بات ضرورياً وحتميا إبان تلك الأحداث المتلاحقة والتي تمر بمصرنا الحبيبة أن نعي جيداً أن للازمات دورا في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء علي صعيد الهدم أو البناء ودعونا نعترف أن التعامل مع الازمات يقتضي ثقافة خاصة وقدرة إدارية عالية ومنضبطة بعيداً عن التعامل العشوائي والتصدي المرتجل والطرق غير المدروسة فنحن الآن علي حافة الهاوية !! من هنا بات ضرورياً طرح سؤال مهم ومن وجهة نظري هو الأخطر علي الإطلاق في تلك المرحلة الفارقة التي تمر بها مصر حالياً وهو هل نريد مجرد أشخاص يقودون البلاد حالياً في تلك الفترة أم أفكاراً يحملها هؤلاء الأشخاص؟ في الحقيقة وقبل الإجابة علي هذا السؤال دعونا نحدد أولاً ملامح المرحلة التي نعيشها حالياً وهل هناك أزمة وهل تلك المرحلة تحتاج إلي أشخاص يحملون أفكاراً معينة تتناسب وهذه الفترة الزمنية التي نحن بصددها؟ إن الإجابة علي تلك الأسئلة جميعها تقتضي أن نعي جيداً أن المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد ذات طبيعة خاصة فنحن أمام أزمة حقيقية تتمثل في وجود خطر متوقع أو وشيك الوقوع أو وقع بالفعل يحيق بأهداف معينة داخل المجتمع وهذا الخطر بالفعل قد لحق بأمن المجتمع الامر الذي يقتضي بالضرورة إلي احتياج أشخاص لديهم أفكار تتواءم مع تلك المرحلة وليس مجرد أشخاص أو أسماء بعينها !! فنحن في تلك المرحلة نحتاج إلي أشخاص لديهم القدرة علي قراءة الواقع والتعرف علي المشكلات وتحليلها وإيجاد الحلول السريعة من خلال برنامج زمني محدد ومنضبط . أشخاص لديهم القدرة علي توقع الازمة قبل حدوثها ومن ثم القدرة علي تجنبها أو تخفيف أثرها في حالة حدوثها وكيفية التأقلم مع عنصر المفاجأة وعامل الوقت وأهميته والذي يتطلب مهارة إدارية عالية !! فلا وقت للاعتماد علي الأسلوب التقليدي القديم والعقيم في التعامل مع الأزمات من خلال إجراء الدراسات وتشكيل اللجان وإتخاذ إجراءات روتينية عقيمة تؤدي في النهاية إلي خلق أزمات بخلاف الأزمات التي يتعين مواجهتها!! فدائماً وأبداً ومن خلال قراءة الأحداث التاريخية الكبري نجد أن الازمة تفرز القدرات البشرية للأشخاص القائمين علي الواقع السياسي والاداري الذين لديهم ثقافة التطور والتغيير نحو الأفضل أو العكس !! ودعونا نترك وننحي جانباً ثقافة المسئولين سواء وزراء أو محافظين وخلافه في تلك المرحلة بأنهم جاءوا لتسيير الاعمال في البلاد في تلك المرحلة فهذه الثقافة لن تكون مجدية ولن تكون ذات فائدة للبلاد في هذه المرحلة بل إنها سوف تشكل عائقاً أمام مواجهة أي أزمة طارئة، فهذه المرحلة تحتاج إلي صاحب قرار !! فشرف الإختيار في النهاية لمن لديه القدرة علي إتخاذ قرارات وإنجاز أعمال بما يحقق لدي المواطنين الشعور بالأمان نحو مستقبل أفضل وبما يحقق الاستقرار لهؤلاء الثوار أصحاب تلك الثورة العظيمة !! مع الوضع في الاعتبار أن احترام الآخر وتوحد الأهداف والمصالح وتنحية اصحاب الأجندات الخاصة جانباً هي جد الأمر الأكثر أهمية في مواجهة الأزمات بل إنها هي القوة العظمي الدافعة للقدرات البشرية للوصول بالبلاد إلي بر الأمان. من أجل ذلك نحن نريد أفكاراً يحملها رجال لديهم ثقافة إدارة الأزمات من خلال توقعها والقدرة علي مواجهتها ومحاصرتها واستيعاب نتائجها والاعتراف بأسبابها والتغلب عليها بالشكل الذي يؤدي إلي الحد من خطورتها. وفي النهاية " نحن نريد في هذه المرحلة إدارة للازمات وليس أزمات تقع فيها الإدارة فتكون الإدارة ذاتها سبباً في تلك الازمات "