مصر دولة عظيمة وشامخة.. دولة لها تاريخ وحضارة.. انها اذا لم تكن تمتلك هذه المقومات ما كان كتاب الله العلي العظيم قد خصها بالاشارة والاشادة وبوصف اجنادها بخير اجناد الارض. هؤلاء الاجناد هم الشعب المصري ابناء واحفاد واحفاد الاحفاد. هذا ولا جدال فخر لهذا الشعب ولابد أن يضخ في دمائه روح الاعتزاز والكرامة والحماس. من هذا المنطلق فإنه من الطبيعي ان تتحول هذه الروح الي رغبة محموعة للحفاظ علي كيان هذا البلد والعمل علي بنائه والنهوض به ليكون جديرا وهو جدير بحظوة الله جل جلاله. ان كل ما يحتاج اليه هذا البلد العظيم- مصر.. في هذه المرحلة الدقيقة والفارقة من مراحل تاريخه الطويل هو ان يحظي بحب حقيقي من ابنائه وفي كل الاحوال فإنه لا يجب التنكر للهوية الوطنية مهما كانت المعاناة ومصاعب الحياة المعيشية والمفاسد في سلوك للبعض ممن اداروا ظهورهم للعدالة والضمير والطهارة. ان مصر التي تعيش الثورة تدعو الي التغيير والاصلاح وليس الدمار والتخريب والضياع.. مطلوب من كل ابن شريف من ابنائها أن يوليها حبا حقيقيا اساسه الانتماء الحقيقي لتراب ارضها. هذا الحب لا يعني كلاما في الهواء وانما يعني عملا حقيقيا من اجل الحفاظ علي امنها واستقرارها حتي تنهض وتنطلق الي آفاق المستقبل. ان هذا الحب لابد ان يكون نابعا من امانة ومصداقية الثورة التي اشعلها ابناؤها، ليكون وقودا للانطلاق الي عالم الازدهار والتقدم.. وليس التقهقر والسقوط في هوة الخسائر الفادحة التي سوف يتحمل عبئها في النهاية كل الشعب الذي دعم وأيد الثورة. هنا لابد ان نتذكر وان تستعيد ذاكرتنا معاني الكلمات الخالدة للاغنية التي كان يرددها الجميع والتي تقول »حب الوطن فرض عليّ افديه بروحي وعنيي«. نعم ان حب هذا الوطن والثورة لا تجسده استمرار ومواصلة الهتافات والتجمعات والوقفات التي تحمل العديد من المسميات.. كما انه ليست شعارات واحاديث تليفزيونية يغلب عليها طابع الاثارة والاحقاد وتصفية الحسابات وتمتليء بالعبارات والامنيات الفخمة الضخمة المزوقة.. كما ان هذا الحب المستهدف لا يرتبط ابدا بتشجيع عمليات تعطيل الانتاج ومسار الحياة اليومية وتشجيع الاعمال الخارجة علي القانون والداعية الي اعطاء العدالة اجازة ابدية. ان حب الوطن يا ايها الابناء الاطهار يعني اعطاء الفرصة لاعادة وسرعة البناء والمشاركة الفعالة قولا وفعلا في التصدي لكل اعمال الخروج علي النظام وتعطيل دوران عجلة الحياة، علينا اذا كنا نحب هذا الوطن ان نؤمن بأنه حرام علينا تضييع المزيد من الوقت فيما لا يفيد الطموحات والآمال وتعويض مافات. نعم وألف نعم.. كلنا نريد حياة حرة وديمقراطية حقيقية منزهة من الفساد والتزوير والتدليس وألا نسمح في نفس الوقت بإعطاء الفرصة لسيطرة فئة بعينها علي مقدرات هذه الامة وهو ما قد يعني أن يعود الوضع لما كان عليه قبل الثورة »وكأنك يا ابوزيد ما غزيت«. اننا نريدها ديمقراطية بعيدة عن الهيمنة والتسلط والارهاب الايدلوجي القائم علي الوساطة بين الانسان والله وهو ما لا يقضي به الاسلام دين الغالبية من ابناء شعب مصر المتدين الذي يعرف ربه ويؤدي فرائضه وفقا لتعاليمه وسنة رسوله.. دون وساطة من أحد كان من كان. كلنا نتطلع الي العيش في دولة مدنية حرة يتمتع فيها ابناؤها بالعيش الكريم وان يتجرد مجتمعنا وكل اجهزته من الفساد والانحطاط الاخلاقي السائد حاليا، وان تتوقف الممارسات المناهضة لما عرف عن مصر من شهامة وسماحة والبعد عن التطرف والغوغائية. ان الحرية التي نطالب بها هي الحرية المسئولة التي جوهرها الحقوق والواجبات وسيادة العدالة والقانون والانضباط وليست حرية التسيب والفوضي والصراعات. ان الديمقراطية التي نطالب بها هي الديمقراطية التي تسمح باحترام رأي الغالبية النقية وغير الفاسدة والبعيدة عن التسلط والخداع والتضليل والاستغلال والانتهازية.. من الضروري بل من المحتم ان تتوافر ضمانات حقيقية وقوية وفاعلة لتحقيق التوازن الذي يوفر الامن والامان والاستقرار والحماية للمجتمع من الفتن والهزات.