أضرب لك مثالاً واحداً لفصيلة واحدة من الحيوانات مع تأكيدي أن باقي الفصائل بالثروة الحيوانية والثروة الداجنة والسمكية بها طاقات وإمكانيات هائلة لها عائد قومي وإستثماري متميز. لك أن تنظر إلي الحيوان المنتج للألبان واللحوم في ثلاثة أجزاء منه فقط هي الكرش والرحم والضرع وهي مصدر إنتاج اللحوم والمواليد والألبان. فتطبيق نتائج الأبحاث العلمية علي أداء الكرش نستطيع زيادة معدلات النمو في حيوانات التسمين لدي الفلاح الصغير التي لا تتعدي ثلاثة أرباع الكيلو يومياً إلي حوالي كيلو وربع للحيوان الواحد بما يمكن أن يغنينا عن إستيراد اللحوم . تصور هذه الزيادة مضروبة في تعداد حيوانات التسمين بالبلاد !!!. كما أن تحسين أداء الكرش في الحيوان الحلاب عامةَ سيساهم في التحسين الكمي والنوعي لإنتاج الألبان وتحسين صحة الحيوان عامة وحتماً سيرفع إنتاج اللبن بما لا يقل عن كيلو يومياً علي مدار العام وليس علي مدار الموسم الإنتاجي وحيث أننا نمتلك بالبلاد حوالي 3 ملايين بقرة وجاموسة حلابة فيمكن إضافة ثلاثة ملايين كيلو لبن يومياً موزعة علي أنحاء البلاد بما يساوي مليون طن لبن سنوياً علي الأقل.. ولك أن تتخيل ماذا يحدث لو أمكن تحسين أداء الرحم لزيادة نسبة المواليد وإختزال الفترة بين ولادتين وحل المشاكل التناسلية في الحيوان . كما أن لصحة الضرع دوراً هاماً في زيادة إنتاج الألبان وتحسين نوعيتها لتنعكس بصورة إيجابية علي صحة الإنسان. هذا عن الحيوانات المجترة الكبيرة كالأبقار والجاموس وأترك لذهن القارئ وخبراته أن يتصور ما يمكن الحصول عليه من تطبيق الأسس العلمية في رعاية الأغنام والماعز والدواجن والأسماك علي هذا المنوال. ولماذا لا يلاحظ ذلك علي أرض الواقع ؟ ذلك لأن الحيوانات تتوزع في ملكيات فردية وتعاني من التفتت تماماً كالحيازة الزراعية ولا يهتم المربي الصغير بتقديم علائق متكاملة بل يكتفي بالبرسيم في الشتاء والخضرة المتاحة علي باقي العام وهي قليلة القيمة الغذائية وقد يضيف إليها مادة علفية واحدة كالذرة أو الردة أو كسب بذرة القطن بما لا يفي بالإحتياجات الغذائية وتحسين أداء الحيوان الصحي والإنتاجي وقد يقدم كل عنصر في وجبة مختلفة فيضر الكرش ويقتل البكتيريا الهاضمة فيه نظراً لزيادة الحموضة فيضعف الأداء وتنمو الميكروبات ويصبح الحيوان عرضة للأمراض وهكذا في فصائل الثروة الحيوانية الأخري. ماذا عن الحاضر والمستقبل ؟ نضع في أولويات البحث المشاكل الملحة في الوقت الحالي كالتغلب علي مرض العفن البني في البطاطس ومقاومة أنفلونزا الطيور في الدواجن والحمي القلاعية والجلد العقدي في الحيوان ونشر وسائل التحسين الوراثي في الحيوانات كالتلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة والقضاء علي أنواع الحشائش المختلفة وزراعة الأرز الهجين ذات العائد الإنتاجي المضاعف ونشر ثقافة العناصر الكبري والصغري ومحسنات التربة وتحسين نوعيات الأسمدة ونظراً لمحدودية مصادر المياه فنعمل علي تطوير أساليب الري الحقلي وتعظيم الإستفادة من الموارد المائية وتحلية المياه المالحة وتقصير العمر الإنتاجي للمحاصيل ورفع كفاءة التربة في الإحتفاظ بالمياه بإستخدام ملطفات للتربة والتغلب علي الجفاف وإرتفاع درجات الحرارة ونضع سيناريوهات مجابهة لأثر التغيرات المناخية علي الزراعة بالبلاد علي أسس علمية ونستخدم أيضاً التكنولوجيات الحديثة كالنانوتكنولوجي في شتي مجالات الزراعة وتوفير العناصر النادرة وبدائل الأسمدة والمبيدات. هل هناك دراسات للبدائل في الزراعة ؟ نعم يتطرق البحث العلمي الزراعي إلي إيجاد بدائل أخري لحل مشاكل الزراعة فمثلاًيتم تجربة إدخال زراعات جديدة بالبلاد كالكانولا كمحصول زراعي لإنتاج الزيوت وهو من أهم المحاصيل الزيتية إذ تصل نسبة الزيوت في بذوره إلي أكثر من 40% ويتحمل الظروف المناخية المعاكسة كما يتحمل الملوحة فيمكن زراعته علي مياه عالية الملوحة ويحتوي زيت الكانولا علي مادة الأوميجا -3 ذات الأهمية الطبية للإنسان. ونبات الكاسافا أيضاً من النباتات المتميزة والتي تجري عليها البحوث بمركز البحوث الزراعية حيث توجد فرصة لزراعته خاصة في الأراضي الهامشية والفقيرة ويتحمل الظروف المناخية الحادة ويعطي ثماراً يمكن إستخدامها كدقيق لتخلط مع القمح في صناعة الخبز ومع الذرة في صناعة الأعلاف ويتميز بسهولة هضمه وإرتفاع نسبة البروتين في الأوراق ونسبة النشا في الثمار. وهناك أيضاً نبات الكنيوا ذات القيمة الغذائية العالية كالقمح ويتميز بإحتوائه علي نسب عالية من المعادن الأساسية والفيتامينات كفيتامين ب و ه وتستخدم أوراقه كمحصول علفي للحيوانات وتدخل حبوبه في صناعة الخبز بالخلط مع القمح والذرة. ولعل القارئ قد سمع عن نبات الاستفيا البديل الآمن للسكر والمحليات الصناعية وله القدرة علي التحلية أضعافا مضاعفة للسكر العادي ويمكن إستخدامه في المشروبات والحلوي والبسكويت وله آثار إيجابية علي جسم الإنسان وأمكن زراعته تحت الظروف المصرية إلا أنه لا توجد مصانع للإستفادة منه حتي الآن. كما توجد المورينجا ..... إلخ . هل للبحث العلمي دور في استصلاح واستزراع الأراضي خاصة المليون ونصف المليون فدان ؟ نعم أن إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي لمشروع تنمية وإنشاء مجتمع زراعي متكامل علي مليون ونصف مليون فدان اعتمد علي أسس علمية في كل جوانبه. لن أتحدث عن التكامل بين الوزارات المختلفة في إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة والخدمات التعليمية والصحية والطرق والمساكن والخدمات والمواصلات والإتصالات والتصنيع الزراعي لذلك تم دراسة طبيعة الأرض وتقسيمها إلي خمس درجات بما يصلح لزراعة أنواع المحاصيل الحقلية أو البستانية المختلفة كما تم دراسة نوعية التربة ومدي إحتوائها علي العناصر الصغري والكبري لإختيار أنواع المحاصيل المناسبة كما تم دراسة المناخ في المناطق المختلفة ومعدلات الإختلاف في درجات الحرارة والرطوبة بين المواسم المختلفة وبين الليل والنهار في كل موسم .. وأعماق المياه وحجم الخزان الجوفي بما يضمن الإستمرارية مع تحديد ملوحة المياه في كل منطقة ومدي صلاحيتها لزراعة المحاصيل الحقلية أو البستانية وتم إختيار المحاصيل الحقلية والبستانية في كل منطقة وفقاً لأولويات الدولة من المحاصيل الرئيسية بما يقلل الفجوة الغذائية وروعي أيضاً زراعة محاصيل تصديرية ومحاصيل للإستهلاك الداخلي وزراعات عضوية ومحاصيل إستصلاح ومحاصيل علفية لحاجة الحيوان والدواجن ومحاصيل تصنيعية تقوم عليها صناعات متعددة ولم نهمل في إدخال المحاصيل الجديدة كالكانولا والكاسافا والكينوا والمورينجا والاستفيا وخلافه كما روعي التصنيع الزراعي لهذه المحاصيل حتي تقوم عليها صناعات تكميلية. هل للشباب دور ونصيب فيما ذكر ؟ أولاً: في المشروعات التنموية والمجتمعات المتكاملة في المناطق الجديدة سيلعب الشباب دوراً رئيسياً حيث إنهم القوة الضاربة للنهوض بها وقد كان لتوجيه سيادة الرئيس بتحديد نسبة معينة للشباب أثر بالغ لإشباع طموح الشباب ونجاج العمل فبسواعدهم يتم العمل معاً في ملكياتهم بصورة تعاونية وتكاملية وبتواجدهم جنباً إلي جنب مع كبار المستثمرين سيتيح لهم فرصة عمل إضافية تساهم في توفير تكاليف زراعتهم لملكياتهم وهكذا أيضاً في باقي الأنشطة كأعمال التصنيع الزراعي والخدمات الأخري. هل ترون ذبح البتلو جريمة؟ لاشك ان ذبح البتلو جريمه نتيجه للغياب الرقابي وهي مثال لغياب المشاركه المجتمعيه فوزن البتلو 100 كيلو يعطي 40 ٪ لحم ولكن اذا ترك عاما سيعطي ستة اضعاف الانتاجية وهذا انتاج كبير اذا علمنا ان البتلو المذبوح يبلغ حوالي 500 الف حيوان وكذلك يجب تجريم ذبح الاناث لانها هي مصدر الانتاج اذن لماذا يتم ذبحه؟ لانه لابد من ان تكون هناك مشاركة مجتمعية بجانب القانون لان التاجر غير الأمين مادام يجد من يشتري منه لحم البتلو فهذا يشجعه علي التمادي في فعله الاعلاف اسعارها غالية هل هناك حلول لايجاد اعلاف بديلة؟ العامل الاساسي في رفع سعر الاعلاف انها يتم استيراد جزء كبير منها من الخارج ولكن هناك بدائل منها قش الارز والذي يمكن الاستفاده منه بدلا من كونه مصدر تلوث وذلك بحقنة بمادة الامونيا المتاحة للبروتين لاذابة المادة الصلبة واضافته الي انواع اخري من الاعلاف كما حدث مع الذره وانتاج السلاج منه بعد ان كان يتم التخلص من عيدانه وللاسف لجأ بعض التجار الي بيع هذا السلاج بعد جمع كميات كبيرة منه الي الخارج مستغلا رخص ثمنه مما ادي الي ارتفاع سعره في الداخل في الوقت الذي نستورد مكونات اعلاف بالملايين علاوة علي عروش البازلاء والفاصوليا والبطاطس وكذلك الفول السوداني والمخلفات الزراعية ومنتجاتها وهي بدائل ارخص وفي نفس الوقت يكون لدينا بيئة نظيفة كما تعمل الصين. ماسبب بعض المشاكل التي تظهر فجأه علي الساحة؟ اريد ان اقول شيئا مهما وهو ان المصريين دائما يعتمدون علي شخص واحد في حل كل المشاكل التي تواجه المجتمع وهذا الشخص هو الرئيس او من ينيبه حتي وان كانوا جزءا من هذه المشكلة وهذا مفهوم راسخ لدي المصريين منذ عهد بعيد ولكن المشاركة المجتمعية هي الاكثر فلا استطيع ان اقول مصر فقيرة وابناؤها اغنياء ولكن دعني اقول عندما تحدث مشاركة مجتمعية فالوضع يكون افضل لان دائما المشاكل لها اسباب كثيرة وبالمشاركة نقضي علي هذه الاسباب، واؤكد اننا بخير ونسير في الاتجاه السليم، وان كان الوضع يستدعي فنحن علي استعداد للتحمل. افريقيا هل هي مصدر تكامل غذائي لمصر؟ افريقيا هي الجناح الاخر لمصر بجوار الجناح العربي وهي المركز لهما وافريقيا قارة واعدة تتوافر بها جميع مقومات السلة الغذائية والتعاون لابد منه فهم يحتاجون لما عندنا وعندهم ما ينقصنا ولكن التعاون ليس بالقدر الذي يليق بنا وللاسف سبقنا اليها غيرنا ويبقي علينا عمل تعاون وتكامل وهم في انتظارنا فمثلا السودان لديها 35 مليون راس ماشية و65 مليون حيوان يمكن عمل اعلي انتاجيه لها اخري خلاف ارض غاية في الخصوبة واثيوبيا بها ثروة حيوانية كبيرة ونيجيريا يوجد بها الماء طوال العام يمكن زراعة الارز بها والنيجر لدينا معامل بها فأفريقيا امتداد قومي غذائي. لماذا لا يتم الاستفادة من الافكار الجديدة للبحث العلمي في ظل تواجد ابحاث كثيرة لم تخرج للنور رغم الحاجة الماسة لها؟ تكمن عدم الاستفادة من مشكلة عدم التواصل بين المركز البحثية والمؤسسات المدنية بالتمويل فالمراكز البحثية في مصر علي اختلاف تخصصاتها ومن بينها مركز البحوث الزراعية علي مستوي عال من الكفاءة وكذلك معظم الهيئات العملية ولكن تفتقد الي الربط فيما بينها حيث ان الاستفادة من الافكار الجديدة وتطبيقها علي ارض الواقع كالمنطاد له جزءان البالونة وهي البحث العلمي والسلة وهم المستفيدون منه وان لم يحدث تعاون فلا قيمة للبحث العلمي. أما أن العلاقة المباشرة بين البحث والتطبيق بالإرشاد فترجع صورة ضعف التواصل إلي قلة عدد القائمين بالإرشاد لبلوغ العديد منهم سن المعاش مع عدم إحلال وظائف جديدة فلا تزال العلاقة بين الجهات البحثية ومتلقي الخدمة المباشرة ضعيفة مع أهميتها وضرورتها للاستفادة من المخرجات البحثية الحديثة في حيز التبني والتطبيق ولإرجاع الأثر للباحثين للوقوف علي المشاكل الملحة وأولويات المرحلة لإيجاد حلول مناسبة علي أسس علمية سليمة.