يعانى القطاع الحيوانى فى مصر من أزمة الأعلاف بعدما عجزت الدولة عن توفيرها ل«الماشية، طيور، أسماك»، فمعظم مكونات الأعلاف يتم استيرادها بأسعار مرتفعة تؤدى في النهاية لاشتعال أسعار البروتين الحيواني. ومن هنا جاءت فكرة تدوير مخلفات المجازر واستخدامها فى صناعة الأعلاف، بدلا من مركزات البروتين التي يتم استيرادها أيضا، إلا أن استخدام تلك المخلفات آثار حفيظة بعض الخبراء وتخوفهم من تأثيرها على صحة المواطن المصري، لكن ثمة بعض المؤيدين الذين يرون فيها كنزاً لابد من استثماره للحصول على مكاسب بيئية واقتصادية. يقول الدكتور عبد الحكيم سعد، أستاذ تغذية الدواجن بمعهد بحوث الإنتاج الحيوانى التابع لوزارة الزراعة، إن مخلفات المجازر فى مصر تمثل عبئاً اقتصادياً وبيئياً كبيرا، فتراكمها ينذر بكارثة بيئية، فلو تركت دون استغلال لتحللت وتعفنت وأصبحت مرتعاً خصباً لانتشار الأمراض والأوبئة والحشرات والقوارض، فى حين أن تركها يمثل إهداراً لمورد اقتصادى كبير يمكن أن يوفر الكثير للقطاع الزراعى، فالعديد من المخلفات تدخل فى صناعة مساحيق الدم والريش والأحشاء والعظام، التى يمكن أن تسد جزءاً كبيراً من فجوة الأعلاف، وقد تدخل فى صناعة السماد أيضاً. أضاف "سعد" أن هذه المخلفات تعالج تحت ظروف خاصة من درجات الحرارة "141 درجة مئوية" وضغط "3.5 درجة/سم2″، بما يضمن القضاء على كل أنواع البكتيريا والفطريات، وهى الطريقة التى تتم معها معالجة مخالفات المجازر فى شركات الأعلاف، متابعا أن مكمن الخطر ينبع من عربات المخلفات التى تجوب الشوارع، وتجمع نفايات محلات الجزارة والدواجن، حيث تسير المركبات طيلة اليوم متجولة بين المحال، لجمع المخلفات وتكون مكشوفة لفترة طويلة، مما يعرضها للتعفن، وبالتالى تصبح غير آمنة عند معالجتها واستخدامها فى صناعة الأعلاف. من جانبه، قال الدكتور على محمد على، أخصائى الإرشاد البيطرى بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، إن مخلفات المجازر تشمل أجزاء من الجسم كالرأس والأرجل والأمعاء والدم والريش فى الطيور، وقد تتم معاملتها كنفايات دون الاستفادة منها، وبات شائعاً الآن استخدام الريش بعد معاملته بالبخار وتجفيفه ثم طحنه واستعماله كمسحوق الريش كأحد مصادر البروتين الحيوانى فى علائق الدواجن، فى ظل ارتفاع أسعار الأعلاف التقليدية، ويحتوى على نسبة مرتفعة من البروتين الخام "نحو 87%"، لكنه فقير فى بعض الأحماض الأمينية الضرورية، وأوضحت نتائج كثير من الدراسات أن تغذية "كتاكيت التسمين" على علائق تحتوى مسحوق مخلفات مجازر الدواجن بمستوى إحلال 30 أو 40 % من بروتين العليقة، أدى إلى تحسن فى قيم الكفاءة الإنتاجية والمتمثلة فى وزن الجسم وكفاءة معدل التحويل الغذائي، وكفاءة الاستفادة من البروتين، وكذلك دليل الأداء الإنتاجى لبدارى التسمين سواء فى مرحلة البادئين، أو خلال فترة التربية كلها "من 1 إلى 7 أسابيع من العمر". أكد "علي" أن الباحثين اتجهوا فى السنوات الأخيرة إلى الاهتمام بدراسة محتويات الكرش للحيوانات المذبوحة فى المجازر؛ نظراً لزيادة كمياتها بشكل يمثل عبئا ماديا لنقلها والتخلص منها، ولذلك كان الاتجاه لاستخدامها كمصدر غير تقليدى رخيص فى غذاء الدواجن والحيوان، ما ساعد فى تقليل التلوث البيئي، حيث يتم تجهيز مكونات الكرش بتجفيفها فى الشمس لمدة نحو 7 أيام ثم تطحن وتعبأ لتدخل فى خلطة الأعلاف، موضحا أن محتويات الكرش تختلف كثيراً حسب نوع العلائق المستخدمة فى تغذية الحيوانات المذبوحة، وتحتوى مخلفات الكرش الجاف على 9- 12% من البروتين الخام، وعلى 28 – 35% ألياف خام، بجانب أن محتويات الكرش تعتبر بيئة لتكاثر البكتيريا والكائنات الدقيقة الأخرى، فتعتبر مصدرا مهما للأحماض الأمينية الضرورية والفيتامينات، خاصة مجموعة فيتامين (ب) والمركبات الغذائية الأخرى، خاصة الكربوهيدرات التى توجد على صورة أقل تعقيدا نتيجة لبدء عمليات الهضم عليها فى الكرش. وفى نفس السباق، قال الدكتور جميل فكرى، خبير تغذية الحيوان، إن استخدام مخلفات المجازر بدأ فى الصين منذ الثمانينيات، قبل أن ينتشر فى عدد من الدول الإفريقية، ما أدى لظهور حالات جنون البقر والجمرة الخبيثة، لافتا إلى أن هذه الظاهرة تسربت إلى المزارع فى مصر، حيث يلجأ أصحابها إلى الاعتماد على تلك المخلفات وإعادة تدويرها لإنتاج الأعلاف من مساحيق الدم والريش والعظام والأمعاء، لاحتواء هذه المخلفات على كميات كبيرة من العناصر الغذائية وعلى رأسها البروتين، الذى تحتاجه الماشية والدواجن، وكذلك الأسماك للتسمين والتربية والاستزراع. وتابع "فكرى" أن الأخطر من مخلفات المجازر، استخدام "برازها" كأعلاف لحيوانات أخرى، مثل ما يعرف ب"زرق الكتكوت"، فالكتاكيت ليس لديها معدة لهضم الأعلاف، لكنها تمتلك "حصالة" لا تهضم معظم ما تتناوله، وبالتالى فإن ما يخرج من المخلفات الغذائية للطائر فرصة يستغلها أصحاب المزارع، ليجمعوا مخلفات براز هذا الطائر ويبيعونها لمزارع الأسماك لتقدم علفاً للزريعة.