حسنا فعل المستشار احمد رفعت بقرار وقف البث التليفزيوني لوقائع جلسات محاكمة مبارك (طبعا وقف البث لا يناقض أن المحاكمة علنية، بمعني أن أهالي الشهداء والخصوم والمحامين والاعلاميين، يمكنهم حضور جلسات المحاكمة ومتابعتها).. وقف البث التليفزيوني ليس رحمة بمبارك ونجليه من الفضيحة العلنية والانكسار والمهانة أمام العالم والفضائيات فقد حدث ذلك تماما بالصوت والصورة.. لكن ربما يكون القرار رحمة بنا نحن من تكرار المشهد! لم تعد تعجبني صورة مبارك الممدد فوق سرير متحرك خلف القضبان، وما أن تنتهي وقائع الجلسة، حتي يجر السرير وصاحبه الي سيارة الاسعاف (ورغم أن التمثيلية ركيكة ومكشوفة، والحرص البالغ علي اظهار المرض، وسيارة الاسعاف ليست سوي حل بديل لسيارة الترحيلات، ورغم محاولات التضميد والتهدئة) الا ان الامر باكمله ذل ومهانة وسقوط أبدي.. لا يحتاج الي تكراره، يكفي انه حدث، وأن مبارك يحاكم أمام الجميع. لم يعد الامر يروقني كمشاهدة، لا أريد لمشاعري ان تتسم بالتشفي، والمزيد من الكراهية، لا اريد لنفسي السقوط في هاوية التمثيل بالجثة.. نعم مبارك ليس اكثر من جثة، انه أقرب الي الاسري العبيد، المقيدين خلف أقفاص من الحديد، يطوفون بهم الشوارع، بينما الناس علي كل جانب يهللون لسقوطهم! مشهد لم يعد يروقني ليس عطفا او تعاطفا مع الطاغية، ولكن خوف من انجراف مشاعري نحو القسوة.. لا يعنيني سوي المحاكمة العادلة، احترام القانون وثقة في القضاء.