«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«دكان شحاتة».. فوضي أم توريث؟!
حكايات فنية
نشر في صوت الأمة يوم 08 - 06 - 2009

هناك جهداً مضاعفاً يبذله المخرج للحصول علي أقصي ما هو ممكن.. نعم وصل في عدد محدود من المشاهد للحدود الدنيا كفن أداء لكن هيفاء وهبي
يقدم المخرج رؤيته التي يسعي إليها وهو يضع أمامه بناء فنيا يترك دائماً حكاية مسلية يتابعها المشاهد في نفس الوقت لديه ما يريد أن يقوله للجمهور رؤية سياسية تشغل بال الوطن
لا أعتقد أن "بهية" هي مصر و "فؤادة" هي مصر و "فاطمة" هي مصر و "عتريس" هو "عبدالناصر".. أتصور أننا في أحيان كثيرة وعلي سبيل التبسيط المخل نسقط من عندنا ملامح نصنع من الحكاية العادية أبعاداً سياسية ونحيل الشخصية الدرامية إلي رمز للوطن أو للزعيم، ولأننا نريد أن نمسك الحقيقة بأيدينا نشمها بأنوفنا نراها بعيوننا نعتقد كل ذلك ونصدقه.. ولكني أتحدث هذه المرة عن مسار مغاير لكل ذلك حيث إن العمل الفني في نهاية الأمر هو الذي يقودك إلي تلك الرؤية.. هنا نصبح بصدد حالة حقيقية لم نسقط نحن أفكارنا الخاصة علي العمل الفني بقدر ما باح وفاض وقال بل صرخ العمل الفني حتي إنه كان صريحاً وزاعقاً أكثر مما ينبغي!!
لو أنك شاهدت "دكان" شحاتة ستجد أمامك حدوتة بها لمحات ولا أقول ملامح من قصة سيدنا "يوسف" عليه السلام والتي سبق أن استوحاها "يوسف شاهين" أستاذ "خالد يوسف" في فيلم "المهاجر" وكان وقتها "خالد" ضمن فريق عمل الفيلم.. ولكني لا أري أن هذه هي الرؤية الحقيقية التي يطرحها الفيلم ربما جاءت مجرد تكئة لكي يقدم المخرج رؤيته التي يسعي إليها وهو يضع أمامه بناء فنيا يترك دائماً حكاية مسلية يتابعها المشاهد في نفس الوقت لديه ما يريد أن يقوله للجمهور رؤية سياسية تشغل بال الوطن.. إنها في ضمير كل مصري ماذا بعد غياب الرئيس "حسني مبارك" عن مسرح الأحداث؟
في مصر لم يعد هذا الأمر مسكوتاً عنه وكان ينبغي أيضاً أن ينتقل من الصحافة إلي السينما.. الدولة تدرك بالقطع خطورة الرسالة السينمائية ومدي تأثيرها، ولا يمكن أن تسمح بتلك المناقشة الصريحة وتتيح للسينمائيين حرية أن يسألوا ماذا بعد؟ ولكن يظل أن من حق السينمائي أن ينشئ دكانا وأن يفكر الأب بأن يورث الدكان لأحد أبنائه وأن يطلق علي الدكان كنوع من التمهيد لذلك اسم "شحاتة" وأن نري صورة "عبدالناصر" في مشهد موح جداً وهي معلقة علي جدار الغرفة وعندما يزداد الشرخ يطلب أن تتحرك الصورة علي الجدار لرأب صدع الجدار أو جزء منه.. لا يهم بعد ذلك أن يتراجع الأب عن فكرة التور يث ولا أن يتآمر الأشقاء علي شقيقهم الصغير بعد موت الأب ويزجون به للسجن بعد أن يلفقوا له جريمة التزوير، ثم يخرج ويقتل علي يد أحد أشقائه.. بينما كان يحمل في يده البطاقة الشخصية لوالده وشريط "أبو زيد الهلالي" وكأنه يمنحهم الميراث بالمعني التاريخي الذي لا يخلو من فانتازيا الخيال في ملحمة "أبو زيد الهلالي" وأيضاً بالمعني الرسمي المتمثل في البطاقة الشخصية!!
ما الذي يغلف هذا الشريط السينمائي الذي كتبه "ناصر عبدالرحمن"؟ أنت تري منذ البداية لعبة الزمن العكسي يبدأ من عام 2013 ثم نتابع العد التنازلي ليصل إلي بداية ولاية الرئيس "حسني مبارك" وهو يؤكد أنها مدتين فقط لا غير كما كان ينص الدستور حتي عام 1980 رغم أنه في آخر عهد الرئيس "السادات" قبل رحيله ببضعة أشهر فقط تم تعديله إلي مدد غير محددة العدد!!
ليس عبثاً بالطبع أن نري بجوار تعهد الرئيس بأنه ليس رئيساً مدي الحياة قوات الأمن المركزي والجيش تنزل للشارع مع حظر التجول لكي تتم السيطرة الأمنية خوفاً من أي انفلات محتمل.. الفيلم لا يتخلي أبداً علي مستوي البناء الدرامي عن عنصرين التاريخ المتجسد في ملحمة "أبو زيد الهلالي" ولا عن الأحداث الراهنة في قسوتها علي الإنسان التي تراها دائماً أمامك من خلال حضور قوات للشرطة وافتقاد المواطنين إلي أبسط عناصر الحياة الماء والدقيق والمكان الآمن.. ثم نري أيضاً كيف يأتي رجال الحزب في انتخابات الرئاسة للدعاية له في الانتخابات كل هذه التفاصيل لا يتم نسجها بعيدة عن الفيلم أو مقحمة علي الأحداث تصبح جزءا من الحدوتة المباشرة ولا تجرح الخط الدرامي، يتزوج الشقيق "محمد كريم" من "هيفاء وهبي" خطيبة شقيقه "عمرو سعد" وهو بالسجن.. حتي فض غشاء البكارة نراه يتم عنوة كل التفاصيل يصل بها المخرج مع الكاتب للذروة علي مستوي الحدوتة الصاخبة والتي نكتشف بعد رحيل الأب "محمود حميدة" أنه يزيد ويعيد الكثير من المواقف ويتعمد مزج العديد من أحداث الماضي مع الحاضر وكأنه يخشي ألا يفهم المتفرج بالضبط ما الذي يعنيه المخرج بهذه المشاهد.. مثلاً وهو يستحم بعد خروجه من السجن يتذكر أن أبيه كان يساعده علي الاستحمام وهو الآن عليه أن يتحمل مسئوليته الشخصية!!
لماذا يولد "شحاتة" في الصعيد إنها منبت رأس الأب أراد لابنه أن يحمل الجنسية.. الصعيد هو الجزء الفرعوني الأصيل في الثقافة المصرية ولهذا فإن "شحاتة" يحمل عمق مصر في دمائه.. لقد قفز مباشرة مع بداية الأحداث من الميلاد إلي الرحيل حيث يبدأ الفيلم وهو في السجن الرحلة تستغرق حوالي 30 عاماً انتهت بقتل "شحاتة" وبعدها بدأت الفوضي رأينا السنج والمطاوي والمتطرفين يسيطرون علي الشارع ويحطمون نوافذ المحلات والسيارات ودور العرض كل شيء يخضع لقانون الفوضي حيث لا صوت يعلو علي صوت الشارع عندما ينفلت وفي هذه الحالة فإنك لو خيرت الناس بين الفوضي والتوريث لاختارو التوريث حتي أكثرهم مغالاة في رفضهم للتوريث!!
الفيلم يبدأ بأغنية "مش باقي مني" للشاعر الغنائي "جمال بخيت" وألحان وغناء "أحمد سعد" مش باقي مني غير شوية ضي في عينيا.. نعم هذا هو ما تبقي.. ويقدم المخرج لقطة لمرور السنوات عندما يمسك "عمرو سعد" طفلاً بالشاكوش لتكسير الثلج ليضعه في العرقسوس لتوزيعه علي المارة في رمضان في اللقطة الثانية نري الطفل وقد صار رجلاً وهكذا يملك القدرة الجسدية.. ويبدأ الصراع علي من يمتلك مفتاح الخزنة الذي يعني القوة كان يملكه الأخ الأكبر الذي أدي دوره "صبري فواز" ولكن الأب بسبب مخالفات الابن الكبير منح المفتاح إلي الشقيق الأصغر.. الدكان باسم "شحاتة" رغم أن المنطق يقضي بأن يصبح باسم أولاد "محمود حميدة" كلهم.. لم يعبر الأبناء عن تناحر عائلي داخل الأسرة الواحدة بقدر ما هو صراع يتجاوز حدود العائلة كأفراد ليصل إلي الوطن بما يحمل من اتجاهات متعارضة.. دكان "شحاتة" علي أطراف الفيللا التي يملكها شيوعي طيب لعب دوره "عبد العزيز مخيون" يبدو أنه متعاطف مع الفقراء كما أن لديه توجهه السياسي الرافض لاحتكار السلطة والمال لدي فرد واحد ولهذا يمنح "مخيون" لحميدة حق إنشاء دكان علي أرضه ويوجهه عندما يراه يفكر أن يمنح أصغر أبنائه حق امتلاك الدكان حتي لا يفجر الصراع فهو يلعب دور الناصح الأمين وتستمر تلك المساحة من الفيللا تؤدي دورها المؤثر عندما يعود ابنه من الخارج ونجده وقد باع الفيللا لسفارة أجنبية «اسرائيلية» وفي صفقة موازية تم بيع دكان "شحاتة".. وهكذا يظل الختم - الذي يملكه الأب - متأرجحاً بين الأشقاء حتي يزجوا بعمرو سعد إلي السجن ولكن قبل أن نصل إلي هذه النقطة يقدم رحيل الأب بعد أن يأكل "السمين" الذي لم يعد قادراً علي هضمه بحكم السن يذهب للمستشفي وعلي وجهه نشعر بأنها النهاية حيث مهدت إضاءة "أيمن أبو المكارم" بلونها الأزرق الشاحب بداية رحلة الموت.. المخرج أيضاً تحرك في لقطة بارعة بزاوية الكاميرا إلي أسفل لنري النعش خارجاً من المستشفي متجهاً للصعيد!!
المخرج يوحي في التترات بكل الأحداث العامة التي عاشها العالم من خلال قصاصات الصحف غزو العراق، ضرب لبنان، حصار غزة، ولاية "أوباما" حتي محرقة بني سويف والتي أدينت فيها وزارة الثقافة المصرية، بل أدين المسئول عن الثقافة الجماهيرية وقتها.. صحيح بعد ذلك حصل علي البراءة ولكن كانت هناك بالفعل إدانة أدبية وجنائية لاحقت كبار موظفي الوزارة.. وفي النهاية يضعها ضمن أحداث الفيلم، وذلك عندما ثار أهالي بني سويف علي ما حدث ويسدون الطريق العام لكنهم يسمحون لجثمان "محمود حميدة" بالمرور.. لم يكن المخرج بحاجة إلي ضرورة إقحام هذا المشهد ولكن كما يبدو لي أراد أن يتأكد من تسجيل الموقف ولم يكتف بالتترات.. في الفيلم نري أمام "خالد يوسف" أكثر من حاجز فكري وجماهيري يريد أن يقفز فوقه فهو يقدم فيماً تجارياً وهذا الفيلم محمل ببطلة صارت تحمل في حد ذاتها اسماً لدي الناس له مردوده النفسي وأعني بها "هيفاء وهبي" فهي خلقت صورة ذهنية كرمز للأنوثة.. بالطبع هناك ولا شك ارتباط شرطي يفرض نفسه بمجرد أن نري "هيفاء" فأنت تتوقع أن تري الأنثي المثيرة في نفس الوقت هذا هو أول ظهور لها في السينما تؤدي دور فتاة تنتمي جذورها إلي الصعيد إلا أنها تعيش علي هامش الحياة في القاهرة من اللقطة الأولي تمسك بملابسها الداخلية التي تنتزعها من حبل الغسيل، بداية ولا شك ترتبط بهيفاء.. المخرج أيضاً لم يقصر في شيء فيما يختص بأنوثتها فنحن نشاهدها مثلاً مع "عمرو سعد" حبيبها وهما يتبادلان قطعة التفاح في الفم كل منهما يأخذ قضمة ثم يصلان إلي النهاية إنها أيضاً لقطة من أجل عيون "هيفاء".. واحدة أخري في الملاهي مع خطيبها "عمرو سعد" والمرجيحة تتحرك لأعلي وأسفل والكاميرا تتابع من أعلي ومن أسفل وقبل ذلك مشهد قراءة الفاتحة الذي يتحول أيضاً إلي مشهد أقرب إلي الفيديو كليب وهي ترقص علي موسيقي الشيخ "زكريا أحمد" هو صحيح الهوي غلاب، وينتهي الأمر بخناقة بين أخيها "عمرو عبد الجليل" و "عمرو سعد" وتستمر "هيفاء" في عمق الكادر تكمل بقايا المشهد بالرقص بتفاصيل ليس لها علاقة لا بالصعيد ولا وجه بحري ولا العشوائيات لها فقط علاقة مباشرة بأنها "هيفاء وهبي" كصورة ذهنية يريد المتفرج دائماً مزيد من الاستمتاع بها.. ونجدها أيضاً في مشهد متخيل علي السرير بين "هيفاء" و "عمرو سعد" حيث تتخيل أنه هو الذي يمارس معها الجنس وليس أخيه ثم نكتشف بعد ذلك أنه "محمد كريم".. "هيفاء وهبي" ليس لديها قدرة علي الأداء التمثيلي وتستطيع أن تدرك ذلك في أغلب مشاهدها وتتأكد أن هذا هو أقصي ما يمكن أن يحصل عليه المخرج منها.. كان كثيراً ما يبدو أن هناك جهداً مضاعفاً يبذله المخرج للحصول علي أقصي ما هو ممكن.. نعم وصل في عدد محدود من المشاهد للحدود الدنيا كفن أداء لكنها خذلته في القسط الوافر من المشاهد ولم تصل حتي للحد الأدني!!
لم تنس "هيفاء" في الفيلم أنها "هيفاء" ولم نر خدشا يؤثر علي هذا الجمال عندما حرقت نفسها بعد أن ألقت الجاز علي جسدها لم تصب بشيء ظلت هي هي علي سنجة عشرة رغم أن النيران مفروض أنها اشتعلت في أجزاء عديدة من جسدها..عندما ألقت بنفسها من البلكونة ووضعت في الجبس ظلت هي "هيفاء" التي نعرفها بلا تعبير ولكن مع جبس أبيض يقيد حركتها حتي عندما ارتدت الحجاب ظلت "هيفاء".. اقتنعت بهيفاء الممثلة عندما ارتدت النقاب وزارت "عمرو سعد" في السجن ولم تنطق بكلمة لم نر من وجهها سوي عينين ساحرتين وكان هذا يكفي فهي لم تنطق بأي كلمة واختفي وجهها خلف النقاب ولهذا يجب علينا توجيه التحية للنقاب!!
يظل في الفيلم أيضاً "عمرو عبد الجليل" الذي حقق خطوات مهمة جداً في فيلمه "حين ميسرة" واقترب من الناس.. منحه المخرج "خالد يوسف" مساحة من الإضافة في "حين ميسرة" وكان جديراً بها هذه المرة في "دكان شحاتة" منحه مساحة أكبر من الإضافة لجأ "عمرو عبد الجليل" إلي استخدام مقطع من مثل ويكمله من مثل آخر أو يغير في نهايته وغيرها من المفردات.. كان يبدو وكأنه يلعب لحسابه والمخرج منحه هذه المساحة لكي يحقق أهدافاً عند الجمهور ولا شك أنه نجح في تحقيق عدد من الضحكات لكنه لم يمنح شيئاً للفيلم وكأننا بصدد مونودراما "عمر عبد الجليل" وبالطبع فإن هذه مسئولية المخرج!!
"عمرو سعد" أراه دائماً يتقدم بخطوات واثقة لجمهوره فهو نموذج حقيقي لفتي الشاشة ابن البلد.. يتمتع "عمرو سعد" بمرونة في الأداء ولكن الشخصية الدرامية تبدو متسامحة ومثالية ومستسلمة لظلم شقيقه أكثر مما يحتمل المنطق وأيضاً المشاهد!!
أعجبني "صبري فواز" الذي أدي دور الشقيق الأكبر لعمرو سعد ولكن تغيير مواقفه من الشر إلي الطيبة قرب النهاية كان يحتاج إلي منطق درامي مقبول.. الممثل الذي حقق خطوات بعيدة جداً في الاندماج الإبداعي للشخصية هو ممثل جديد نراه لأول مرة اسمه "رامي غيط" يؤدي دور "البرص" إنه يأخذ بقايا من بقايا الفقراء حالة من التلقائية والتعايش تظل نادرة جداً في السينما المصرية.. ويتبقي أيضاً الإشارة إلي "محمود حميدة" الفنان المبدع الذي توافق مع سينما هذه الأيام وقدرة علي الاختيار الصحيح وأيضاً "عبد العزيز مخيون" الذي يغيب عن الشاشة كثيراً ولكن عندما يعود يملأ سنوات الغياب بحضوره المؤثر.. "غادة عبد الرازق" كان السيناريو يبدو وكأنه يحاول أن يبحث لها عن مساحة فهي تذهب في أكثر من مشهد إلي "هيفاء وهبي" لتحكي لها عن مشكلتها التي يعرفها الجمهور أو تروي لها حادثا شاهدناه كلنا.. لا شيء يحيل تواجدها إلي منطق حتمي.. الدراما لم تكن في حاجة إلي موهبة "غادة عبد الرازق" ليس بسبب ضآلة المساحة فلقد أدت ثلاث مشاهد في "حين ميسرة" وكان حضورها طاغياً.. هذه المرة المساحة أكبر ولكن بلا إضافة حقيقية!!
"ناصر عبد الرحمن" في الثلث الأخير من الفيلم يعيد كثيراً المعلومات فهو لا يقدم لنا أكثر من أن لديه مواجهة حتمية بين "عمرو سعد" وشقيقيه ولا يدري كيف يؤجل الصراع فظل يبحث عن أحداث ملفقة تملأ تلك الفترة الزمنية ويخترع مواقف لتأجيل اكتشاف "عمرو سعد" لمكان شقيقيه ثم اكتشاف أن أخيه تزوج خطيبته.. كان ينبغي أن تسرع الأحداث أكثر حتي لا تتبدد طاقة الجمهور في انتظار اللعبة الأخيرة وكان الباقي كله تسخين خارج الملعب السينمائي!!
في الفيلم تفوقت أشعار "جمال بخيت" و "إبراهيم عبد الفتاح" و "كوثر مصطفي" وموسيقي وألحان وصوت "أحمد سعد" والمواويل الصعيدية التي أداها الشيخ عارف وكتبها "جمال بخيت" وديكور "حامد حمدان" وكان تنفيذ اللقطات يحمل إبداعاً خاصاً من مدير التصوير "أيمن أبو المكارم".. الفيلم يظل بحاجة إلي مونتاج علي الورق تكثيف درامي قبل أن يبدأ مونتاج الشريط السينمائي!!
لو قلت أن "دكان شحاتة" فيلم تجاري يحاول أن يقدم كل المفردات التي يريدها الجمهور فأنت لم تبتعد عن الحقيقة التي يعلنها الشريط السينمائي ولو قلت إنه يحمل بعداً فكرياً وسياسياً ويدخل إلي الممنوع فأنت أيضاً تتحدث عن الحقيقة التي شاهدناها علي الشريط السينمائي.. الفيلم فكرياً يبدو أنه ينحاز للتوريث ويقول له نعم وبصوت عال لأنه أفضل الحلول المطروحة والبديل هو الفوضي!!
لم يطرح الأب حلولا أخري لكنه اختار من البداية "شحاتة" فلم يعتلي "شحاتة" الكرسي وضاع "الدكان" وعمت الفوضي في البلد!!
*********
قبل الفاصل
قال "سعد الصغير" إنه لم يكن يعرف أن الراقصة التي تشاركه "النمرة" التي قدمها في مهرجان الرقص الشرقي إسرائيلية.. وهو نفس ما صرحت به أيضاً الراقصة "دينا" بعد أداء نمرتها.. هل ننتظر من وزير الثقافة بعد انتهاء معركته للوثوب إلي كرسي مدير عام اليونسكو باعتذار مماثل!!
العملاقان "أحمد رجب" و "مصطفي حسين" هل يعودان معاً؟ هل نري ريشة "مصطفي" تتعانق مع فكر "رجب".. انتهت الخصومة الشخصية بينهما التي استمرت أكثر من عشر سنوات وشاهدناهما معاً في أكثر من لقاء خاص.. من حقنا أن نستمتع بنتائج الصلح بعد أن عانينا كثيراً من سنوات الجفاء!!
"هاني شاكر" يغني من تلحين "تامر حسني" وذلك بعد أن قررت "وردة" أن تغني في شريطها القادم ألحان "تامر حسني".. "وردة" و "هاني" حريصان علي تقديم إيقاع هذا الجيل ومن الواضح أن "تامر" صار «ترمومتر» موسيقي هذا الجيل!!
كلما شاهدت الصور الفوتوغرافية لأشرف عبد الباقي في مسلسل "إسماعيل يسن" تذكرت علي الفور "عبد المنعم إبراهيم"؟!
تم اكتشاف 16 ألف كتاب احتوتها مكتبة "هتلر" أكبر طاغية في التاريخ المعاصر.. قالوا إن "هتلر" لم يكن يحتفظ فقط بالكتب بل إنه كتب علي هوامش تلك الكتب بعض التعليقات علي ما قرأه.. هل تتوافق الديكتاتورية مع الثقافة؟ بالطبع لا.. ولكن يبدو أن مبدأ "هتلر" كان هذه "نقرة" وتلك "نقرة"!!
800 دجاجة لاقت حتفها في الصين بسبب الموسيقي الصاخبة المنبعثة من ملهي ليلي قريب من مزرعة الدواجن.. صاحب المزرعة حصل علي تعويض قدره 1800 يورو.. هل من الممكن أن يتمتع البشر في بلادنا من ضحايا الموسيقي الصاخبة بحقوق الفراخ في الصين؟!
قال المخرج "إسماعيل مراد" إن سر استعانته ب "غادة إبراهيم" في فيلم "يو ما اتقابلنا" انه كان يجامل صديقه السيناريست "خالد عبد الجليل" لأنها في هذا التوقيت كانت زوجته.. سؤال للقراء.. اختر الإجابة الصحيحة هل كان "مراد" يجامل حقيقة "خالد" صديقه أم أنه يجامل "خالد" رئيس المركز القومي للسينما أم أنه يجامل "خالد" المسئول عن الإنتاج في شركة A.R.T المشاركة في إنتاج يوم ما اتقابلنا؟! ربما أسقط المخرج بحجر واحد ثلاثة عصافير وهو الآن يأكل العصافير الثلاثة!!
بعد أن حصل المخرج النمساوي "مايكل هانكي" علي جائزة "السعفة الذهبية" عن فيلمه "الرباط الأبيض" قال أنا سعيد بالطبع بالجائزة ولكني لست فخوراً بها، فأنا دائماً ما أري عيوباً وخللاً ما ولم أكن يوماً راضياً عن أفلامي.. أتمني أن يراجع هذه الكلمات السادة مخرجو السينما المصرية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.