البَوْنُ شَاسِعٌ مَا بين الحقيقة والخيال، فكلاهما علي طرفي نقيض. الحقيقة هي ما نلمسه بأيدينا، ونراه بعيوننا، أما الخيال فهو ما نحلم به في رحابة أفكارنا، أو ماتمناه أفلاطون في مدينته الفاضلة »اليوتوبيا«. وما بينهما مساحة من التعارض يمكن أن يلتقيا أحيانا في نقطة، ثم سرعان ما يفترقان في نقطة أخري. الحقيقة أن هناك نظاما فاسدا جَثَمَ علي صدر مصر وقلبها حتي كاد يخنقه، وانشغل عن كل ما هو في صالح مصر بقضية توريث الحكم من الأب لابنه رغما عن إرادة جموع الشعب. لكن الخيال، وما كان يحلم به المصريون من أن تنزاح هذه الغمة عن عيونهم وبلدهم التي ظلت وستظل رغم أنوف الحاقدين واحة وارفة ظلالها أمنا وسلاما عليهم، وعلي كل من يحب هذا البلد الطيب أهله. في هذه النقطة التقت الحقيقة المرة بالخيال الجميل، وقامت ثورة 25 يناير فأطاحت بهذا النظام القميء. الحقيقة أن الجيش ساند هذه الثورة، ولولا موقفه الرائع الذي تعودناه، ما اكتمل نجاحها. والخيال هو أن تتحقق أحلام هذا الشعب الذي ظل مقهورا سنين طويلة بين عشية وضحاها. نعم نريد خطي متسارعة لتحقيق أحلامنا التي قامت الثورة من أجلها. ومن الخطأ أن نحمِّل المجلس الأعلي للقوات المسلحة بما لا يطيق.