شهدت أفغانستان مؤخرا سلسلة من الهجمات الإرهابية الدموية حيث ضربت البلاد أربع عمليات إرهابية كبيرة تاركة وراءها عشرات القتلي والمصابين، والتي تبناها كل من حركة طالبان، وتنظيم »داعش» الإرهابي في شكل تصعيد واسع يكشف فشل السياسة الامريكية في افغانستان ويضع تساؤلات حول علاقة تصاعد الهجمات الإرهابية في افغانستان وتقليص المساعدات الأمريكية إلي باكستان مؤخرا. ويري محللون أن الهجمات الشرسة التي شهدتها البلاد تكشف مدي ضعف قوات الأمن الأفغانية، ويُثير تساؤلات حول إستراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفوز بأطول حرب أمريكية -استمرت 17 عاما- والسياسة الامريكية بصفة عامة هناك والتي أنفقت المليارات في سبيل هزيمة طالبان. إذ صرحت وزارة الدفاع الأمريكية، بأن حربها في أفغانستان تكلفت نحو 45 مليار دولار سنويا من أموال دافعي الضرائب في الولاياتالمتحدة. ورغم ذلك تسيطر أو تهدد حركة طالبان 70% من البلاد وذلك علي خلاف ما تعلنه السلطات الرسمية في كابول بأنها تسيطر علي معظم أراضي البلاد، حيث تفرض طالبان سيطرتها علي 14 منطقة ما يشكل 4% من الأراضي الأفغانية ولديها نشاطات وتواجد في أكثر من 263 منطقة أخري ما يشكل 66% من مساحة البلاد. وذلك في الوقت الذي يسيطر فيه تنظيم »داعش» الإرهابي علي المقاطعات الشرقيةلأفغانستان، كما يتمركز في بعض المناطق الشمالية للبلاد.ومن هنا يبدو أن الساحة الأفغانية تعود مجددا في مقدمة محطات الصراع الدولي من بوابة تنظيم داعش الإرهابي، بعد الإعلان عن انتهاء التنظيم تقريبا في كل من سوريا والعراق. ويتصدر أطراف المرحلة الجديدة من الصراع حول أفغانستانالولاياتالمتحدة وحليفها الناتو وروسيا وإيران وباكستان. ويتهم كل طرف الآخر بأنه يدعم حركة طالبان أو تنظيم داعش لتبرير خلق موطأ قدم دائم له في البلد الذي مزقته سنوات الحرب الروسية- الأمريكية علي أراضيه في الثمانينيات، ثم الحروب الأهلية والإرهابية منذ التسعينيات وحتي الآن. وفي الوقت نفسه، اتهمت الولاياتالمتحدةوأفغانستانباكستان بدعم المقاتلين ومساندتهم، وتغاضيها عن الممارسات والأفعال الإرهابية التي تحدث علي طول الحدود الأفغانية الباكستانية، وهذا ما نفته إسلام آباد. وكان ترامب قد علق مؤخرا المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن لإسلام آباد والتي تصل إلي حوالي 2 مليار دولار. وعقب المراقبون بأن الهجمات الإرهابية الأخيرة جاءت ردا علي قرار ترامب الأخير بخصوص سحب المساعدات لإسلام آباد. وفي إطار الصراع القديم بين موسكووواشنطن حول مناطق النفوذ في آسيا، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ممولين خارجيين بتحويل شمال أفغانستان إلي قاعدة للإرهاب. وفي المقابل تتهم واشنطنموسكو بدعم حركة طالبان ضد الحكومة الأفغانية المؤيدة من أمريكا. فيما تنفي موسكو إمداد حركة طالبان بالأسلحة، وتبرر صلتها بالحركة بأنها لتعزيز مفاوضات السلام. ويرجع السبب في فساد وضعف القوات الأفغانية الموجودة حاليا إلي تسرع الولاياتالمتحدة في حشد القوات المحلية من أجل تطهير أفغانستان من طالبان، فاعتمدت علي المليشيات العرقية والقبلية، التي شارك بعضها في الحروب والمعارك في التسعينيات. ولم تتدرب القوات الأفغانية بشكل يجعلها تحافظ علي أمن واستقرار المناطق.