أخيرا.. أعلنت حركة المحافظين، وكالعادة مع معظم التعيينات في المناصب العليا أو المتوسطة لقيت اعتراضات عليها واعتصامات ضدها، في مواجهة موافقات علي الاختيارات من آخرين رحبوا بها وبأصحابها. وتمسك الرافضون باعتراضهم، وطالبوا بإلغاء حركة المحافظين رغم أن الحكومة أعلنت أمس بلسان متحدث باسمها أنه »لا نية لإعادة النظر في الحركة، وأن المحافظين المختارين تم تكليفهم بعناية شديدة بعيدا عن أي مجاملات، كما تم دراسة تاريخ كل شخصية من المحافظين الجدد بدقة وشفافية«. البيان لم يلق اقتناعا من المعترضين علي بعض المحافظين الذين جدد لهم أو الذين نقلوا إلي محافظات أخري. الاعتراض بالنسبة لهؤلاء وأولئك يستند بصفة عامة إلي آراء شخصية، أو إلي تجارب ذاتية سيئة مع هذا المحافظ أو ذاك. وهناك اعتراضات من هيئات سياسية وجبهات اجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان علي أسلوب اختيار المحافظين والوزراء والقيادات. فمثلا: »جبهة الإرادة الشعبية« أعلنت اعتراضها علي حركة المحافظين الجديدة، وأرجعت رفضها إلي أن الحركة لم تأت بجديد. وجاءت للأسف مخيبة للآمال، ومحبطة لجموع الشعب المصري العظيم الذي يتطلع إلي تغيير حقيقي ملموس علي أرض الواقع. كما أنها أرسلت رسالة تكرس عقلية النظام السابق في اختيار الشخصيات المهمة في الدولة، وهذا في حد ذاته أمر غير مقبول وينذر بمنحني جديد في التعامل مع الثورة المصرية في المرحلة المقبلة. مفكرون، وسياسيون، وليبراليون، انتقدوا الحركة لإنها تمسكت بتعيين لواءات جيش وشرطة، وقضاة ومستشارين، تكرارا لما كان يحدث من قبل. حقيقة أن الحركة الجديدة عينت لأول مرة »كاتبا صحفيا« محافظا للشرقية، لكن حقيقة أيضا أنها تجاهلت في اختياراتها تمثيل »نصف المجتمع« في الحركة، فلم تعين سيدة واحدة لتؤكد المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في تولي المناصب. فإذا كنا قد عينا سيدات وزراء في كل الحكومات الماضية، فكيف نتردد في تعيينها ك»محافظ« لواحدة أو أكثر من محافظات مصر؟! وما يقال عن »ابعاد« ممثل »نصف المجتمع« يقال مثله عن »تجاهل« أحد »عنصري الأمة« الأقباط في اختيارات المحافظين! هل السبب يرجع إلي خوف الحكومة مما حدث في حركة المحافظين السابقة عندما اختارت مصريا مسيحيا محافظا لقنا فخرجت مظاهرات عنصرية ترفض هذا الاختيار، وهو ما اضطر الحكومة إلي »تجميد« تكليفه لثلاثة شهور انتهت باستبعاده نهائيا، في حركة المحافظين الجديدة، التي لم تتضمن أي محافظ قبطي، وإن اكتفت بتعيين أحد المصريين المسيحيين مساعد لأحد المحافظين! الاعتراضات علي التعيينات أصبحت عادية ومتوقعة بالنسبة لكل من يتولي منصبا كبر أو صغر. ومهما كانت قدرات ومؤهلات وخبرات من يختارون فإنها لن توقف الاعتراضات عليهم، والهجوم علي الموافقين عليهم! قلنا ونقول بمناسبة وبدون إن ألف باء الديمقراطية أن نطرح الرأي ونحترم في الوقت نفسه الرأي الآخر. وللأسف الشديد كثيرا ما نصدم في أسلوب، وكلمات، وأوصاف، يستخدمها البعض في الرد علي الرأي الآخر. وأبرز مثال علي ذلك أن مدير هيئة الطاقة الذرية الدولية السابق، وأحد المرشحين لرئاسة جمهوريتنا د. محمد البرادعي أبدي رأيه الشخصي في حركة المحافظين الجديدة، منتقدا سهوها عن تعيين شخصية من رموز المصريين المسيحيين.. وهذا حقه، وحقنا جميعا مادمنا ننادي بالمساواة المطلقة بين المصريين بصرف النظر عن الجنس والعقيدة. .. ويا هول رد فعل البعض لما أعلنه الدكتور محمد البرادعي، وفظاعة أسلوب وكلمات المعارضين لرأيه! وأتابع غدا.