مدينة كرانيس، تلك المدينة الفرعونية الهامة التي تقع في منطقة كوم أوشيم بالقرب من منزل المندوب السامي البريطاني، والتي كانت تعتبر مزدهرة ونابضة بالحياة قبل 5850 عامًا خلال حكم الملك الفرعوني امنمحات الثالث، وكانت أشبه بمستوطنة زراعية هامة للإغريق والرومان، واستخدمت لقدامي المحاربين من الجيش الإغريقي خلال القرن الرابع الميلادي، ومع عوامل الزمن تحولت »كرانيس» إلي منطقة مهجورة بعد تعرضها لعدة عواصف رميلة طمثت معظم أجزائها، حتي بدأت بعثة استكشافية بقيادة فريق من جامعة كاليفورنيا ب »لوس أنجلوس» وبالتعاون مع جامعة أوكلاند بنيوزيلانده وجامعة غرونينغن الهولندية البحث في المنطقة من عام 2005 حتي تم ترميم المنطقة وإحيائها لتظهر بقايا معبدين كانا مكرسين لعبادة الإله سوبك أي التمساح وهو الإله الذي كان يعبد في الفيوم إبان العصور الفرعونية. وأوضح سيد الشورة مدير عام آثار الفيوم أن مدينة كرانيس تقع بمنطقة كوم أوشيم علي طريق الفيومالقاهرة الصحراوي، وتشتهر بشوارعها مثل الشارع الملكي، وكانت عبارة عن أطلال للمنازل مبنية بالطوب اللبن ولبعضها أساس من الحجر وتتميز بأنها مكونة من طابق واحد وكل منزل مستقل عن الذي يليه ولا يوجد جدران مشتركة بين المنازل، ومازالت تتميز الجدران بحفر رسومات لأوراق وعناقيد العنب وطواجين الغلال، وبدأت أول أعمال الحفائر بها عام 1895 بواسطة العالم الأثري »هانت»، وبعدها بدأت البعثات في الحفائر وعثروا علي كميات كبيرة من التوابيت والمنازل من الحجر والأواني الفخارية من الطين المحروق وتماثيل لبعض الآلهة وتماثيل من القيشاني الأزرق وبعض القطع البرونزية ورؤوس مغازل ومطاحن من الحجر والخشب وصحون من الفخار المصقول وأواني منزلية وجرار لحفظ الغلال وقدور لحفظ المياه وأدوات من البرونز منها الإبر والمخارز وآلات الثقب وعدد من القبور المزخرفة. وأشار إلي أنه تم العثور داخل المدينة علي حي قائم بذاته في أقصي أطراف القرية من الشمال الغربي والجنوب الشرقي به مطحن ومخبز ومخزن للغلال، بالإضافة إلي حمامين من العصر الروماني. وأضاف أن المدينة ظلت عامرة بالسكان منذ نشأتها وعثر فيها علي تمثال من الفخار يمثل حصانًا عليه تفاصيل واضحة من النقوش الإسلامية إبان العصر الإسلامي، وتعتبر من أجمل المدن الأثرية بالفيوم، حيث اكتشفت بعثة هيئة الآثار في يناير 1990 وجود آثار إسلامية في مدينة كرانيس وعثر علي تمثال من الفخار يمثل حصانًا عليه تفاصيل واضحة من النقوش الإسلامية، ويرجع إلي بداية العصر الإسلامي، بالإضافة إلي ميدالية من الزجاج الأزرق مازالت تحتفظ بلونها الطبيعي حتي الآن مرسوم عليها هلال وسط مجموعة من النجوم، كما عثرت البعثة علي آثار بعض المنازل من الحجر الرملي ومجموعة من الأواني الفخارية كبيرة الحجم والتي كانت تستخدم في حفظ الحبوب والغلال ومجموعة من المسارج البرونزية، بالإضافة إلي العثور علي نحو 100 مقبرة سطحية ترجع للعصرين الروماني والقبطي ما يدلل علي أن كافة العصور عاشت في تلك المدينة الرائعة . • محمود عمر