«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"باكستان".. أولى ضحايا ترامب في العام الجديد
نشر في البوابة يوم 08 - 01 - 2018

رغم أن الحروب والتدخلات الغربية، كانت السبب الرئيس لانتشار التطرف فى الشرق الأوسط، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة لا تزال تتجاهل هذه الحقيقة، وتلوح بين الفينة والأخرى بشماعة الإرهاب، لابتزاز العرب والمسلمين.
ففى 5 يناير الجاري، أعلنت الخارجية الأمريكية تعليق المساعدات العسكرية لباكستان، بزعم توفيرها ملاذات آمنة لجماعتين أفغانيتين، هما: حركة طالبان وشبكة حقاني، واللتين تتهمهما بشن هجمات أدت إلى قتل جنود أمريكيين ومدنيين أفغان، فيما نقلت «رويترز» عن مسئول أمريكى قوله:«إن المساعدات التى تم تعليقها، تتجاوز قيمتها 255 مليون دولار، وتشمل التحويلات الخاصة بالعتاد العسكري، والمبالغ المخصصة لعمليات مكافحة الإرهاب».
ورغم أن باكستان طالما نفت هذه الاتهامات، لكن واشنطن دأبت على إطلاقها، كلما أرادت شيئا من «إسلام آباد»، أو عقابها على سلوك ما، ولذا ربط البعض بين الإجراء الأمريكى وتصويت باكستان لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذى يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكانت 128 دولة فى الجمعية العامة صوتت فى 21 ديسمبر الماضى لصالح قرار يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما اعترضت 9 دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت.
واستبقت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جلسة الجمعية العامة بتحذير الدول، التى تنوى التصويت لصالح مشروع القرار، بوقف المساعدات المالية، التى تقدمها واشنطن لها.
وبالنظر إلى أن باكستان صوتت لصالح القرار، وكانت فى مقدمة الدول العربية والمسلمة، التى شهدت مظاهرات عارمة ضد قرار ترامب فى 6 ديسمبر الماضى نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس المحتلة، فقد جاء العقاب الأمريكى فيما يبدو سريعًا.
عقاب أمريكى
ولعل ما يرجح أنه تتم معاقبة باكستان على موقفها المساند لقضية القدس، أن ترامب قال فى خطابه فى أغسطس الماضي: «لقد دفعنا لباكستان مليارات ومليارات الدولارات، لكنهم فى الوقت نفسه يؤون أشد الإرهابيين، الذين نقاتلهم، حان الوقت لأن تثبت باكستان التزامها بالحضارة والنظام والسلام»، إلا أنه لم يتخذ حينها أى قرار بوقف المساعدات لإسلام آباد.
ويبدو أن تغريدة ترامب فى مطلع العام الجديد، تدعم أيضًا أن ما يحدث ضد باكستان، هو انتقام منها على دعمها للقدس، أكثر من كونه تقصيرًا فى محاربة الإرهاب.
وكان ترامب اتهم باكستان بالكذب وخداع الولايات المتحدة فى وقت تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الخارجية الأمريكية، وقال فى تغريدته: «لقد منحت الولايات المتحدة بحماقة باكستان أكثر من 33 مليار دولار كمساعدات خلال ال 15 عامًا الأخيرة، ولم تعطنا أى شيء سوى الأكاذيب والخداع، متصورة أن قادتنا حمقى». وأضاف «الباكستانيون يوفرون ملاذا آمنا لإرهابيين نطاردهم فى أفغانستان، ولم يقدموا سوى مساعدة صغيرة لنا، لا أكثر!».
باكستان تنفى
وعلى الفور، نفى المسئولون فى باكستان التصريحات السابقة، وقال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف لتليفزيون «جيو» الباكستاني: «لقد أخبرنا الولايات المتحدة أننا لن نفعل المزيد، لذا فإن، لا أكثر، التى قالها ترامب، ليس لها أى أهمية».
وأضاف آصف أن «باكستان مستعدة لتقديم جرد علنى بكل تفاصيل المساعدات الأمريكية، التى تلقتها». كما كتب وزير الدفاع الباكستاني، خرم دستغير خان، تغريدة قال فيها: «إن الولايات المتحدة لم تعط باكستان سوى الذم وعدم الثقة».
وفى السياق ذاته، نفى مستشار الأمن القومى الباكستاني، ناصر خان جانجوا، الاتهامات التى وجهتها الولايات المتحدة إلى بلاده حول تقاعسها فى محاربة الإرهاب والمتطرفين فى الداخل، قائلا: «إن دعم بلاده للقوات الأمريكية فى أفغانستان أدى إلى ظهور الإرهاب فى بلاده».
وتابع جانجوا «باكستان عانت كثيرًا فى الحرب ضد الإرهاب، سواء من حيث الخسائر فى الأرواح أو من الجانب الاقتصادي، إلا أن المجتمع الدولى لم ينظر إلى تضحياتنا فى هذه الحرب من منظور إيجابي».
مدح.. وعقاب
ويبدو أن غياب الأدلة على اتهامات ترامب، يكشف أيضا أنه يعاقب إسلام آباد بالأساس على دعمها للقدس، وليس تقصيرها فى محاربة الإرهاب، بجانب أن ترامب ذاته كان قد امتدح باكستان العام الماضى لمساعدتها فى الإفراج عن مواطنة أمريكية مع عائلتها من الأسر فى أفغانستان.
ففى 12 أكتوبر 2017، أعلن ترامب أن مشاركة باكستان فى الإفراج عن مواطنة أمريكية من الأسر فى أفغانستان، تدل على استعداد إسلام آباد، لبذل الجهود لتعزيز الأمن فى المنطقة.
وقال ترامب فى بيان له: «تمكنت حكومة الولايات المتحدة وبالعمل مع السلطات الباكستانية، من تأمين الإفراج عن عائلة بويل كولمان، التى نالت الحرية».
وأضاف ترامب «هذه لحظة إيجابية لعلاقة بلادنا مع باكستان، وتعاون الحكومة الباكستانية هو علامة على أنها تحترم رغبات أمريكا فى بذل المزيد من الجهود لتوفير الأمن فى المنطقة، ونأمل أن نرى هذا النوع من التعاون والعمل الجماعى للمساعدة فى ضمان الإفراج عن الرهائن المتبقين، وفى مستقبلنا المشترك فى عمليات مكافحة الإرهاب».
كما نقلت صحيفة «واشنطن فرى بيكون» الأمريكية حينها عن مسئول أمريكى رفيع المستوى قوله: «إننا نشعر بالامتنان الشديد لحكومة باكستان لضمان الإفراج عن كاتلين كولمان وأسرتها».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» أفادت فى 12 أكتوبر 2017 بأنه تم تحرير المواطنة الأمريكية كاتلين كولمان (31 عاما) وزوجها المواطن الكندى جوشى بويلي (34 عامًا) وأطفالهم بعد أن قبعوا حوالى 5 سنوات محتجزين كرهائن لدى مسلحين فى أفغانستان، وتم نقل أفراد العائلة المذكورة إلى باكستان.
وأشارت الصحيفة الأمريكية حينها إلي أن مسلحين من «شبكة حقاني» قاموا بخطف أفراد العائلة المذكورة فى أكتوبر 2012، عندما كانوا بالقرب من العاصمة الأفغانية كابول.
اتفاق «بن لادن»
ولعل إلقاء نظرة على تاريخ التعاون بين واشنطن وإسلام آباد فى محاربة الإرهاب يدحض أيضا مزاعم ترامب، فمنذ هجمات 11 سبتمبر 2001 فى الولايات المتحدة، أبدت باكستان تعاونا كبيرا مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، ودفعت ثمنا فادحا لمشاركتها فى هذه الحرب، عبر آلاف القتلى فى صفوف المدنيين والعسكريين، بل وظهرت أيضا طالبان باكستان على غرار طالبان أفغانستان..
فمعروف أن حركة طالبان باكستان ظهرت فى 2002، حين قام الجيش الباكستانى بفرض سيطرته على منطقة القبائل الجبلية فى شمال غربى البلاد، لوقف تنقل المسلحين على الحدود مع أفغانستان، وسرعان ما شنت هذه الحركة هجمات دامية تسببت فى سقوط المئات من أفراد الشرطة والعسكريين، كما ظهرت جماعات متطرفة أخرى، احتجاجًا على إغلاق الحكومة الباكستانية للمدارس الدينية، وتحالفها مع واشنطن فى الحرب على الإرهاب، وتسهيلها مرور الإمدادات لقوات الناتو فى أفغانستان.
اتفاق سري
كما كشفت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن الولايات المتحدة أبرمت اتفاقا سريا مع الرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف، يسمح بموجبه لواشنطن بالقيام بعملية عسكرية ضد زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على الأراضى الباكستانية، وذلك قبل مقتله، فيما بعد فى عملية خاصة أمريكية فى مايو 2011.
ونسبت «الجارديان» إلى مسئولين أمريكيين، قولهم إنه سبق للرئيس الباكستانى السابق برويز مشرف والرئيس الأمريكى السابق جورج بوش التوصل إلى اتفاق يخول القوات العسكرية الأمريكية شن هجوم لقتل بن لادن كالذى تم فى مايو 2011، موضحة أن ذلك الاتفاق بين الطرفين جرى إثر نجاة بن لادن من هجمات شنتها ضده القوات الأمريكية فى جبال تورا بورا الأفغانية أواخر 2001.
مجزرة «مهمند»
ورغم مقتل بن لادن على يد قوات خاصة أمريكية فى غارة سرية على بلدة أبوت آباد الباكستانية لكنه سرعان ما اتهمت واشنطن الجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقانى التابعة لحركة طالبان الأفغانية فى منطقة القبائل الباكستانية، بل وأشارت أصابع الاتهام إلى تعمد واشنطن ارتكاب مجزرة «مهمند»، التى قتل فيها حوالى 28 جنديا باكستانيا فى غارة للناتو فى 26 نوفمبر 2011.
فالغارة، التى استهدفت حاجز تفتيش عسكريا بمقاطعة مهمند القبلية الباكستانية على الحدود مع أفغانستان، جاءت فى ذروة التوتر بين إسلام آباد وواشنطن، على خلفية اتهام واشنطن المتكرر للجيش الباكستانى بتوفير ملاذ آمن لشبكة حقاني.
وخرجت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية فى 2 ديسمبر 2011 بمزاعم، قالت فيها، نقلا عن مسئول أمريكي، أن السلطات الباكستانية أعطت قوات «الناتو» إذنًا بشن الغارة، التى أدت إلى مقتل الجنود الباكستانيين ال 28، حيث لم تكن تعلم بوجود جنودها فى موقع الحادث حينها.
وأضاف المسئول الأمريكي، حسب الصحيفة، إن فرقة تقودها قوات أفغانية تضم جنودا أمريكيين كانت تلاحق عناصر من طالبان، حين تعرضت لإطلاق نار من نقطة حدودية، وظنت أن مصدر النيران من المسلحين..
وتابع «أفراد القوات الأمريكية الذين كانوا يسعون لشن غارة جوية اتصلوا بمركز تنسيق حدودى لمعرفة إن كانت توجد قوات أمن باكستانية فى المنطقة، وأبلغهم المسئولون الباكستانيون، أنه لا يوجد جنود هناك، ما يعنى السماح بتنفيذ الغارة الجوية».
وجاءت المزاعم السابقة، بعد تأكيد مسئولين أمريكيين أن الحادث هو نتيجة أخطاء من قبل الطرفين، ورفض البيت الأبيض، بناء على ذلك، تقديم اعتذار لباكستان، فيما تردد حينها أن الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما كان يخشى أن يتسبب اعتذاره لباكستان فى إضعاف موقفه أمام انتقادات يشنها خصومه الجمهوريون، إذ كان يسعى للفوز بولاية ثانية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى العام التالي.
ورغم محاولة واشنطن حينها، الالتفاف على الغضب الباكستاني، وتجنب تقديم اعتذار وتعويضات، لكن مصادر عسكرية باكستانية كشفت أن الغارة الأمريكية كانت متعمدة، وأنها تمت باستخدام ما بين أربع وست مروحيات واستهدفت نقطة مراقبة بمنطقة بارزى بمقاطعة مهمند القبلية المحاذية للحدود مع أفغانستان، بالإضافة إلى أنها تمت ليلا، ووقعت بمنطقة نائية، مما تسبب فى عرقلة إنقاذ الضحايا.
فاتورة باهظة
وبدورها، أصدرت منظمة أطباء للمسئولية الاجتماعيّة Physicians for Social Responsibility – PSR، ومقرها واشنطن، فى يناير 2016 دراسة أوضحت فيها أن عدد ضحايا «الحرب على الإرهاب» الذين قتلوا خلال عشر سنوات، منذ هجمات 11 سبتمبر، يزيد علي 1.3مليون إنسان، بل وقد يصل إلى 2 مليون.
وركزت هذه المنظمة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، فى دراستها على عدد المدنيين ضحايا «الحرب على الإرهاب»، التى تقودها الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان وباكستان.
وأوضحت المنظمة أن عدد ضحايا الحرب على العراق بلغ ب 655.000 قتيل حتى عام 2006، ووصل إلى حوالى مليون قتيل فى السنوات التالية، فيما سقط حوالى 220 ألف قتيل على الأقل فى أفغانستان، و80 ألف على الأقل فى باكستان، بسبب حرب الولايات المتحدة على الإرهاب سواء بشكلٍ مباشر فى العمليات العسكرية، أو غير مباشر فى أعمال عنف، أى أن 1.3 مليون قتيل بين المدنيين، على أقل تقدير، سقطوا فى الدول الثلاث، بسبب هذه الحرب، وقد يصل العدد إلى 2 مليون، حسب تعبيرها.
ووفقا لإحصائيات باكستانية أيضا، وقع 657 هجوما إرهابيا فى البلاد فى 2016 فقط، منها 41 ضد الشيعة، مما أسفر عن مقتل 907 أشخاص وإصابة 1543 آخرين، فيما اعتقلت وكالات تطبيق القانون 1552 شخصا بينهم 1094 من طالبان و47 من عناصر القاعدة و198 من داعش، ووقع 144 هجوما فى المناطق القبلية على الحدود مع أفغانستان، مما أسفر عن مقتل 379 شخصا، وإصابة 307 آخرين.
تكلفة الحرب
وبجانب الخسائر البشرية، كشفت دراسة للبنك المركزى الباكستانى فى 18 نوفمبر 2016، أن مشاركة إسلام آباد فى الحرب على الإرهاب كلفتها 118 مليار دولار خلال 14 عامًا، أى ما يعادل أكثر من ثلث إجمالى الناتج المحلى لهذا البلد.
وأضافت الدراسة أن أعمال عنف المتطرفين كلفت البلاد خسائر مباشرة وغير مباشرة تقدر ب 118،3 مليار دولار بين 2002 و2016، وأن «النمو الاقتصادى وكذلك تنمية القطاع الاجتماعي، تضررا بقسوة بالحوادث المرتبطة بالإرهاب، بينما أنشأت الولايات المتحدة صندوقا لدعم باكستان بمبالغ، لم تتجاوز مليار دولار سنويا منذ 2002.
وبدوره، قال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية، محمد فيصل، فى 5 يناير، إن بلاده أنفقت 120 مليار دولار فى الحرب، التى تخوضها ضد الإرهاب، على مدى ال15 عامًا الماضية. وأوضح فيصل أن باكستان خاضت الحرب على الإرهاب، اعتمادًا على مصادرها الذاتية لتطهير أراضيها من هذه الظاهرة الخطيرة.
وأضاف «الدعم المالى الذى قدمته الولايات المتحدة لباكستان فى مجال محاربة الإرهاب تم صرفه على المصادر التى تصب فى المصلحة الأمريكية».
وتابع «الولايات المتحدة حققت الكثير من مصالحها الوطنية بفضل تعاون باكستان معها فى الحرب الإرهاب»، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، لم تكن قادرة على هزيمة تنظيم القاعدة، دون الدعم الباكستاني.
وبدوره، قال وزير الخارجية الباكستانى خواجة آصف: «إن الولايات المتحدة حاولت تحميل باكستان سبب فشلها فى أفغانستان، وإنها تتحدث بلسان الهند»، فى إشارة إلى التوتر المستمر بين الهند وباكستان، بسبب النزاع على إقليم كشمير ذى الأغلبية المسلمة، إذ خاض البلدان 3 حروب فى أعوام 1948 و1965 و1971.
وفى كلمة ألقاها أمام ممثلى الأحزاب السياسية فى البرلمان الباكستانى بخصوص التوتر الأخير مع واشنطن، أضاف آصف أنه مع إيجاد حل للتوتر مع الولايات المتحدة، عبر الحوار، واستدرك بالقول «إنه يجب عدم اعتبار الصبر الذى أظهرناه، أنه ناجم عن ضعف».
إعادة النظر
وبدورها، قالت سفيرة باكستان لدى الأمم المتحدة مليحة لودهى:«إن بلادها مستعدة لإعادة النظر فى تعاونها مع الولايات المتحدة، ما لم يتم تقدير هذا التعاون»، موضحة أن باكستان «ساهمت بأكبر قدر من التضحيات فى محاربة الإرهاب الدولي».
ويبدو أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، غير مقتنعة هى الأخرى بقرار قطع المساعدات العسكرية عن باكستان، واصفة فى تعليق لها فى 5 يناير، هذا القرار ب«المقامرة بالحرب فى أفغانستان»، موضحة أن التعاون مع باكستان أمر حيوى للتصدى لحركة طالبان، وفصيلها الصاعد المعروف باسم «شبكة حقاني»، والذى يقف وراء الهجمات واسعة النطاق فى المدن الأفغانية.
الانضمام لداعش
ويبقى أمر آخر يدحض مزاعم ترامب ضد إسلام آباد، ويكشف بوضوح أنها أكبر المتضررين من الإرهاب، ألا وهو أن العديد من الجماعات المسلحة فى باكستان، أعلنت مبايعتها لتنظيم «داعش»، أبرزها كتيبة «أبطال الإسلام» وهى جماعة متشددة انشقت عن تنظيم القاعدة، وقامت بمبايعة داعش فى سبتمبر عام 2014. وهناك أيضا، جماعة «أنصار التوحيد فى الهند وباكستان»، التى قامت بمبايعة «داعش» فى أكتوبر عام 2014، ودعت لشن هجمات ضد غير المسلمين فى منطقة جنوب آسيا، ردًا على غارات التحالف الدولى ضد تنظيم داعش فى سوريا والعراق.
ومن ضمن الجماعات المتشددة، التى بايعت داعش أيضا، جماعة الأحرار، وهى مجموعة من المتشددين من قادة حركة طالبان باكستان بينهم المُتحدث باسم الحركة شهيد الله شهيد، وانشقوا عن طالبان باكستان فى أكتوبر 2014.
وفى أغسطس 2017، أعلن تنظيم داعش مسئوليته عن هجوم على مدنيين أمام مستشفى فى كويتا فى جنوب غربى باكستان، مما أسفر عن مقتل 70 شخصا، وفى نفس الشهر، قام بهجوم مزدوج فى سوق مزدحمة، فى باراشينار، مع اقتراب عيد الفطر، ما أدى إلى مقتل 39 شخصا، وإصابة أكثر من 200 آخرين.
وفى 5 أكتوبر 2017، قتل التنظيم ذاته أكثر من 18 شخصا فى هجوم انتحارى على مزار صوفى باكستاني، ووقع الحادث فى منطقة جنداوا فى إقليم بلوشستان فى جنوب غربى باكستان أيضا.
وبصفة عامة، فإن، التدخلات العسكرية الأمريكية فى العراق وأفغانستان واليمن والصومال، خلفت الدمار وعدم الاستقرار، وأوجدت البيئة الخصبة لانتشار الأفكار المتطرفة، وظهور «داعش»، وغيره من التنظيمات الإرهابية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.