تشهد الساحة الرياضية ظاهرة فريدة وغريبة يطلق عليها الخبراء »نجوم رايح جاي«.. وأعراض تلك الظاهرة انتقالات فجائية عشوائية مكوكية لبعض النجوم الموهوبة من الأندية المصرية إلي الأوروبية وبالعكس.. وكأن هذه النجوم يستقلون »ميكروباص« يقطع المسافة في خط سير منتظم من نقطة البداية وحتي النهاية متجاوزا كل النقاط المرورية ومتخطيا كل المعوقات والعراقيل المبدئية سواء في مشوار ذهابه أو في طريق عودته وأوبته.. فانطلاقه موقوت ومحسوب.. ورجوعه محدود ومحتوم وبقاؤه هنا أو هناك غير مطلوب أو مرغوب.. هؤلاء النجوم فجأة يذهبون.. ولا يستقرون أو ينعمون بالاحتراف الأوروبي ولا تستفيد الكرة المصرية من احتكاكهم مع الدوريات العالمية بأي نسبة.. ثم فجأة كما ذهبوا يعودون بخفي حنين.. واذا كان ذهابهم غير مأمون أو ميمون.. فإن الغريب ان عودتهم تكون لها سيناريوهات وروايات وتمثيليات غالبا ما تنطلي حبكتها الفنية علي الناس ويتعاطفون معها.. الأغرب ان بعض المتخصصين والكوادر العاملة في مجالات انتقالات اللاعبين وحتي المديرين الفنيين ترحب بهذه العودة وتفتح لها المصاريع وتضيء لها الأنوار الخضراء.. وتعالوا نستعرض أمثلة هذه »الميكروباصات« أقصد الثريات والنجوم المتلألئة التي تذهب وتجيء في مشاوير دون ضابط أو رابط. السد العالي عصام الحضري لا ينكر الجاحدون مكانة ومنزلة عصام الحضري السد العالي من الناحية الفنية والمهارية.. فهو بلا أدني شك أفضل حارس مرمي علي الأصعدة المحلية والقارية والافريقية.. وهو واحد من أفضل خمسة حراس مصريين منذ الأربعينيات من القرن الماضي وحتي الآن وينضم لقائمة العظماء أمثال يحيي امام ومصطفي كامل منصور وعبدالجليل حميدة وثابت البطل واكرامي.. وليت موهبة ومهارة الحضري في حراسة المرمي أثرت بالايجاب علي فكره وتوجهاته والتي غلب عليها الطابع المادي وتحكم فيها العوامل البيئية والوراثية والتجارية.. في الوقت الذي كانت الروابط والوشائج بين الأهلي والحضري علي أعمق وأوثق ما تكون وفي الوقت الذي كان الأهلي فيه يستحق لمسة وفاء وومضة شكر وامتنان وعرفان من الحضري.. هرب الأخير في خفاء وبجنح الظلام إلي سيون السويسري متمسحا بأعذار ومبررات عنكبوتية واهية كخلافه مع جوزيه.. ولم يهنأ بإقامته في سيون طويلا وطلب العودة إلي مصر متقدما بنفس النوعية من الأعذار والمبررات وأضاف لها بعض العبرات والدمعات وتخللها بعض التبجحات والتهديدات.. استقر الحضري لبعض الوقت بالاسماعيلي.. وانقلب أحيانا عليه واختلف معه.. وتوقف عن المشاركة والتدريب وتعرض لعقوبات وايقافات.. ثم خرج علينا مؤخرا برغبته الملحة ودمعاته الغزيرة واعلانه تقبيل القدم وابداء الندم علي ما اقترفه من آثام لا يرتكبها إلا اللئام.. ويتردد انه الآن في طريقه للتوقيع للزمالك أو أحد الأندية البترولية.. ويعلن بعض الوسطاء انه مطلوب مرة ثانية لأحد الأندية الأوروبية التي لها جسور وبحور مصرية.. ويشكل الحضري حاليا قنبلة موقوتة لكل ما يرتبط به من أسماء.. الأهلي لأن بعض جماهيره تعاطفت معه وتطالب قيادته بالصفح والغفران وغلق ملف الهروب والعصيان.. الزمالك لأن عبدالواحد السيد الأفضل حاليا لن يقبل بالبقاء، ناهيك عن عبدالمنصف وهو بلاشك أحد المجتهدين في مجال الحراس.. والاسماعيلي الذي يرتبط بتعاقد موثق معه ويجد نفسه كما يقول المثل البلدي كالأطرش في الزفة يملك كل شيء ولا يحكم أو يتمكن من عمل أي شيء.. أما الحقيقة المؤكدة فإن الحضري حاليا لا يصلح فنيا للأهلي لأن عمره الافتراضي لن يسمح بتواجده إلا لعدة أشهر ثم تعود مشكلة الشباك الحمراء وهشاشتها إلي نقطة الصفر من جديد. البلدوزر زكي لا يفترق موضوع وموقف عمرو زكي كثيرا في جوهره عن معطيات ومقدرات عمرو زكي.. فلا غبار علي البلدوزر البشري من حيث تأثيره وتأهيله البدني والمهاري حتي ولو انحصر هذا علي انتاجه في المنتخب وايجابيته في مشاركاته الدولية لأن عدد الأهداف التي أحرزها مع فريقه الزمالك لا تتعدي عدد أصابع اليد الواحدة.. وقد يتفوق عليه بعض المحليين ولا نقول المغمورين أمثال شريف أشرف وأحمد جعفر.. ركب الزمالك قارب الاحتراف الأوروبي بدون تأشيرة رسمية وذهب إلي ويجان الانجليزي.. ورغم ما قيل عنه أيامها من حفاوة بالغة استقبلوه بها واشادة رائعة من مديره الفني الذي أطلق عليه ألقابا عديدة كالصاروخ الآدمي والبلدوزر البشري إلا ان تجربته لم تستمر طويلا وعاد أدراجه من جديد إلي الزمالك وأكد ان عودته نجمت عن ارتباطه بناديه وجذوره البيضاء وعدم تقبله للغربة وما لهذه القائمة من تبريرات وعبارات اعتدناها.. الغريب ان الكوادر الفنية والقيادية استقبلت العائد بحفاوة وفتحت له قلبها وصدرها.. غير انه صدمها لأنه توقف عن المران وابتعد عن المشاركة وتقدم بطلبات وكشف عن عروض وحط رحاله من جديد علي مرفأ نادي هال سيتي الانجليزي ولو علي سبيل »الفرجة« لأنه لم يثبت أي وجود أو يشارك بأي مجهود وكما هي العادة أكد عودته بإرادته واجباريا لأنه يهوي الزمالك ويعشق الجماهير البيضاء وطبعا وكما هي العادة أيضا سيتم استقباله بالورود والأحضان لعله يصدق أو يفلح. ميدو القاطرة البشرية يشكل أحمد حسام ميدو علامة استفهام كبيرة ومعضلة عويصة لخبراء الكرة.. امكاناته الفنية والبدنية تؤهله دائما للاحتراف.. فمن أشبال الزمالك إلي جنت البلجيكي.. واشتهر علي انه فارس مصري عملاق فانتقل منه إلي اياكس الهولندي وزامل ابراهيمفويتش الذي رسخ أقدامه وحط رحاله بعد عدة محطات موفقة في برشلونة مع الأفذاذ ميسي وهنري.. غير ان احتراف ميدو باياكس لم يدم لأكثر من ثلاثة مواسم انتقل علي أثرها بعد ان خفقت نجوميته وانطفأ ضوؤه إلي سلتا فيجو الاسباني علي سبيل الاعارة ثم مارسيليا الفرنسي وزامل دروجبا الايفواري غير ان الأخير تألق وذهب إلي تشيلسي الانجليزي وترك صاحبه المصري ليذهب إلي روما الايطالي ثم توتنهام الانجليزي وقرينه ميدلسبرة ثم ويجان ويعود ليلتقط أنفاسه بعد هذه الرحلة المرهقة إلي الزمالك ويحقق الاخفاق الكامل ليترك المحطة المحلية ويتجه صوب انجلترا مرة أخري في وستهام.. وتنقطع كل الأواصر بين الشاب المصري الموهوب وبين وستهام ويعلن الطرفان عن انفصال عروة الروابط بينهما ولا يعرف أحد اين ييمم صاحبنا وجهته وعلي أي مرفأ يرسو؟