تأتي المصائب من وراء برامج »الردح» الرياضية في الفضائيات، والمهزلة التي حدثت من الألتراس في مباراة الأهلي، مقدمة لكوارث أخري، إذا لم يتم كبح جماح الإثارة والتحريض وإثارة الفتن. ولا أريد أن أذكر أمثلة بعينها، ولكن التسخين يتحول إلي حرائق مكبوتة، يخفف من نارها عدم حضور الجماهير المباريات. ما بالنا إذا عادت الجماهير للملاعب، وتم شحنها بالغضب والثورة والتمرد علي الحكام واللاعبين، ومن يضمن أن تمر الأمور بسلام، وهناك من يقوض الوعي، ويُزكي التعصب ويفقد الرياضة قيمتها الكبيرة، التي تلخصها عبارة »ابتسامة المهزوم تُنسي الفائز فرحة النصر»، وإذا كان المهزوم لديه قناعة أن هزيمته تمت »بفعل فاعل» فيبحث عن شماعات هزلية، ويوظف مشاعر الجماهير الغاضبة، في اتجاه الشغب. وما بالنا إذا اشتدت المنافسة، ودخل في السباق مع الأهلي كل من الزمالك والمصري والإسماعيلي وغيرها من الأندية ذات الشعبية، فهل يصمتون علي أي هفوة حتي لو كانت بحسن نية، ووراءهم من يدقون طبول الحرب ويعلنون الثورة، ولنأخذ في الاعتبار أن الأمور هادئة هذا الموسم بعد أن قبض الأهلي علي القمة، وسار بها بعيداً جداً، عن أي طامح أو طامع. وما بالنا إذا اهتزت الصافرة في فم الحكام، فأصبحوا خائفين ومرعوبين من الذين يزأرون في المدرجات، ولا يعجبهم إلا أن تكون الأخطاء لصالحهم، وجاءوا مهيأين من المذيعين برؤية كل شيئ بنظاراتهم هم، وليس بعيون الحقيقة؟ من الأشياء الإيجابية ما يسمي بالاستديوهات التحليلية، ووجود نجوم كبار في اللعبة، يحللون المباريات، ويفتشون عن الأخطاء والمزايا، ويقيمون الأمور بنظرة محايدة، ولكن يبدو أن بعض المذيعين لا يكفيهم هذا، ولابد أن يصرخوا ويولولوا جذباً للمشاهدين من قناة لأخري، وكلما كان الصوت صراخاً والنقد منحازاً، جذب ممسكي الريموت كنترول، وأضاف شحنات زائدة لمن لا يؤمنون بأن الرياضة فوز وهزيمة، ويريدون أن تكون فوزاً فقط، حتي لو كان علي جثة اللعبة. في كثير من الأحيان أفضل غلق الصوت تماماً، حتي لا أستمع لمذيعين يعلقون في غير اتجاه المباريات، وكأنهم يتحدثون عن مباراة أخري ليست التي نشاهدها، وتكتسي عيونهم بلون فانلة الفريق الذي علي هواهم، وهم يدركون أو لا يدركون أن رسالتهم المنحازة تذهب في الاتجاه غير الصحيح، وتلقي مفعول السحر في بعض الجماهير المتعصبة، وتعمق داخلهم شعوراً بالظلم والاضطهاد. لماذا تفتح البرامج الرياضية هواءها في معظم المباريات لمدة ست ساعات أو أكثر؟.. بالطبع سيتم ملء الوقت كلاما في كلام ورغيا في رغي، وكلما زاد الكلام استفحلت الأخطاء، ويبحث كل متحدث عن شيئ يميزه، ليخطف الكاميرات والأضواء، وتنتحر الحقيقة تحت أقدام المزايدات. المسألة تحتاج إلي ميثاق شرف رياضي، يضع الضوابط والقواعد ويتحكم في الانفلات، والفرصة مواتية بعد إطفاء نار الدوري، واتجاه القلوب والهتافات صوب موسكو ومحمد صلاح، والالتفاف حول علم واحد، والهتاف بكلمة عظيمة »مصر.. مصر»، لنخرج من »أم البطولات»، بعهد جديد، هو التخلص من التعصب والانحياز وألوان الفانلات، إلي برامج نظيفة، تصب في مصلحة الفريق الوطني، حتي يصل إلي كأس العالم مرات قادمة، ويحقق آمال جمهور الكرة الحقيقي. يا مدحت شلبي »الجنرال» وشوبير والغندور »بندق» والشاطر ومجدي عبد الغني »البلدوزر» وبركات »الحركات» وغيرهم من السادة المحترمين.. »المأساة ارتفعت.. سطعت» وجسر العودة يبدأ منكم، بمبادرة لتصحيح المسار.. وإذا لم يحدث، فلنقرأ الفاتحة علي روح كرة القدم.