الحكومة: حجم الاستثمارات العامة لا يتعدى تريليون جنيه في موازنة العام المالي المقبل    سامح شكري: التوافق في الرؤية المشتركة مع أثينا حول تدعيم الأمن بالمنطقة    تشافي ولابورتا.. تأجيل الاجتماع الحاسم في برشلونة    التحقيق مع عاطل لحيازته مخدر الحشيش في الوراق    موعد الفرحة: تفاصيل عيد الأضحى في السعودية لعام 2024    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    إيمي سمير غانم في ذكرى وفاة والدها: "وحشتنا يابسبوس"    «الرعاية الصحية»: لدينا منشآت معتمدة وتطبق معايير الجودة في 18 محافظة    7 تعديلات مرتقبة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة.. أبرزها رسوم الترخيص والورثة    جامعة القناة يؤكد على ضرورة الالتزام بضوابط الامتحانات والتواجد ومتابعة سير العملية الامتحانية    تنفيذاً لمبادرة "وياك".. حياة كريمة توزع 1228 هدية على طلاب جامعة بني سويف    تأجيل محاكمة «طبيب الإجهاض» بالجيزة    الحبس 3 سنوات لعاطل بتهمة النصب على المواطنين في الأميرية    نائب رئيس نادى السيارات: مسيرات للدراجات النارية ومسابقات سيارات بالعلمين أغسطس 2024    طلب إحاطة بشأن تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    محمد إمام يكشف عن البوسترات الدعائية لفيلمه اللعب مع العيال قبل طرحه    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    علي معلول لاعب الأهلي يجري جراحة ناجحة في وتر «أكيلس»    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    توجيه هام من الخارجية بعد الاعتداء على الطلاب المصريين في قيرغيزستان    ضبط المتهمين بسرقة خزينة من مخزن في أبو النمرس    مصرع شابين في حادث تصادم بالشرقية    دافع عن نفسه.. مصرع عامل بطلقات نارية على يد مدمن فى قنا    تحرير 142 مخالفة ضد مخابز لارتكاب مخالفات إنتاج خبز بأسوان    محافظ أسيوط: التدريب العملي يُصقل مهارات الطلاب ويؤهلهم لسوق العمل    الأربعاء.. انطلاق أعمال الاجتماعات السنوية للهيئات المالية العربية بالعاصمة الإدارية الجديدة    براتب خيالي.. جاتوزو يوافق على تدريب التعاون السعودي    «ست أسطورة».. سمير غانم يتحدث عن دلال عبد العزيز قبل وفاتهما    إكسترا نيوز تعرض تقريرا عن محمد مخبر المكلف بمهام الرئيس الإيرانى.. فيديو    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة يعقد ندوة تحت عنوان «كيف نفذنا من الحائط الشفاف»    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    تراجع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    رئيس النواب: التزام المرافق العامة بشأن المنشآت الصحية لا يحتاج مشروع قانون    وزير خارجية إيطاليا: حادث تحطم مروحية رئيس إيران لن يزيد التوتر بالشرق الأوسط    موجة الحر.. اعرف العلامات الشائعة لضربة الشمس وطرق الوقاية منها    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    بعد وصولها لمروحية الرئيس الإيراني.. ما هي مواصفات المسيرة التركية أقينجي؟    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    من هو وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الذي توفي مع الرئيس الإيراني؟    أسرته أحيت الذكرى الثالثة.. ماذا قال سمير غانم عن الموت وسبب خلافه مع جورج؟(صور)    معرض لتوزيع الملابس الجديدة مجانًا بقرى يوسف الصديق بالفيوم    مجلس النواب يستكمل مناقشة قانون إدارة المنشآت الصحية    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    وزير الري أمام المنتدى المياه بإندونيسيا: مصر تواجه عجزًا مائيًّا يبلغ 55% من احتياجاتها    قائمة البرازيل - استدعاء 3 لاعبين جدد.. واستبدال إيدرسون    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    22 مايو.. المؤتمر السنوي الثالث لطلاب الدراسات العليا فى مجال العلوم التطبيقية ببنها    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-5-2024    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    معين الشعباني: تسديداتنا أمام الزمالك لم تكن خطيرة.. ولاعب الأبيض قدم مباراة رائعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"باكستان".. أولى ضحايا ترامب في العام الجديد
نشر في البوابة يوم 08 - 01 - 2018

رغم أن الحروب والتدخلات الغربية، كانت السبب الرئيس لانتشار التطرف فى الشرق الأوسط، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تزال تتجاهل هذه الحقيقة، وتلوح بين الفينة والأخرى بشماعة الإرهاب، لابتزاز العرب والمسلمين.
ففى 5 يناير الجاري، أعلنت الخارجية الأمريكية تعليق المساعدات العسكرية لباكستان، بزعم توفيرها ملاذات آمنة لجماعتين أفغانيتين، هما: حركة طالبان وشبكة حقاني، واللتين تتهمهما بشن هجمات أدت إلى قتل جنود أمريكيين ومدنيين أفغان، فيما نقلت «رويترز» عن مسئول أمريكى قوله:«إن المساعدات التى تم تعليقها، تتجاوز قيمتها 255 مليون دولار، وتشمل التحويلات الخاصة بالعتاد العسكري، والمبالغ المخصصة لعمليات مكافحة الإرهاب».
ورغم أن باكستان طالما نفت هذه الاتهامات، لكن واشنطن دأبت على إطلاقها، كلما أرادت شيئا من «إسلام آباد»، أو عقابها على سلوك ما، ولذا ربط البعض بين الإجراء الأمريكى وتصويت باكستان لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكانت 128 دولة فى الجمعية العامة صوتت فى 21 ديسمبر الماضى لصالح قرار يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما اعترضت 9 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت.
واستبقت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جلسة الجمعية العامة بتحذير الدول، التى تنوى التصويت لصالح مشروع القرار، بوقف المساعدات المالية، التى تقدمها واشنطن لها.
وبالنظر إلى أن باكستان صوتت لصالح القرار، وكانت فى مقدمة الدول العربية والمسلمة، التى شهدت مظاهرات عارمة ضد قرار ترامب فى 6 ديسمبر الماضى نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة، فقد جاء العقاب الأمريكى فيما يبدو سريعًا.
عقاب أمريكى
ولعل ما يرجح أنه تتم معاقبة باكستان على موقفها المساند لقضية القدس، أن ترامب قال فى خطابه فى أغسطس الماضي: «لقد دفعنا لباكستان مليارات ومليارات الدولارات، لكنهم فى الوقت نفسه يؤون أشد الإرهابيين، الذين نقاتلهم، حان الوقت لأن تثبت باكستان التزامها بالحضارة والنظام والسلام»، إلا أنه لم يتخذ حينها أى قرار بوقف المساعدات لإسلام آباد.
ويبدو أن تغريدة ترامب فى مطلع العام الجديد، تدعم أيضًا أن ما يحدث ضد باكستان، هو انتقام منها على دعمها للقدس، أكثر من كونه تقصيرًا فى محاربة الإرهاب.
وكان ترامب اتهم باكستان بالكذب وخداع الولايات المتحدة فى وقت تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية الأمريكية، وقال فى تغريدته: «لقد منحت الولايات المتحدة بحماقة باكستان أكثر من 33 مليار دولار كمساعدات خلال ال 15 عامًا الأخيرة، ولم تعطنا أى شيء سوى الأكاذيب والخداع، متصورة أن قادتنا حمقى». وأضاف «الباكستانيون يوفرون ملاذا آمنا لإرهابيين نطاردهم فى أفغانستان، ولم يقدموا سوى مساعدة صغيرة لنا، لا أكثر!».
باكستان تنفى
وعلى الفور، نفى المسئولون فى باكستان التصريحات السابقة، وقال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف لتليفزيون «جيو» الباكستاني: «لقد أخبرنا الولايات المتحدة أننا لن نفعل المزيد، لذا فإن، لا أكثر، التى قالها ترامب، ليس لها أى أهمية».
وأضاف آصف أن «باكستان مستعدة لتقديم جرد علنى بكل تفاصيل المساعدات الأمريكية، التى تلقتها». كما كتب وزير الدفاع الباكستاني، خرم دستغير خان، تغريدة قال فيها: «إن الولايات المتحدة لم تعط باكستان سوى الذم وعدم الثقة».
وفى السياق ذاته، نفى مستشار الأمن القومى الباكستاني، ناصر خان جانجوا، الاتهامات التى وجهتها الولايات المتحدة إلى بلاده حول تقاعسها فى محاربة الإرهاب والمتطرفين فى الداخل، قائلا: «إن دعم بلاده للقوات الأمريكية فى أفغانستان أدى إلى ظهور الإرهاب فى بلاده».
وتابع جانجوا «باكستان عانت كثيرًا فى الحرب ضد الإرهاب، سواء من حيث الخسائر فى الأرواح أو من الجانب الاقتصادي، إلا أن المجتمع الدولى لم ينظر إلى تضحياتنا فى هذه الحرب من منظور إيجابي».
مدح.. وعقاب
ويبدو أن غياب الأدلة على اتهامات ترامب، يكشف أيضا أنه يعاقب إسلام آباد بالأساس على دعمها للقدس، وليس تقصيرها فى محاربة الإرهاب، بجانب أن ترامب ذاته كان قد امتدح باكستان العام الماضى لمساعدتها فى الإفراج عن مواطنة أمريكية مع عائلتها من الأسر فى أفغانستان.
ففى 12 أكتوبر 2017، أعلن ترامب أن مشاركة باكستان فى الإفراج عن مواطنة أمريكية من الأسر فى أفغانستان، تدل على استعداد إسلام آباد، لبذل الجهود لتعزيز الأمن فى المنطقة.
وقال ترامب فى بيان له: «تمكنت حكومة الولايات المتحدة وبالعمل مع السلطات الباكستانية، من تأمين الإفراج عن عائلة بويل كولمان، التى نالت الحرية».
وأضاف ترامب «هذه لحظة إيجابية لعلاقة بلادنا مع باكستان، وتعاون الحكومة الباكستانية هو علامة على أنها تحترم رغبات أمريكا فى بذل المزيد من الجهود لتوفير الأمن فى المنطقة، ونأمل أن نرى هذا النوع من التعاون والعمل الجماعى للمساعدة فى ضمان الإفراج عن الرهائن المتبقين، وفى مستقبلنا المشترك فى عمليات مكافحة الإرهاب».
كما نقلت صحيفة «واشنطن فرى بيكون» الأمريكية حينها عن مسئول أمريكى رفيع المستوى قوله: «إننا نشعر بالامتنان الشديد لحكومة باكستان لضمان الإفراج عن كاتلين كولمان وأسرتها».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أفادت فى 12 أكتوبر 2017 بأنه تم تحرير المواطنة الأمريكية كاتلين كولمان (31 عاما) وزوجها المواطن الكندى جوشى بويلي (34 عامًا) وأطفالهم بعد أن قبعوا حوالى 5 سنوات محتجزين كرهائن لدى مسلحين فى أفغانستان، وتم نقل أفراد العائلة المذكورة إلى باكستان.
وأشارت الصحيفة الأمريكية حينها إلي أن مسلحين من «شبكة حقاني» قاموا بخطف أفراد العائلة المذكورة فى أكتوبر 2012، عندما كانوا بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول.
اتفاق «بن لادن»
ولعل إلقاء نظرة على تاريخ التعاون بين واشنطن وإسلام آباد فى محاربة الإرهاب يدحض أيضا مزاعم ترامب، فمنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولايات المتحدة، أبدت باكستان تعاونا كبيرا مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، ودفعت ثمنا فادحا لمشاركتها فى هذه الحرب، عبر آلاف القتلى فى صفوف المدنيين والعسكريين، بل وظهرت أيضا طالبان باكستان على غرار طالبان أفغانستان..
فمعروف أن حركة طالبان باكستان ظهرت فى 2002، حين قام الجيش الباكستانى بفرض سيطرته على منطقة القبائل الجبلية فى شمال غربى البلاد، لوقف تنقل المسلحين على الحدود مع أفغانستان، وسرعان ما شنت هذه الحركة هجمات دامية تسببت فى سقوط المئات من أفراد الشرطة والعسكريين، كما ظهرت جماعات متطرفة أخرى، احتجاجًا على إغلاق الحكومة الباكستانية للمدارس الدينية، وتحالفها مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، وتسهيلها مرور الإمدادات لقوات الناتو فى أفغانستان.
اتفاق سري
كما كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن الولايات المتحدة أبرمت اتفاقا سريا مع الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف، يسمح بموجبه لواشنطن بالقيام بعملية عسكرية ضد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على الأراضى الباكستانية، وذلك قبل مقتله، فيما بعد فى عملية خاصة أمريكية فى مايو 2011.
ونسبت «الجارديان» إلى مسئولين أمريكيين، قولهم إنه سبق للرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف والرئيس الأمريكى السابق جورج بوش التوصل إلى اتفاق يخول القوات العسكرية الأمريكية شن هجوم لقتل بن لادن كالذى تم فى مايو 2011، موضحة أن ذلك الاتفاق بين الطرفين جرى إثر نجاة بن لادن من هجمات شنتها ضده القوات الأمريكية فى جبال تورا بورا الأفغانية أواخر 2001.
مجزرة «مهمند»
ورغم مقتل بن لادن على يد قوات خاصة أمريكية فى غارة سرية على بلدة أبوت آباد الباكستانية لكنه سرعان ما اتهمت واشنطن الجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقانى التابعة لحركة طالبان الأفغانية فى منطقة القبائل الباكستانية، بل وأشارت أصابع الاتهام إلى تعمد واشنطن ارتكاب مجزرة «مهمند»، التى قتل فيها حوالى 28 جنديا باكستانيا فى غارة للناتو فى 26 نوفمبر 2011.
فالغارة، التى استهدفت حاجز تفتيش عسكريا بمقاطعة مهمند القبلية الباكستانية على الحدود مع أفغانستان، جاءت فى ذروة التوتر بين إسلام آباد وواشنطن، على خلفية اتهام واشنطن المتكرر للجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقاني.
وخرجت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية فى 2 ديسمبر 2011 بمزاعم، قالت فيها، نقلا عن مسئول أمريكي، أن السلطات الباكستانية أعطت قوات «الناتو» إذنًا بشن الغارة، التى أدت إلى مقتل الجنود الباكستانيين ال 28، حيث لم تكن تعلم بوجود جنودها فى موقع الحادث حينها.
وأضاف المسئول الأمريكي، حسب الصحيفة، إن فرقة تقودها قوات أفغانية تضم جنودا أمريكيين كانت تلاحق عناصر من طالبان، حين تعرضت لإطلاق نار من نقطة حدودية، وظنت أن مصدر النيران من المسلحين..
وتابع «أفراد القوات الأمريكية الذين كانوا يسعون لشن غارة جوية اتصلوا بمركز تنسيق حدودى لمعرفة إن كانت توجد قوات أمن باكستانية فى المنطقة، وأبلغهم المسئولون الباكستانيون، أنه لا يوجد جنود هناك، ما يعنى السماح بتنفيذ الغارة الجوية».
وجاءت المزاعم السابقة، بعد تأكيد مسئولين أمريكيين أن الحادث هو نتيجة أخطاء من قبل الطرفين، ورفض البيت الأبيض، بناء على ذلك، تقديم اعتذار لباكستان، فيما تردد حينها أن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما كان يخشى أن يتسبب اعتذاره لباكستان فى إضعاف موقفه أمام انتقادات يشنها خصومه الجمهوريون، إذ كان يسعى للفوز بولاية ثانية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى العام التالي.
ورغم محاولة واشنطن حينها، الالتفاف على الغضب الباكستاني، وتجنب تقديم اعتذار وتعويضات، لكن مصادر عسكرية باكستانية كشفت أن الغارة الأمريكية كانت متعمدة، وأنها تمت باستخدام ما بين أربع وست مروحيات واستهدفت نقطة مراقبة بمنطقة بارزى بمقاطعة مهمند القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان، بالإضافة إلى أنها تمت ليلا، ووقعت بمنطقة نائية، مما تسبب فى عرقلة إنقاذ الضحايا.
فاتورة باهظة
وبدورها، أصدرت منظمة أطباء للمسئولية الاجتماعيّة Physicians for Social Responsibility – PSR، ومقرها واشنطن، فى يناير 2016 دراسة أوضحت فيها أن عدد ضحايا «الحرب على الإرهاب» الذين قتلوا خلال عشر سنوات، منذ هجمات 11 سبتمبر، يزيد علي 1.3مليون إنسان، بل وقد يصل إلى 2 مليون.
وركزت هذه المنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، فى دراستها على عدد المدنيين ضحايا «الحرب على الإرهاب»، التى تقودها الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان وباكستان.
وأوضحت المنظمة أن عدد ضحايا الحرب على العراق بلغ ب 655.000 قتيل حتى عام 2006، ووصل إلى حوالى مليون قتيل فى السنوات التالية، فيما سقط حوالى 220 ألف قتيل على الأقل فى أفغانستان، و80 ألف على الأقل فى باكستان، بسبب حرب الولايات المتحدة على الإرهاب سواء بشكلٍ مباشر فى العمليات العسكرية، أو غير مباشر فى أعمال عنف، أى أن 1.3 مليون قتيل بين المدنيين، على أقل تقدير، سقطوا فى الدول الثلاث، بسبب هذه الحرب، وقد يصل العدد إلى 2 مليون، حسب تعبيرها.
ووفقا لإحصائيات باكستانية أيضا، وقع 657 هجوما إرهابيا فى البلاد فى 2016 فقط، منها 41 ضد الشيعة، مما أسفر عن مقتل 907 أشخاص وإصابة 1543 آخرين، فيما اعتقلت وكالات تطبيق القانون 1552 شخصا بينهم 1094 من طالبان و47 من عناصر القاعدة و198 من داعش، ووقع 144 هجوما فى المناطق القبلية على الحدود مع أفغانستان، مما أسفر عن مقتل 379 شخصا، وإصابة 307 آخرين.
تكلفة الحرب
وبجانب الخسائر البشرية، كشفت دراسة للبنك المركزى الباكستانى فى 18 نوفمبر 2016، أن مشاركة إسلام آباد فى الحرب على الإرهاب كلفتها 118 مليار دولار خلال 14 عامًا، أى ما يعادل أكثر من ثلث إجمالى الناتج المحلى لهذا البلد.
وأضافت الدراسة أن أعمال عنف المتطرفين كلفت البلاد خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر ب 118،3 مليار دولار بين 2002 و2016، وأن «النمو الاقتصادى وكذلك تنمية القطاع الاجتماعي، تضررا بقسوة بالحوادث المرتبطة بالإرهاب، بينما أنشأت الولايات المتحدة صندوقا لدعم باكستان بمبالغ، لم تتجاوز مليار دولار سنويا منذ 2002.
وبدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية، محمد فيصل، فى 5 يناير، إن بلاده أنفقت 120 مليار دولار فى الحرب، التى تخوضها ضد الإرهاب، على مدى ال15 عامًا الماضية. وأوضح فيصل أن باكستان خاضت الحرب على الإرهاب، اعتمادًا على مصادرها الذاتية لتطهير أراضيها من هذه الظاهرة الخطيرة.
وأضاف «الدعم المالى الذى قدمته الولايات المتحدة لباكستان فى مجال محاربة الإرهاب تم صرفه على المصادر التى تصب فى المصلحة الأمريكية».
وتابع «الولايات المتحدة حققت الكثير من مصالحها الوطنية بفضل تعاون باكستان معها فى الحرب الإرهاب»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، لم تكن قادرة على هزيمة تنظيم القاعدة، دون الدعم الباكستاني.
وبدوره، قال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف: «إن الولايات المتحدة حاولت تحميل باكستان سبب فشلها فى أفغانستان، وإنها تتحدث بلسان الهند»، فى إشارة إلى التوتر المستمر بين الهند وباكستان، بسبب النزاع على إقليم كشمير ذى الأغلبية المسلمة، إذ خاض البلدان 3 حروب فى أعوام 1948 و1965 و1971.
وفى كلمة ألقاها أمام ممثلى الأحزاب السياسية فى البرلمان الباكستانى بخصوص التوتر الأخير مع واشنطن، أضاف آصف أنه مع إيجاد حل للتوتر مع الولايات المتحدة، عبر الحوار، واستدرك بالقول «إنه يجب عدم اعتبار الصبر الذى أظهرناه، أنه ناجم عن ضعف».
إعادة النظر
وبدورها، قالت سفيرة باكستان لدى الأمم المتحدة مليحة لودهى:«إن بلادها مستعدة لإعادة النظر فى تعاونها مع الولايات المتحدة، ما لم يتم تقدير هذا التعاون»، موضحة أن باكستان «ساهمت بأكبر قدر من التضحيات فى محاربة الإرهاب الدولي».
ويبدو أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، غير مقتنعة هى الأخرى بقرار قطع المساعدات العسكرية عن باكستان، واصفة فى تعليق لها فى 5 يناير، هذا القرار ب«المقامرة بالحرب فى أفغانستان»، موضحة أن التعاون مع باكستان أمر حيوى للتصدى لحركة طالبان، وفصيلها الصاعد المعروف باسم «شبكة حقاني»، والذى يقف وراء الهجمات واسعة النطاق فى المدن الأفغانية.
الانضمام لداعش
ويبقى أمر آخر يدحض مزاعم ترامب ضد إسلام آباد، ويكشف بوضوح أنها أكبر المتضررين من الإرهاب، ألا وهو أن العديد من الجماعات المسلحة فى باكستان، أعلنت مبايعتها لتنظيم «داعش»، أبرزها كتيبة «أبطال الإسلام» وهى جماعة متشددة انشقت عن تنظيم القاعدة، وقامت بمبايعة داعش فى سبتمبر عام 2014. وهناك أيضا، جماعة «أنصار التوحيد فى الهند وباكستان»، التى قامت بمبايعة «داعش» فى أكتوبر عام 2014، ودعت لشن هجمات ضد غير المسلمين فى منطقة جنوب آسيا، ردًا على غارات التحالف الدولى ضد تنظيم داعش فى سوريا والعراق.
ومن ضمن الجماعات المتشددة، التى بايعت داعش أيضا، جماعة الأحرار، وهى مجموعة من المتشددين من قادة حركة طالبان باكستان بينهم المُتحدث باسم الحركة شهيد الله شهيد، وانشقوا عن طالبان باكستان فى أكتوبر 2014.
وفى أغسطس 2017، أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن هجوم على مدنيين أمام مستشفى فى كويتا فى جنوب غربى باكستان، مما أسفر عن مقتل 70 شخصا، وفى نفس الشهر، قام بهجوم مزدوج فى سوق مزدحمة، فى باراشينار، مع اقتراب عيد الفطر، ما أدى إلى مقتل 39 شخصا، وإصابة أكثر من 200 آخرين.
وفى 5 أكتوبر 2017، قتل التنظيم ذاته أكثر من 18 شخصا فى هجوم انتحارى على مزار صوفى باكستاني، ووقع الحادث فى منطقة جنداوا فى إقليم بلوشستان فى جنوب غربى باكستان أيضا.
وبصفة عامة، فإن، التدخلات العسكرية الأمريكية فى العراق وأفغانستان واليمن والصومال، خلفت الدمار وعدم الاستقرار، وأوجدت البيئة الخصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، وظهور «داعش»، وغيره من التنظيمات الإرهابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.