الضحايا: شعري احترق من ال »شامبو» المغشوش.. والعلاج بلا نتيجة خبير ب »القومي للبحوث»: مسحوق البروتين يصيب بالسالمونيلا وتم منعه كطعام للكلاب د.هاني الناظر: البروتين الحيواني يسبب بكتيريا.. والبيئة: لا تهاون مع المخالفين مصانع تستخدم الحيوانات النافقة في صناعة مستحضرات التجميل نائبة بالبرلمان: قدمت طلبات إحاطة لوزير البيئة ..دون جدوي! شعبة الكوافير: 80% من المستحضرات مغشوشة لم تكن المرة الأولي التي تحاول فيها رشا عادل، الأربعينية التي تعيش في محافظة القاهرة، لتغذية شعرها بعد أن أصابه التقصف، حتي سمعت عن استخدام شامبو يحوي مادة بروتينية يساعد علي تنعيم وإطالة الشعر والحفاظ عليه، وكغيرها من السيدات لجأت لاستخدام هذا الشامبو إلا أن الأمر انتهي إلي كارثة بعدما سقط معظم شعرها علي حد وصفها. حكاية رشا أصابتني بالصدمة وأثارت العديد من التساؤلات جعلتني أبحث علي مدار عام عن مصدر تصنيع هذا المستحضر الذي شوه جمالها حتي توصلت إلي معلومات خطيرة عن مافيا هذا النوع من التجميل القاتل. تروي رشا ل »الأخبار» أن شعرها تحول إلي شيء جاف هش ومجعد للغاية ولا تستطيع السيطرة عليه بعدما قامت باستخدام هذا الشامبو الذي كان يحمل ماركة شهيرة واشترته من أحد المحلات الكبري في حي مصر الجديدة، ويحتوي الشامبو علي بروتين في عرض خاص بسعر أقل من سعره الحقيقي بمبلغ 60 جنيهاً، وأخذته بناء علي نصيحة إحدي مصففات الشعر بالمنطقة التي تعيش فيها. ظنت رشا في البداية أن المشكلة تكمن في (الشامبو) نفسه لكن عند عرض العلبة علي متخصص في التجميل أخبرها ان هذه الزجاجة »مغشوشة» وان الشامبو المعبأ بها ليس المنتج الأصلي من الأساس، لتستمر معاناة رشا التي ضاع شعرها الذي اعتزت به طيلة حياتها. قامت رشا بالتواصل مع الشركة (حصلنا علي نسخة من المخاطبات) التي صنعت الشامبو والتي بدورها أخبرتها بعد عدة أشهر أن العينة مطابقة للمواصفات وذلك بعد أن حصلت الشركة علي الزجاجات التي تبقي منها بعض الشامبو، وكذلك تواصلت مع وزارة الصحة تشكو لهم ما حدث لها فأخبروها أنهم ليسوا مسئولين سوي عن الصيدليات، حتي أن جهاز حماية المستهلك الذي لجأت له مؤخرًا لم يعد لها حقها بعدما سجلت شكواها عبر الخط الساخن فلم يردوا عليها. رشا ليست الوحيدة المتضررة من منتجات التجميل المغشوشة ف»سلمي محمد» فتاة عشرينية تدرس بإحدي كليات القمة، هي حالة أخري قامت بشراء إحدي عبوات »كرياتين للشعر» من محل شهير في منطقة المهندسين، تعمدت الشراء منه لسمعته وشهرته لتفادي النصب، إلا أنها عند الشراء بمبلغ 450 جنيهاً وجدت المنتج عبارة عن مياه لها رائحة ولون لكن دون تحقيق أي نتائج فعالة كما توقعت لشعرها، بل زاد تقصفه وتغير لونه للدرجة التي تأكدت معها أن شعرها أصبح »كالميت»، كل التغير الذي طرأ عليه هو أنه يتساقط، حاولت العلاج أكثر من مرة حتي وصلت إلي درجة أسوأ كثيرًا عما كانت عليه من قبل. علي مدار العامين الماضيين ومطلع العام الجديد رصدت »الأخبار» زيادة ضبطيات مباحث التموين ووزارة الداخلية لمسحوق مجهول المصدر وغير معروف ماهيته بجانب زجاجات فارغة تابعة لشركات كبري في مجال مستحضرات التجميل تقوم مصانع بير السلم بإعادة ملئها بهذا المسحوق بعد وضع بعض المواد الأخري بجانب مخلفات المطاعم ومخلفات الأسواق ويتم تحرير العديد من المحاضر أبرزها المحضر رقم 5584 جنح قسم فاقوس لسنة 2016. المسحوق الغامض والمجهول المصدر تتبعته »الأخبار» في هذا التحقيق الذي يكشف تورط مصانع مرخصة وأخري غير مرخصة لصناعة الأعلاف، تستخدم بقايا ومخلفات الدواجن والأسماك النافقة في صناعة مساحيق بروتين يتم توزيعها علي مصانع غير مرخصة لإنتاج مستحضرات تجميل تسبب أضرارًا بالغة لمستخدميها، في ظل ضعف الرقابة المتمثلة في وزارة البيئة وهيئة الخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة والمحافظات المتواجد بها تلك المصانع. كانت بداية الخيط لتتبع هذا المسحوق تصريح رئيس شعبة الدواجن في الغرفة التجارية، عبد العزيز السيد، أثناء إجرائنا حواراً معه حول مخلفات الدواجن، الذي بدوره أكد ل »الأخبار» أن مصانع إعادة تدوير مخلفات الدواجن تقوم بإنتاج مسحوق بروتين يدخل في صناعة مستحضرات التجميل بجانب صناعة أعلاف الأسماك والدواجن وأنه توجد 3 مصانع كبري أكبرها في الشرقية وثانيها علي طريق مصر اسكندرية الصحراوي، والثالث في الجيزة، بخلاف مصانع أخري مرخصة أيضًا تعمل علي إعادة تدوير هذه المخلفات حتي لا تتراكم وبعضها يعمل دون ترخيص. عبر شكويين لجريدة »الأخبار» من سكان قري بداخلها مصانع إعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك يشكون الإصابة بأمراض صدرية بسبب رائحة لا تطاق ومطالبات بنقلها، تمكنت »الأخبار» من الوصول للقري، اثنان من هذه المصانع كانا مرخصين والثالث غير مرخص بمحافظتي الإسكندريةوالشرقية. مصانع الموت كانت بداية الرحلة في قرية السلام بمدينة بلبيس محافظة الشرقية، حيث قادنا أحد أهالي القرية إلي مكان المصنع الأول وهو مصنع صغير غير مرخص يوجد بعيدًا عن القرية يدعي مصنع »حميدو» كما يطلق عليه الأهالي، المشهد من الخارج لا يوحي بأنه مصنع، فهو يشبه البيت الصغير المكون من طابقين وله سور قصير، لكن طيور أبو قردان التي أحاطته وكذلك تواجد بعض بقايا الحيوانات النافقة خلف سور المصنع تؤكد بوضوح شهادات الأهالي أكدت لنا أنه يعيد تدويرها. دخلنا إليه وتحدثنا إلي جمال الذي أكد أنه أحد المسئولين عن المصنع، ولكنه لم يوافق علي الحديث إلا بعد إجراء عدة اتصالات مع المديرين وأصحاب المصنع وافقوا علي الحديث معنا والتصوير علي مضض، ليؤكدوا أنهم يقومون بإعادة تدوير مخلفات الأسماك فقط بعد جمعها من الأسواق ليعيدوا تدويرها لصناعة »مسحوق بروتين» والذي يدخل في صناعة الأعلاف فقط، لكن »الريش» كان ظاهرًا وسط المخلفات التي شاهدناها، ورفضوا أيضًا تصوير »الكوكر» وهو إناء حديدي ضخم يتم »طبخ» المخلفات داخله علي درجات حرارة مرتفعة للغاية تصل إلي 138 درجة مئوية من أجل تحويلها إلي مسحوق بروتين حيواني، بدعوي أن التصوير من الممكن أن يجعل آخرين يسرقون فقرة صناعة الكوكر وينفذون نفس المشروع وينافسونه في السوق. المخلفات تتناثر في كل مكان ولا توجد ثلاجات محكمة الإغلاق أو حتي فلاتر لتمتص تلك الرائحة التي تملأ الأرجاء، كما عرض علينا العاملون في المصنع عينة من المسحوق لكنهم لم يأتوا بها من الأجولة المترامية علي الأرض وجاءوا بها من داخل غرفة مغلقة بأقفال محكمة، وقدم لنا أحد العاملين كيسًا بلاستيكيًا بداخله عينة من المسحوق يشبه في ملمسه ولونه »الكمون». مسحوق المرض وعن مكونات المسحوق وطريقة تحضيره أكد ه. ح، الذي رفض نشر اسمه لعدم وقوع ضرر عليه، وهو يعمل كفني في أحد المصانع الشهيرة في هذا المجال، أن جميع الحيوانات - وليست الدواجن أو الأسماك فقط النافقة والمريضة والكتاكيت والبيض وأي شيء - يجمعها العاملون بالمصانع ويتم وضعها في »الكوكر» تحت درجة الحرارة المرتفعة للغاية لتتحول إلي مسحوق يكون مختلطًا ببعض الزيوت، ثم تتم تصفيته في مصفاة ضخمة، لتذهب تلك الزيوت وتباع إلي مصانع الصابون، أما المسحوق فيتم توزيعه علي مصنعي مستحضرات التجميل خاصة مصانع »الروج» ومستحضرات تنعيم الشعر وكذلك الأعلاف لأصحاب المزارع والتي تباع لدي العطارين ويكتب عليها »نباتية» لكن في الحقيقة معظمها يحتوي علي بروتين حيواني. عامل أيضًا في نفس المجال أكد أن المصنع الكبير في الشرقية صاحبه »مسنود» ولا يجرؤ أحد علي التقرب من المصنع الخاص به فرغم إغلاقه أكثر من 6 مرات إلا أنه يعاود العمل مرة أخري بعد كسر الشمع، دون رادع له، القرية بأكملها تعاني من الرائحة لعدم وجود فلاتر أو تغطية كافية للسيارات الحاملة للأحشاء مما يتسبب في انبعاث الروائح، مؤكدًا أن هناك معايير لا يلتزمون بها منها ألا يمر علي الطير النافق وقت طويل وكذلك أن يتم حفظه في ثلاجات وأن يتم فصل كل جزء من جسد الطائر في ناحية وكل حسب الاستخدام لكن هذا لا يطبق. امبراطورية مصنع »الريش» انتقلنا مباشرة إلي موقع مصنع »الريش» وهو مصنع مرخص يقوم بتصنيع بروتين حيواني بحسب ما كتب علي لافتة المصنع، والذي يمتلكه رجل أعمال شهير، وهو المتسبب في الرائحة التي تؤذي أهالي القرية، المصنع له أسوار شاهقة يحيط بها أشجار عالية لا تستطيع رؤية ما خلفها وعلي الرغم من أن السور العالي والأشجار من اشتراطات وزارة البيئة، إلا أن الرائحة الكريهة تصاعدت للدرجة التي أصابت معدي التحقيق بألم شديد في المعدة وعدم القدرة علي التنفس، طيور »أبو قردان» تخيم علي المكان، المصنع مقام علي مساحة شاسعة، بداخله مزرعة ويبيع الدواجن وكذلك يعيد تدوير مخلفاته ومخلفات قادمة إليه من خارج المزرعة، يحوي بداخله 10 وحدات كوكر لصناعة المسحوق. أشرف كمال، أحد ساكني منطقة الجمهورية والتي تبعد 2 كم عن المصنع، يملك مزرعة تصل الرائحة إليها فلا يستطيع الجلوس فيها بسبب رائحة المصانع، وهو ما يضطره إلي زيارة مزرعته مرة كل بضعة أشهر. قدم أشرف العديد من الشكاوي إلي المحافظة وإلي الوحدة المحلية وإلي الشرطة دون فائدة مضيفًا أن هناك مصنعا تحت الإنشاء حصل علي ترخيص جديد بالشرقية لإعادة تدوير مخلفات لتتزايد الأضرار سواء الناتجة عن المساحيق أو الرائحة الكريهة. صرخات أهالي القرية تعاني قرية السلام من رائحة تشبه رائحة تعفن جثث الموتي شكاوي لا حصر لها من رائحة مصنع يقوم ب »طبخ» مخلفات وأحشاء وريش وعظام وإعدامات الدواجن، لا يستطيعون النوم أو تناول الأكل أو الشرب من الرائحة الكريهة التي تغطي القرية بأكملها، وقفنا علي بعد 200 متر من مصنع الريش، الرائحة بدأت في التزايد تمام الساعة الواحدة ظهرًا لنجد السماء قد أظلمت فجأة وامتلأت بمجموعات ضخمة من الطائر الشهير بتناول الديدان »أبو قردان» وقد انهال في الهبوط علي إحدي العربات المارة من طريق ميدان الطيارة وهي عربة نصف نقل مكشوفة مغطاة بقطعة من القماش الخفيف حيث تتاح لك رؤية الأحشاء الخارجة منها والرائحة التي تملأ المدينة، تتزايد حدتها وقت مرورها في طريقها للمصنع وتتشاجر الطيور علي نهش النافقات وتمزقها إربًا تاركة البقايا علي الطرقات والرائحة خلفها تؤذي جميع السكان وتصيبهم بأمراض الصدر والمعدة، حتي المدرسة والوحدة الصحية بالقرية لم تسلما أيضًا من رائحة »الطبخة» التي تعدها تلك المصانع. الطفلة نور، لم تكمل عامها السابع بعد، ضحية للمصنع فهي تعيش بمنزل قريب منه، تقول: »أنا كل يوم بروح للدكتور عشان الكحة.. عندي حساسية مش بتروح» وهو الأمر الذي أكدته والدتها وأن الطبيب يحذرها من البقاء في المكان خاصة أن معظم أطفال وشيوخ القرية لديهم حساسية صدرية. يقول ممدوح عليم، تاجر بالقرية، إن عربات المخلفات التي تحوي أحشاء الدواجن والريش والنافقات تمر بين القري لتبعث رائحة لا تطاق تصيب الجميع بمغص شديد في المعدة وكذلك شعور بعدم الرغبة في تناول الطعام والشراب. وهو ما يؤكده توفيق عطية، صاحب إحدي الاستراحات الشهيرة، بقوله إنه يعتمد علي البخور لأن الزبائن »طفشوا» بسبب الرائحة الكريهة، وهو يتمني أن يتدخل المسئولون لحل الأزمة وإيجاد حل ينقذ السكان، وأكد معظم الأهالي أن المصنع عمله غير الملتزم بالمعايير البيئية والقانونية ويرون العاملين فيه يجمعون الكلاب والقطط والحيوانات النافقة من الطرقات ويضعونها بالمفارم لإنتاج نفس المسحوق. مصانع الشرقية واجهنا مسئولي الوحدة المحلية بمدينة بلبيس بتلك الرائحة وشهادات الأهالي وكذلك بالمنتج الناتج عنها، ليؤكد محمد فتحي عبد الحميد، رئيس الوحدة المحلية، أن مصنع الريش تم إنشاؤه عام 2002 وأنه حاصل علي جميع التراخيص والموافقات من جهاز شئون البيئة وكذلك اتحاد الصناعات من أجل الفتح، وبسبب الرائحة تم عمل أكثر من محضر ضد المصنع من الوحدة المحلية وبالفعل يتم إحضار قوات من وزارة الداخلية لإغلاقه إلا أن صاحب المصنع يعيد فتحه من جديد ويدفع غرامة 50 جنيها عقوبة كسر الشمع. مضيفًا أن دور الوحدة فقط هو عمل محضر ضد المخالفين وأن آخر محضر لديه بتاريخ 30 أغسطس عام 2017. في حين يري عبد الله أبيب، مسئول سابق عن جهة التراخيص، أن الوحدة المحلية تصبح لا حول لها ولا قوة أمام حصول المصنع علي التراخيص من كافة الجهات المسئولة، علي الرغم من وجود قانون البيئة المادة رقم (4) لسنة 1994 وتعديلاته ولكن لا فائدة من إغلاقه فهو يعاود الفتح والعمل من جديد. سألنا رؤساء الوحدة المحلية عن المصنع الآخر، أكدوا أنهم لا يعلمون عنه شيئًا ودونوا اسمه من أجل البحث عن معلومات عنه وإجراء اللازم لكنهم نفوا أي معرفة سابقة به. مصنع الإسكندرية مصنع آخر غرب الإسكندرية بمنطقة عبد القادر يعمل علي إعادة تدوير مخلفات الدواجن وهو مصنع حاصل علي ترخيص، إلا أنه لا يلتزم بمعايير الحفاظ علي البيئة، النفايات ملقاة علي الأرض في كتل ضخمة تسبب رائحة كريهة يستغيث الأهالي منها. وهو ما يؤكده أحمد محمد، أحد سكان المنطقة، قائلا :»احنا كرهنا حياتنا بسبب الريحة وقدمنا شكاوي ومفيش فايدة» مضيفًا أن الرائحة تصبح غير محتملة خاصة في الليل عند نوم معظم السكان، وعلي الرغم من تقدم الأهالي بشكاوي إلي وزارة البيئة برقم 111423 إلا أنه لم يستجب لهم أحد والمصنع لايزال قائماً ويصيب السكان بالأمراض الصدرية ويؤثر علي الأطفال وهو ما يؤكده أيضًا محمود عبد الجواد، أحد السكان، أن البيوت تغلق نوافذها من شدة رائحة النافقات علي الطريق العام. مستحضرات التسميم تواصلنا مع د. خالد بيومي، نائب رئيس شعبة أمراض الدواجن بالشعبة البيطرية بالمركز القومي للبحوث، والذي أكد ل »الأخبار» أن المنتجات المعاد تدويرها من مخلفات الدواجن والأسماك اكتشف العلماء بعد عدة أبحاث أنها ضارة للكلاب والحيوانات الأليفة فأصبحت إذا تم استخدامها في عدد قليل من منتجات طعام الكلاب يكتب عليها أنها منتجات قليلة الجودة ويوضع فيها مسحوق البروتين بكمية قليلة للغاية. وأضاف بيومي أنها ضارة أيضًا في استخدامها كأعلاف للأسماك والدواجن فهي تسبب السالمونيلا والتي يمكن أن تنتقل أيضًا للإنسان وأعراضها خطيرة إذا زاد تراكمها في الجسد فتؤدي إلي الوفاة، وكذلك تسبب أمراضا سرطانية خطيرة علي المدي البعيد، مؤكدًا أن أجزاء قليلة هي التي يمكن أن تصبح صالحة لإعادة التدوير واستخدامها في مستحضرات التجميل أو الأعلاف لكن بنسب ضئيلة وأن هذا لا يحدث في الواقع بل يتم فرم وطبخ الطائر النافق أو مخلفات الأسماك كاملة، وأن الشروط الواجب توافرها لا يتم اتباعها في الغالب لصعوبتها واحتياجها إلي تقنيات مرتفعة الجودة وهو ما لا يحدث. حساسية شديدة أما د. هاني الناظر، استشاري الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومي للبحوث سابقا، فأكد ل »الأخبار» أن مساحيق البروتين ثلاثة أنواع وهي مسحوق بروتين حيواني وكذلك نباتي وأيضًا كولاجين، وأن المسحوق الحيواني هو مادة خطرة تسبب حساسية شديدة علي الجلد وتهيجاً ومن الممكن أن تنتشر في الجسد بأكمله وليس في المنطقة الموضوع عليها مستحضر التجميل فقط، مشيرًا إلي أنها تسبب مضاعفات قد تصل إلي السرطان مع الوقت خاصة أن البكتريا الثانوية تتكون علي الجلد بسبب مسحوق البروتين الذي ينتج عن فرم مخلفات الدواجن والأسماك عندما يتم استخدامه مشددًا أنه لابد من وجود ضمير لدي التجار ورقابة صارمة. وأضاف الناظر أن من أخطر ما يمكن هو استخدام هذا المسحوق في بروتين الشعر وكل مشتقاته وأسمائه المتداولة في السوق مثل البروتين والكيرياتين والنانوبروتين والنانوكرياتين جميعها تسبب تهيج فروة الرأس وكذلك تقصف وسقوط الشعر بغزارة خاصة لتواجد مادة الفورمالين التي لا يخلو أي منتج منهم من تواجدها حتي التي يكتب عليها نسبة 0% فورمالين هو كذب لأنها المادة الفعالة التي تعمل علي إعطاء الشعر مظهرا ناعما في البداية إلا أنه يتساقط مع مرور الوقت ولابد من ابتعاد الفتيات والنساء عن استخدام هذه المنتجات. مستحضرات مضروبة!! أما محمود الدجوي، رئيس شعبة الكوافير في الغرفة التجارية، فقد أكد أن نسبة 80% من مستحضرات التجميل المتواجدة في الأسواق مضروبة، وأن البروتين الحيواني الناتج عن إعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك هي المكون الرئيسي مضاف عليه فورمالين ويتم خلطه ببعض الروائح. وأوضح الدجوي أن مادة الفورمالين المضافة إلي مسحوق البروتين »رخيص السعر» مخلوطا ببلسم تتفاعل مع مكواة الشعر فتعمل علي تحنيط الشعرة من الجذر مما يؤدي إلي تغير لونها وتجمدها وتظل هكذا حتي تتساقط تمامًا مما يصيب الشعر بالتلف وفروة الرأس بالحساسية والأمراض السرطانية مع الوقت، وأكد الدجوي أن هناك حربًا جرثومية علي مصر تعتمدها دول الخارج التي تعمل بعضها علي تهريب منتجاتها إلي مصر خاصة »البروتين» وهو ذاته »الكيرياتين» لكن الاسم المتداول اتعمد جميع العاملين في مجال الكوافير تغييره بعد أن أصبح سيء السمعة بعد أضراره الخطيرة علي الشعر، وبعض المنتجات غير مطابقة للمواصفات. أما الشركات المصرية غير المرخصة في المجال والتي تقوم باستخدام مسحوق البروتين الناتج عن المصانع الخاصة بإعادة تدوير مخلفات الدواجن والأسماك فتعتمد علي تقليد أسماء الماركات العالمية أو تعبئة الزجاجات الفارغة بمنتجات هذا المسحوق وتضيف إليه بعض المواد، أي تصبح المواد بأكملها معاد تدويرها سواء العبوة أو المحتوي وتباع مرة أخري إلي الزبائن بأرخص الأسعار في العتبة والمطرية وعين شمس الممتلئة بمصانع بير السلم والموزعين والباعة فهي صناعة متكاملة تشارك في الحرب الصحية المعلنة علي مصر. حصلت »الأخبار» علي نسخة من تحاليل عينة من منتجات الكيرياتين الخاصة بشركة »موهير» وأثبتت زيادة نسبة الفورمالين بها عن النسبة المصرح بها عالميًا، فطبقًا لمنظمة الصحة العالمية النسبة المصرح بها (اثنان من عشرة في المائة) فيما كانت في تحليل العينة الصادر عن مصلحة الكيميا ترتفع نسبة الفورمالين إلي 3.8 %. أين تباع المنتجات؟ في جولة للأخبار بالأسواق العشوائية رصدنا ما يسمي ب »الروج السحري» وكذلك بعض مستحضرات التجميل الأخري من كيرياتين وبروتين وشامبو وكذلك الكريمات المخصصة للبشرة والشعر لم نجد أي معلومات تفيد بتاريخ الانتهاء أو الإنتاج أو المنشأ وكذلك كان من الواضح رداءة العبوات التي حصلنا عليها، قمنا بشراء »الروج السحري» والذي يباع داخل مترو الأنفاق من قبل بائعة متجولة، بمبلغ 7 جنيهات وبعدما قمنا بالتفاوض معها حصلنا عليه بسعر 5 جنيهات فقط. سألنا البائعة عن سبب تسميته بالسحري فأخبرتنا »أصل لونه أخضر ولما تحطيه علي شفايفك بيتحول أحمر» لترد إحدي الراكبات » أنا بناتي مش بيستخدموا غيره سعره رخيص وبيدي لون أحمر جميل علي الخدود والشفايف» وكذلك أخري ترد في عربة السيدات لتؤكد علي حديثها بأن طفلتها نور البالغة من العمر ثماني سنوات تستخدمه وتلعب به »بتحب تتفرج عليه اوي وهو بيتحول من أخضر لأحمر». أما في منطقة »الموسكي» آلاف العبوات التجميلية تباع دون أن يكون مسجلًا عليها أي بيانات وتباع علي أنها »مستوردة» وبسعر أرخص كثيرًا من الماركات الأصلية للأسماء المدونة عليه، يقف شباب بل وأطفال لا يتجاوز عمرهم 20 عامًا يشترون تلك المستحضرات بأسعار زهيدة بعضها لا يتجاوز 5 جنيهات لأحمر الخدود وكذلك الشفاه وأيضًا كريمات البشرة والشعر. »روج» سام !! قمنا بعرض هذا »الروج» السحري - بحسب الشهرة الشعبية له -، علي باحث متخصص في مستحضرات التجميل يعمل بأحد معامل جامعة الأزهر، رفض نشر اسمه، وذلك لعدم وقوع ضرر، وبعد أن رفضت أكثر من جهة تحليل العينة ونشر نتائجها، فأكد أن أحمر الشفاه به نسبة 20% مسحوقا بروتينيا حيوانيا، كذلك نسبة نحاس 30% وكذلك عنصر الكادميوم بنسبة 40% مؤكدًا أن تلك النسب مرتفعة للغاية مقارنة بالمواصفات العالمية التي تنص علي ألا يجب أن تزيد نسبة النحاس عن 2 من عشرة في المائة، وكذلك عنصر الكادميوم فهو عنصر ثقيل شديد السمية والتعرض لكميات بسيطة منه يحدث تسمما مزمنا ويؤثر سلبًا علي الأوعية الدموية والكليتين وهو من الأسباب المباشرة للإصابة بالسرطان والنحاس يسبب طفحا جلديا، وتوجد أيضًا نسبة من الرصاص المادة السامة وتسبب السرطان هي الأخري ويجب الا تزيد هي الأخري عن 2 من عشرة في المائة. كيف تتم المراقبة ؟ واجهنا د. ناهد يوسف، رئيس إدارة المخلفات بوزارة البيئة، بما رصدناه من مخالفات لتؤكد أن هناك ضوابط تحكم الحصول علي تراخيص لمصانع إعادة تدوير المخلفات والتي من المفترض أن ما يعاد تدويره يستخدم كأعلاف، وأنه لابد من وجود ثلاجات داخل تلك المصانع لحفظ المخلفات حتي لا تسبب أي روائح كريهة وكذلك العربات لابد ان تكون محكمة الإغلاق، وأن من يخالف ذلك فعقوبة وزارة البيئة بإغلاق المصنع تبدأ من 5000 جنيه وتصل حتي مليون جنيه وأن من يتضرر يجب أن يلجأ إلي وزارة البيئة ووزارة الصحة لتقديم بلاغ وعلي الفور يتم التحرك وأرشدتنا بضرورة البلاغ عما رصدنا. وأضافت يوسف أنه لا تهاون بالطبع مع من يتسبب في أذي أي مواطن وأنه جارٍ العمل علي تشريع قانون من أجل تغليظ العقوبات بشأن من يلوث البيئة حتي يكون رادعًا بشكل كافٍ وفعال ونمنع أي أذي يتسبب في مرض السكان.وكذلك قمنا بالتواصل مع فاطمة الزهراء محسن، رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات السابق بوزارة البيئة، لتؤكد أن الوزارة طوال فترة توليها عملت علي استخراج غاز البيوجاز من مخلفات الدواجن وهو مصدر مهم من مصادر الطاقة وأن الوزارة طوال فترة تواجدها لم تتلق أي شكوي بخصوص استخدام هذه المصانع في مستحضرات التجميل. مصانع ملوثة »المصانع اللي عندنا مش مظبوطة ومخالفة وبتستخدم أي مخلفات لأي حيوانات وبترمي النفايات في الطرق ولازم يعاد تأهيلها» هكذا أكدت النائبة د. شيرين فراج، عضو مجلس الشعب، فتقول إنها قدمت أكثر من طلب إحاطة لوزير البيئة والمسئولين بالوزارة من أجل تلك المصانع وبخصوص أيضًا الاستفسار حول المنح التي حصلت عليها وزارة البيئة لتطوير تلك المصانع وتقنينها إلا انها لم تتلق أي رد، بل ويزيد علي ذلك استيراد نفايات دجاج من الخارج لتلك المصانع بملايين الدولارات لتظل تعمل هذه المصانع الملوثة للبيئة. فيما أكد د. مجدي علام، رئيس اتحاد خبراء البيئة العرب ومستشار وزير البيئة الأسبق، أن تلك المصانع تحصل علي ترخيص من خمس جهات منها وزارة البيئة وأن شروط الحصول عليها بعدها عن أي كتل سكنية، وأن المسحوق غير مضر باستخدامه كعلف ونافيًا أيضًا أي ضرر من استخدام المسحوق كمستحضر تجميل مؤكدًا أن كل الخوف فقط من دخوله في مواد غذائية فهي النقطة الخطرة والتي لابد أن تجعل تلك المصانع تخضع لرقابة شديدة. يذكر أنه بتاريخ 9 نوفمبر 2017 أصدر اللواء محمود عشماوي، محافظ القليوبية، قرارًا بإغلاق مصنع للبروتين الحيواني الذي يتم تصنيع المنتجات الغذائية به من ريش وفضلات أمعاء ودم الدواجن، حيث تقدم العاملون بمصنع مجاور بشكوي بأنه يصدر منه انبعاثات وروائح كريهة، وأبخرة من ناتج حرق النفايات والمصنع ليس له ترخيص. بينما يقول د. حسن شفيق، نائب رئيس هيئة الخدمات البيطرية الأسبق، وهي هيئة تابعة لوزارة الزراعة، أن الطب البيطري يراقب علي تلك المصانع وهي بعضها مرخص والآخر غير مرخص ويقوم بإغلاق غير المرخص منها لحين تقنين أوضاعه، ولكن بعض المصانع بعد توثيق أوراقها والحصول علي الموافقات يقوم بالمخالفات مثل عدم الاستخدام الآمن أو استخدام مواد غير صالحة ومخالفة للاستخدام مستغلين الحصول علي الموافقات وضمانها وتشن الطب البيطري حملات من حين لآخر علي هذه المصانع وتعطي الإنذارات وأحيانًا تغلق المصانع وأوقات أخري توقع غرامات قاسية لمنع تلك المخالفات إذا قامت بأخذ عينة من المسحوق وثبت أنها غير مطابقة للمواصفات. بينما تحدثنا إلي مني محرز، نائب وزير الزراعة، التي بدورها أكدت أن بداخل بعض المجازر وحدة لإعادة تدوير المخلفات لإنتاج الأعلاف فقط وأنه من المفترض ألا يدخل هذا المسحوق إلا لهذا الغرض فقط، وأن هناك قانونا تعمل الوزارة بشكل جدي لتفعيله من أجل منع بيع الطيور حية، حتي لا تلقي مخلفاتها بالطرقات لمنع التلوث وتباع مغلفة ومذبوحة وأن يتخلص كل مجزر من نفاياته بشكل آمن.