مايحدث ، خدعة سياسية قصيرة النفس ، .. الأصل في السياسة أن تستمر في الكذب دون أن يشعر أحد بالملل ، أن تكون مسليا جدا إلي درجة أن الجمهور يطلب المزيد من الأكاذيب فهو مستمتع بالكذبة التي يشارك فيها ، يصفق ويصفر ويخبط بقدميه أرض المسرح من شدة الإستمتاع بالرواية الطويلة ، الآن : علي خشبة المسرح ممثلون غير محترفين يحاولون الانفراد بأدوار البطولة ، مملين ، جعلونا نتثاءب من المشاهد الأولي ومازلنا في الفصل الأول ، جعلونا نتحسس قلوبنا من الخوف لعل أحدهم يطفئ النور علينا فجأة ، جعلونا نتأكد أن المسدس محشو برصاص دفاعا عن النفس في أي لحظة غدر متوقعة ! مايحدث ، سياسيون دون المستوي ، يمارسون ألعابا قديمة ساذجة مفضوحة ، قفز البعض مثل قرود مدربة في سيرك ، أحدهم أعلن نفسه شاعر القبيلة بغرور مضحك ولم يجرؤ أحد علي أن يفضح ضحالة فكره أو مستوي حروفه فمضي يكمل دوره في هزلية ، الثاني درويشها الذي يغض البصر في خبث عن المال والشهرة والسلطة وهو أول من يرغب فيهم ، الثالث عدوها يستشهد بالماضي والتاريخ ليثبت أنه يفهم أكثر من الجميع ، الرابع شيخها الذي يناضل بكل صوره في الشوارع والميادين من أجل أن ينتقم لسنوات غيابه المريبة عن مصر ، الخامس كاتبها الأوحد الذي زار التحرير يوما فاستولي علي الميدان ونسبه لنفسه بينما يلهو في السر مع كل الأطراف حتي لايخسر أحدا و رهانه الأول والأخير علي جماعة الاخوان التي أنفقت يوما علي أحلامه بالشهرة ، السادس عبيط القرية المبروك يردد أي كلام فارغ ليثبت أنه لم يكن يوما عميلا لأمن الدولة وخادم حزبها الوطني ، السابع طفل ملظلظ يستغفر الله قبل أن يقول إنه هو الذي خطط كل مايحدث علي أرض مصر ينشر صوره ويده علي خده دليلا علي أنه مفكر ملهم ، الثامن يخبئ كل ماضيه المصور المحفوظ علي اليوتيوب ويعلن أنه المنقذ الذي سيقود مصر إلي بر الأمان ويسلمها في عامه الرابع من السلطة ، التاسع يصور نفسه المهدي المنتظر وهو يطوف القري متواضعا بشكل يدعو للشفقة علي سنواته الطويلة ، العاشر صحفي فارغ قامته منحنية من كثرة ما انحني سنوات لكل أولياء نعمته وهو اليوم يقسم أنه حامي ثورة الأبطال وكاتم أسرارها ، الحادي عشر مذيعة أقسمت برأس جمال مبارك أنها سوف تعبر به إلي الحكم واليوم تقسم أن تنتقم من كل عائلة الحاكم الظالم حتي تظل تحت الضؤ ، الثاني عشر إعلامي يلعب كل الأدوار منذ كان طفلا .. يضحك وهو يقول عن نفسه أنه ممثل موهوب لكل العصور لمن يدفع أكثر ، الثالث عشر ملتحي يكذب في اليوم ثلاث مرات باسم الدين دون أن يخجل أويستعيذ بالله ، الرابع عشر يلعب دور الطيب الساذج دون تجديد أو نص مكتوب بحرفية ينقذه من لعنات الجمهور ، الخامس عشر يبارز بسيوف من ورق وحصان خشب ويعلن نفسه فارس المعارضة الذي سيفجر مفاجأة مذهلة في الوقت غير المناسب ، السادس عشر رجل أعمال يحمل عشرات من علامات الإستفهام يقوم بدور طفل يعلق أخطاءه علي قلة حيلته علي الرغم من دهائه الذي لايقف أمامه أحد ، السابع عشر رأس من رءوس الفلول ينفق مما سرقه عن سعة من أجل عمل غسيل مخ للجمهور وغسيل شرف للعائلة الذي لطخه سمعة كبيرها الذي لم يترك جريمة إلا وكان له فيها نصيب ، الثامن عشر رجل أعمال عرف أنه شريك لعائلة مبارك دون أن يثبت أحد عليه هذه التهمة التي كان يروج لها بنفسه من أجل حماية أعماله ونجح في سنوات قليلة أن يصبح ثريا يحمل عددا من الجنسيات وعشرات المشروعات ويلعب في الكواليس دور الملقن بمهارة فائقة ، التاسع عشر ممثل فاشل يطعن في كل زملائه من أجل أن يحصل علي دور الفتي الأول ، العشرون شخص يحرك كل هؤلاء وهو يبتسم فيكشف عن أسنان صفراء تنتظر الفريسة. ممثلون علي الخشبة ، ممثلون سقطوا ، ممثلون في الطريق ... والثورة مستمرة بشباب صلب قوي لايهوي شهرة لايريد منصبا لايعرف سوي وطن يحبه .. ولايلعب دور البطولة .