ما إن بدأ الحديث عن تقارب مصري إيراني في ظل نهج جديد شرعت فيه مصر بعد ثورة 25 يناير علي المستويين الإقليمي والدولي لتصحيح مسار سياستها الخارجية ، حتي ثارت ثائرة الأشقاء في الخليج بايحاء من الولاياتالمتحدة التي إستخدمت كل أوراقها لتخويف هذه الدول التي لم تخف مشاعرها لاسيما الإمارات العربية وكأنه حرام علينا حلال لهم .. وتوحدت وجهات نظر دول الخليج مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل في إنزعاجها من التقارب المصري الإيراني وكأنه خطيئة سياسية لا يجب علي مصر إقترافها ، بل ولا يجب علي القاهرة أن تخرج عن خط النظام السابق الذي ظل ينفذ أجندة واشنطن وتل أبيب في تصوير إيران كفزاعة تتربص بأمن مصر ، في وقت ترتبط فيه جميع دول الخليج "المنزعجة" بعلاقات دبلوماسية وتجارية كاملة مع إيران علي مستوي السفراء ، والحقيقة أن هذا التشنج السياسي من جانب الأشقاء ليس له ما يبرره أبدا للأسباب الآتية : أولا : ليس من المنطقي بل ولا من المعقول أن تبقي مصر الدولة العربية والإسلامية الوحيدة التي توضع في صف إسرائيل والولاياتالمتحدة في معاداة إيران علي عكس غيرها من العربية والإسلامية لاسيما تلك الخليجية المنزعجة .. وثانيا : علي مصر أن تستعيد دورها الريادي الإقليمي في التعامل مع قضايا محيطها العربي بما سيعود بالنفع علي دول المنطقة والتعامل مع خلافاتها وقضاياها بما فيها الملف النووي ، وما حدث من مصالحة بين حماس وفتح مؤخرا خير دليل علي ما يمكن أن تحققه مصر إذا ما عادت إلي دورها الطبيعي في محيطها العربي والإقليمي وهذا ما يزعج واشنطن وتل أبيب .. وثالثا : إن دول الخليج لها علاقات دبلوماسية كاملة علي مستوي السفراء مع إيران بل أن دولة الإمارات التي لها خلافات مع إيران حول جزر طنب الكبري وطنب الصغري وأبو موسي تعتبر أهم شريك تجاري مع إيران .. رابعا : علي مصر التي خرجت لتوها منهكة القوي بفعل فساد نظام جثم عليها لثلاثين عاما ، وعبء الفاتورة الإقتصادية التي دفعتها نتيجة الثورة علي الفساد أن تسعي إلي توفيق أوضاعها الإقليمية. خامسا : يعلم الجميع بمن فيهم الأشقاء أن التقارب المصري الإيراني لا يمكن أن يكون علي حساب أمن ومصالح دول الخليج ، فليست مصر بسوابقها التاريخية القريبة والبعيدة ، الدولة التي تحيد عن مسئوليتها القومية تجاه محيطها العربي .. سادسا : أن علاقات سوية بين مصر وإيران ستصب في صالح دول الخليج وسيتيح للقاهرة أن تكون أكثر فعالية في تبديد مناخ التوتر بين إيران ودول الخليج كما سيتيح للقاهرة " فرملة " جموح طهران تجاه جاراتها وإستغلال صفة التواصل لمصلحة الطرفين ، مثلما ساعدت العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب في صالح القضية الفلسطينية ..