ظريف جدا أن تتسم سياسات ومواقف الدول الكبري بطابع الفزورات التي يتم تداولها في حياتنا اليومية. أحد مظاهر هذا السلوك شبه الكوميدي تجسد في هذه الورقة المشتركة الصادرة عن الولاياتالمتحدةوروسيا القطبين الكبيرين في هذا العالم والتي اشترطت أن يتم تحقيق السلام الشامل في الشرق الأوسط قبل طرح مشكلة الملف النووي الإسرائيلي للمناقشة، ما جاء في هذه الورقة ينسجم تماما وفزورة من يجئ أولا »البيضة ولاَّ الفرخة«. هذه الورقة تأتي كرد علي المطالبة بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية ومطالبة الدول العربية بربط أزمة الملف النووي الإيراني بملف إسرائيل النووي خاصة وانها ترفض التوقيع علي معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وقد قامت موسكو بتسليم هذه الورقة إلي الجامعة العربية التي أعلنت رفضها لها تماما. هذا الموقف الروسي الأمريكي يعكس- وللأسف الشديد- وجهة نظر إسرائيل.. هذا الكيان العدواني الذي تساهم سياساته في هز أمن واستقرار الشرق الأوسط وممارسة عمليات الابتزاز من خلال التهديد بامتلاك الأسلحة النووية. إن ما جاء في هذه الورقة الأمريكية الروسية يؤكد عدم مصداقية الدول الكبري فيما يتعلق بإخلاء الشرق الأوسط والعالم من أسلحة الدمار الشامل. انها ترهن بحث مسألة ملف إسرائيل النووي بتحقيق السلام الشامل وهو ما يمثل تشجيعا لإسرائيل للمماطلة وعدم اتخاذ أي خطوة نحو التوصل إلي هذا السلام. تجميد عملية السلام يعطي لاسرائيل مبررا للاحتفاظ بترسانتها النووية لاستخدامه سيفا مصلتا علي رقاب دول المنطقة ولفرض هيمنتها وسيطرتها. تقديم هذه الورقة يعطي ايران الحق لمواصلة أبحاثها النووية من أجل التوصل إلي امتلاك سلاح نووي وهو الأمر الذي سوف يشجع دولا أخري في الشرق الأوسط والعالم للانضمام إلي النادي النووي. ان الورقة الأمريكية الروسية العجيبة تمت مناقشتها في اجتماع للوفود العربية في الأممالمتحدة. وتقول بعض المصادر انه قد فُهم منها عدم جدية ووضوح تعامل الدول الكبري مع مسألة منع انتشار الأسلحة النووية. هذا الامر الذي يؤكد الاصرار علي الانحياز الفاضح لإسرائيل وهو ما يعني اتفاقهم علي تمييع التحرك لوقف الخطر النووي في مؤتمر مراجعة قضايا التسليح النووي الذي سيعقد اليوم في نيويورك. الرفض العربي دفع روسيا وأمريكا إلي بحث امكانية ادخال بعض التعديلات علي الورقة المشبوهة. أليس غريبا ان تثير هذه الدول ضجيجا هائلا حول انتشار العنف والارهاب بينما تعلم يقينا انه انعكاسا طبيعيا لانحيازها لعدوانية اسرائيل واستمرار حالة الظلم واليأس وازدواجية المعايير. جلال دويدار [email protected]