رغم أن الحروب والتدخلات الغربية، كانت السبب الرئيس لانتشار التطرف فى الشرق الأوسط، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تزال تتجاهل هذه الحقيقة، وتلوح بين الفينة والأخرى بشماعة الإرهاب، لابتزاز العرب والمسلمين. ففى 5 يناير الجاري، أعلنت الخارجية الأمريكية تعليق المساعدات العسكرية لباكستان، بزعم توفيرها ملاذات آمنة لجماعتين أفغانيتين، هما: حركة طالبان وشبكة حقاني، واللتين تتهمهما بشن هجمات أدت إلى قتل جنود أمريكيين ومدنيين أفغان، فيما نقلت «رويترز» عن مسئول أمريكى قوله:«إن المساعدات التى تم تعليقها، تتجاوز قيمتها 255 مليون دولار، وتشمل التحويلات الخاصة بالعتاد العسكري، والمبالغ المخصصة لعمليات مكافحة الإرهاب». ورغم أن باكستان طالما نفت هذه الاتهامات، لكن واشنطن دأبت على إطلاقها، كلما أرادت شيئا من «إسلام آباد»، أو عقابها على سلوك ما، ولذا ربط البعض بين الإجراء الأمريكى وتصويت باكستان لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وكانت 128 دولة فى الجمعية العامة صوتت فى 21 ديسمبر الماضى لصالح قرار يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما اعترضت 9 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت. واستبقت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جلسة الجمعية العامة بتحذير الدول، التى تنوى التصويت لصالح مشروع القرار، بوقف المساعدات المالية، التى تقدمها واشنطن لها. وبالنظر إلى أن باكستان صوتت لصالح القرار، وكانت فى مقدمة الدول العربية والمسلمة، التى شهدت مظاهرات عارمة ضد قرار ترامب فى 6 ديسمبر الماضى نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدسالمحتلة، فقد جاء العقاب الأمريكى فيما يبدو سريعًا. عقاب أمريكى ولعل ما يرجح أنه تتم معاقبة باكستان على موقفها المساند لقضية القدس، أن ترامب قال فى خطابه فى أغسطس الماضي: «لقد دفعنا لباكستان مليارات ومليارات الدولارات، لكنهم فى الوقت نفسه يؤون أشد الإرهابيين، الذين نقاتلهم، حان الوقت لأن تثبت باكستان التزامها بالحضارة والنظام والسلام»، إلا أنه لم يتخذ حينها أى قرار بوقف المساعدات لإسلام آباد. ويبدو أن تغريدة ترامب فى مطلع العام الجديد، تدعم أيضًا أن ما يحدث ضد باكستان، هو انتقام منها على دعمها للقدس، أكثر من كونه تقصيرًا فى محاربة الإرهاب. وكان ترامب اتهم باكستان بالكذب وخداع الولاياتالمتحدة فى وقت تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية الأمريكية، وقال فى تغريدته: «لقد منحت الولاياتالمتحدة بحماقة باكستان أكثر من 33 مليار دولار كمساعدات خلال ال 15 عامًا الأخيرة، ولم تعطنا أى شيء سوى الأكاذيب والخداع، متصورة أن قادتنا حمقى». وأضاف «الباكستانيون يوفرون ملاذا آمنا لإرهابيين نطاردهم فى أفغانستان، ولم يقدموا سوى مساعدة صغيرة لنا، لا أكثر!». باكستان تنفى وعلى الفور، نفى المسئولون فى باكستان التصريحات السابقة، وقال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف لتليفزيون «جيو» الباكستاني: «لقد أخبرنا الولاياتالمتحدة أننا لن نفعل المزيد، لذا فإن، لا أكثر، التى قالها ترامب، ليس لها أى أهمية». وأضاف آصف أن «باكستان مستعدة لتقديم جرد علنى بكل تفاصيل المساعدات الأمريكية، التى تلقتها». كما كتب وزير الدفاع الباكستاني، خرم دستغير خان، تغريدة قال فيها: «إن الولاياتالمتحدة لم تعط باكستان سوى الذم وعدم الثقة». وفى السياق ذاته، نفى مستشار الأمن القومى الباكستاني، ناصر خان جانجوا، الاتهامات التى وجهتها الولاياتالمتحدة إلى بلاده حول تقاعسها فى محاربة الإرهاب والمتطرفين فى الداخل، قائلا: «إن دعم بلاده للقوات الأمريكية فى أفغانستان أدى إلى ظهور الإرهاب فى بلاده». وتابع جانجوا «باكستان عانت كثيرًا فى الحرب ضد الإرهاب، سواء من حيث الخسائر فى الأرواح أو من الجانب الاقتصادي، إلا أن المجتمع الدولى لم ينظر إلى تضحياتنا فى هذه الحرب من منظور إيجابي». مدح.. وعقاب ويبدو أن غياب الأدلة على اتهامات ترامب، يكشف أيضا أنه يعاقب إسلام آباد بالأساس على دعمها للقدس، وليس تقصيرها فى محاربة الإرهاب، بجانب أن ترامب ذاته كان قد امتدح باكستان العام الماضى لمساعدتها فى الإفراج عن مواطنة أمريكية مع عائلتها من الأسر فى أفغانستان. ففى 12 أكتوبر 2017، أعلن ترامب أن مشاركة باكستان فى الإفراج عن مواطنة أمريكية من الأسر فى أفغانستان، تدل على استعداد إسلام آباد، لبذل الجهود لتعزيز الأمن فى المنطقة. وقال ترامب فى بيان له: «تمكنت حكومة الولاياتالمتحدة وبالعمل مع السلطات الباكستانية، من تأمين الإفراج عن عائلة بويل كولمان، التى نالت الحرية». وأضاف ترامب «هذه لحظة إيجابية لعلاقة بلادنا مع باكستان، وتعاون الحكومة الباكستانية هو علامة على أنها تحترم رغبات أمريكا فى بذل المزيد من الجهود لتوفير الأمن فى المنطقة، ونأمل أن نرى هذا النوع من التعاون والعمل الجماعى للمساعدة فى ضمان الإفراج عن الرهائن المتبقين، وفى مستقبلنا المشترك فى عمليات مكافحة الإرهاب». كما نقلت صحيفة «واشنطن فرى بيكون» الأمريكية حينها عن مسئول أمريكى رفيع المستوى قوله: «إننا نشعر بالامتنان الشديد لحكومة باكستان لضمان الإفراج عن كاتلين كولمان وأسرتها». وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أفادت فى 12 أكتوبر 2017 بأنه تم تحرير المواطنة الأمريكية كاتلين كولمان (31 عاما) وزوجها المواطن الكندى جوشى بويلي (34 عامًا) وأطفالهم بعد أن قبعوا حوالى 5 سنوات محتجزين كرهائن لدى مسلحين فى أفغانستان، وتم نقل أفراد العائلة المذكورة إلى باكستان. وأشارت الصحيفة الأمريكية حينها إلي أن مسلحين من «شبكة حقاني» قاموا بخطف أفراد العائلة المذكورة فى أكتوبر 2012، عندما كانوا بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول. اتفاق «بن لادن» ولعل إلقاء نظرة على تاريخ التعاون بين واشنطن وإسلام آباد فى محاربة الإرهاب يدحض أيضا مزاعم ترامب، فمنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة، أبدت باكستان تعاونا كبيرا مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، ودفعت ثمنا فادحا لمشاركتها فى هذه الحرب، عبر آلاف القتلى فى صفوف المدنيين والعسكريين، بل وظهرت أيضا طالبان باكستان على غرار طالبان أفغانستان.. فمعروف أن حركة طالبان باكستان ظهرت فى 2002، حين قام الجيش الباكستانى بفرض سيطرته على منطقة القبائل الجبلية فى شمال غربى البلاد، لوقف تنقل المسلحين على الحدود مع أفغانستان، وسرعان ما شنت هذه الحركة هجمات دامية تسببت فى سقوط المئات من أفراد الشرطة والعسكريين، كما ظهرت جماعات متطرفة أخرى، احتجاجًا على إغلاق الحكومة الباكستانية للمدارس الدينية، وتحالفها مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، وتسهيلها مرور الإمدادات لقوات الناتو فى أفغانستان. اتفاق سري كما كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن الولاياتالمتحدة أبرمت اتفاقا سريا مع الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف، يسمح بموجبه لواشنطن بالقيام بعملية عسكرية ضد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على الأراضى الباكستانية، وذلك قبل مقتله، فيما بعد فى عملية خاصة أمريكية فى مايو 2011. ونسبت «الجارديان» إلى مسئولين أمريكيين، قولهم إنه سبق للرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف والرئيس الأمريكى السابق جورج بوش التوصل إلى اتفاق يخول القوات العسكرية الأمريكية شن هجوم لقتل بن لادن كالذى تم فى مايو 2011، موضحة أن ذلك الاتفاق بين الطرفين جرى إثر نجاة بن لادن من هجمات شنتها ضده القوات الأمريكية فى جبال تورا بورا الأفغانية أواخر 2001. مجزرة «مهمند» ورغم مقتل بن لادن على يد قوات خاصة أمريكية فى غارة سرية على بلدة أبوت آباد الباكستانية لكنه سرعان ما اتهمت واشنطن الجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقانى التابعة لحركة طالبان الأفغانية فى منطقة القبائل الباكستانية، بل وأشارت أصابع الاتهام إلى تعمد واشنطن ارتكاب مجزرة «مهمند»، التى قتل فيها حوالى 28 جنديا باكستانيا فى غارة للناتو فى 26 نوفمبر 2011. فالغارة، التى استهدفت حاجز تفتيش عسكريا بمقاطعة مهمند القبلية الباكستانية على الحدود مع أفغانستان، جاءت فى ذروة التوتر بين إسلام آباد وواشنطن، على خلفية اتهام واشنطن المتكرر للجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقاني. وخرجت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية فى 2 ديسمبر 2011 بمزاعم، قالت فيها، نقلا عن مسئول أمريكي، أن السلطات الباكستانية أعطت قوات «الناتو» إذنًا بشن الغارة، التى أدت إلى مقتل الجنود الباكستانيين ال 28، حيث لم تكن تعلم بوجود جنودها فى موقع الحادث حينها. وأضاف المسئول الأمريكي، حسب الصحيفة، إن فرقة تقودها قوات أفغانية تضم جنودا أمريكيين كانت تلاحق عناصر من طالبان، حين تعرضت لإطلاق نار من نقطة حدودية، وظنت أن مصدر النيران من المسلحين.. وتابع «أفراد القوات الأمريكية الذين كانوا يسعون لشن غارة جوية اتصلوا بمركز تنسيق حدودى لمعرفة إن كانت توجد قوات أمن باكستانية فى المنطقة، وأبلغهم المسئولون الباكستانيون، أنه لا يوجد جنود هناك، ما يعنى السماح بتنفيذ الغارة الجوية». وجاءت المزاعم السابقة، بعد تأكيد مسئولين أمريكيين أن الحادث هو نتيجة أخطاء من قبل الطرفين، ورفض البيت الأبيض، بناء على ذلك، تقديم اعتذار لباكستان، فيما تردد حينها أن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما كان يخشى أن يتسبب اعتذاره لباكستان فى إضعاف موقفه أمام انتقادات يشنها خصومه الجمهوريون، إذ كان يسعى للفوز بولاية ثانية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى العام التالي. ورغم محاولة واشنطن حينها، الالتفاف على الغضب الباكستاني، وتجنب تقديم اعتذار وتعويضات، لكن مصادر عسكرية باكستانية كشفت أن الغارة الأمريكية كانت متعمدة، وأنها تمت باستخدام ما بين أربع وست مروحيات واستهدفت نقطة مراقبة بمنطقة بارزى بمقاطعة مهمند القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان، بالإضافة إلى أنها تمت ليلا، ووقعت بمنطقة نائية، مما تسبب فى عرقلة إنقاذ الضحايا. فاتورة باهظة وبدورها، أصدرت منظمة أطباء للمسئولية الاجتماعيّة Physicians for Social Responsibility – PSR، ومقرها واشنطن، فى يناير 2016 دراسة أوضحت فيها أن عدد ضحايا «الحرب على الإرهاب» الذين قتلوا خلال عشر سنوات، منذ هجمات 11 سبتمبر، يزيد علي 1.3مليون إنسان، بل وقد يصل إلى 2 مليون. وركزت هذه المنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، فى دراستها على عدد المدنيين ضحايا «الحرب على الإرهاب»، التى تقودها الولاياتالمتحدة فى العراقوأفغانستان وباكستان. وأوضحت المنظمة أن عدد ضحايا الحرب على العراق بلغ ب 655.000 قتيل حتى عام 2006، ووصل إلى حوالى مليون قتيل فى السنوات التالية، فيما سقط حوالى 220 ألف قتيل على الأقل فى أفغانستان، و80 ألف على الأقل فى باكستان، بسبب حرب الولاياتالمتحدة على الإرهاب سواء بشكلٍ مباشر فى العمليات العسكرية، أو غير مباشر فى أعمال عنف، أى أن 1.3 مليون قتيل بين المدنيين، على أقل تقدير، سقطوا فى الدول الثلاث، بسبب هذه الحرب، وقد يصل العدد إلى 2 مليون، حسب تعبيرها. ووفقا لإحصائيات باكستانية أيضا، وقع 657 هجوما إرهابيا فى البلاد فى 2016 فقط، منها 41 ضد الشيعة، مما أسفر عن مقتل 907 أشخاص وإصابة 1543 آخرين، فيما اعتقلت وكالات تطبيق القانون 1552 شخصا بينهم 1094 من طالبان و47 من عناصر القاعدة و198 من داعش، ووقع 144 هجوما فى المناطق القبلية على الحدود مع أفغانستان، مما أسفر عن مقتل 379 شخصا، وإصابة 307 آخرين. تكلفة الحرب وبجانب الخسائر البشرية، كشفت دراسة للبنك المركزى الباكستانى فى 18 نوفمبر 2016، أن مشاركة إسلام آباد فى الحرب على الإرهاب كلفتها 118 مليار دولار خلال 14 عامًا، أى ما يعادل أكثر من ثلث إجمالى الناتج المحلى لهذا البلد. وأضافت الدراسة أن أعمال عنف المتطرفين كلفت البلاد خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر ب 118،3 مليار دولار بين 2002 و2016، وأن «النمو الاقتصادى وكذلك تنمية القطاع الاجتماعي، تضررا بقسوة بالحوادث المرتبطة بالإرهاب، بينما أنشأت الولاياتالمتحدة صندوقا لدعم باكستان بمبالغ، لم تتجاوز مليار دولار سنويا منذ 2002. وبدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية، محمد فيصل، فى 5 يناير، إن بلاده أنفقت 120 مليار دولار فى الحرب، التى تخوضها ضد الإرهاب، على مدى ال15 عامًا الماضية. وأوضح فيصل أن باكستان خاضت الحرب على الإرهاب، اعتمادًا على مصادرها الذاتية لتطهير أراضيها من هذه الظاهرة الخطيرة. وأضاف «الدعم المالى الذى قدمته الولاياتالمتحدة لباكستان فى مجال محاربة الإرهاب تم صرفه على المصادر التى تصب فى المصلحة الأمريكية». وتابع «الولاياتالمتحدة حققت الكثير من مصالحها الوطنية بفضل تعاون باكستان معها فى الحرب الإرهاب»، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة، لم تكن قادرة على هزيمة تنظيم القاعدة، دون الدعم الباكستاني. وبدوره، قال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف: «إن الولاياتالمتحدة حاولت تحميل باكستان سبب فشلها فى أفغانستان، وإنها تتحدث بلسان الهند»، فى إشارة إلى التوتر المستمر بين الهند وباكستان، بسبب النزاع على إقليم كشمير ذى الأغلبية المسلمة، إذ خاض البلدان 3 حروب فى أعوام 1948 و1965 و1971. وفى كلمة ألقاها أمام ممثلى الأحزاب السياسية فى البرلمان الباكستانى بخصوص التوتر الأخير مع واشنطن، أضاف آصف أنه مع إيجاد حل للتوتر مع الولاياتالمتحدة، عبر الحوار، واستدرك بالقول «إنه يجب عدم اعتبار الصبر الذى أظهرناه، أنه ناجم عن ضعف». إعادة النظر وبدورها، قالت سفيرة باكستان لدى الأممالمتحدة مليحة لودهى:«إن بلادها مستعدة لإعادة النظر فى تعاونها مع الولاياتالمتحدة، ما لم يتم تقدير هذا التعاون»، موضحة أن باكستان «ساهمت بأكبر قدر من التضحيات فى محاربة الإرهاب الدولي». ويبدو أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، غير مقتنعة هى الأخرى بقرار قطع المساعدات العسكرية عن باكستان، واصفة فى تعليق لها فى 5 يناير، هذا القرار ب«المقامرة بالحرب فى أفغانستان»، موضحة أن التعاون مع باكستان أمر حيوى للتصدى لحركة طالبان، وفصيلها الصاعد المعروف باسم «شبكة حقاني»، والذى يقف وراء الهجمات واسعة النطاق فى المدن الأفغانية. الانضمام لداعش ويبقى أمر آخر يدحض مزاعم ترامب ضد إسلام آباد، ويكشف بوضوح أنها أكبر المتضررين من الإرهاب، ألا وهو أن العديد من الجماعات المسلحة فى باكستان، أعلنت مبايعتها لتنظيم «داعش»، أبرزها كتيبة «أبطال الإسلام» وهى جماعة متشددة انشقت عن تنظيم القاعدة، وقامت بمبايعة داعش فى سبتمبر عام 2014. وهناك أيضا، جماعة «أنصار التوحيد فى الهند وباكستان»، التى قامت بمبايعة «داعش» فى أكتوبر عام 2014، ودعت لشن هجمات ضد غير المسلمين فى منطقة جنوب آسيا، ردًا على غارات التحالف الدولى ضد تنظيم داعش فى سورياوالعراق. ومن ضمن الجماعات المتشددة، التى بايعت داعش أيضا، جماعة الأحرار، وهى مجموعة من المتشددين من قادة حركة طالبان باكستان بينهم المُتحدث باسم الحركة شهيد الله شهيد، وانشقوا عن طالبان باكستان فى أكتوبر 2014. وفى أغسطس 2017، أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن هجوم على مدنيين أمام مستشفى فى كويتا فى جنوب غربى باكستان، مما أسفر عن مقتل 70 شخصا، وفى نفس الشهر، قام بهجوم مزدوج فى سوق مزدحمة، فى باراشينار، مع اقتراب عيد الفطر، ما أدى إلى مقتل 39 شخصا، وإصابة أكثر من 200 آخرين. وفى 5 أكتوبر 2017، قتل التنظيم ذاته أكثر من 18 شخصا فى هجوم انتحارى على مزار صوفى باكستاني، ووقع الحادث فى منطقة جنداوا فى إقليم بلوشستان فى جنوب غربى باكستان أيضا. وبصفة عامة، فإن، التدخلات العسكرية الأمريكية فى العراقوأفغانستان واليمن والصومال، خلفت الدمار وعدم الاستقرار، وأوجدت البيئة الخصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، وظهور «داعش»، وغيره من التنظيمات الإرهابية.