تميزت العلاقة بين إيران وحركة طالبان بالتوتر الشديد، فالحركة تتهم إيران بالعمل على تصدير المذهب الشيعي إلى أفغانستان ودعم أحزاب المعارضة، بينما تتهمها إيران باضطهاد الأقلية الشيعية الموجودة هناك. وعلى الرغم من ذلك، اتهم مسؤولون أفغان إيران بدعم طالبان، ردًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي، وهو ما يظهر جليًا في معركة للسيطرة على مدينة إستراتيجية في أفغانستان. ونقلت وكالة "بلومبرج" عن مسؤولين بالحكومة الأفغانية والشرطة، قولهم إن طهران ساندت بشكل مباشر هجومًا لطالبان الأسبوع الماضي على مدينة "فرح" الواقعة في غرب البلاد بالقرب من الحدود بين البلدين. وصرح فريد باشتاوار رئيس مجلس محافظة "فرح" للوكالة إن مقاتلين من المجموعة المتمردة، عبروا الحدود من إيران حيث تم تدريبهم وتسليحهم. كما أشار فاضل أحمد شيرزاد رئيس شرطة إقليم "فرح" في اتصال هاتفي يوم الأربعاء مع "بلومبرج" إلى أن "إيران متورطة في أعمال العنف الأخيرة"، مضيفًا أنها "كانت تقدم التمويل والسلاح لطالبان لأن إيران تعتبر "فرح" جزءًا من محيطها الاستراتيجي". اقرأ المزيد: أمريكا تتهم إيران بالتورط في الهجوم الكبير لطالبان بأفغانستان ويشير هجوم "فرح" الذي قتل فيه المئات، إلى جهود طهران لتقويض خطة ترامب لتعزيز الأمن في البلد الذي مزقته الحرب، وإنهاء أطول الحروب في تاريخ الولاياتالمتحدة. وإلى جانب إيران تشير واشنطن إلى الدعم الروسي والباكستاني للمجموعة، التي تخوض قتالا ضدها منذ عام 2001، وهو ما نفته موسكو وإسلام آباد باستمرار. خطر واضح وقال مايكل كوجلمان، الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز "وودرو ويلسون" في واشنطن، إن "قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية الإيرانية يشكل خطرًا واضحًا على الجهود الحربية الأمريكية في أفغانستان"، مضيفًَا أنه "يمنح طهران حافزًا قويًا لتكثيف دعمها العسكري لحركة طالبان". وقتل أكثر من 300 من مقاتلي طالبان فضلا عن عشرات من الجنود والمدنيين الأفغان، في الهجوم على "فرح" منتصف مايو الجاري، قبل أن يتم رد المسلحين من قبل القوات الأفغانية والضربات الجوية الأمريكية. وفي عملية جديدة أمس، قتلت القوات الخاصة الأفغانية ما لا يقل عن 11 من مقاتلي طالبان من بينهم قائدان في منطقة "بالا بولاك" في مقاطعة "فرح"، وفقا لبيان صدر عن مديرية الأمن الوطني في البلاد. اقرأ المزيد: ماذا سيحدث إذا انسحب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران؟ وأشارت الوكالة إلى أن الدعم الإيراني لطالبان يدفعها لرفض المشاركة في المفاوضات التي يرى الكثيرون في واشنطنوكابول أنها ضرورية لإنهاء الصراع الذي دام 17 عاما. وعرض الرئيس الأفغاني أشرف غني، المدعوم من الولاياتالمتحدة، في فبراير، عقد محادثات غير مشروطة مع طالبان، لكن المجموعة المتمردة ردت بتصعيد الهجمات. وصرح محمد ردمانش المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، أن مقاتلي طالبان دخلوا أفغانستان منذ فترة طويلة من الدول المجاورة ومن بينها إيران، وأضاف أن كابول تجري تحقيقًا في الوقت الحالي حول دعم إيران العسكري للجماعة. ووصف المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، مزاعم تورط إيران بأنها دعاية، قائلًا: "نحن نرفض مزاعم المساعدات العسكرية الإيرانية لطالبان"، مؤكدًا أن "الإيرانيين أجروا بعض الاتصالات مع سلطاتنا السياسية لمناقشة عملية السلام في أفغانستان فقط". وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في واشنطن يوم الاثنين، إن "دعم إيران لطالبان بالأسلحة والتمويل يؤدي إلى مزيد من العنف ويعوق السلام واستقرار الشعب الأفغاني". حلفاء غير دائمين إيران التي يحكمها الشيعة، وطالبان التي تتبع المنهج السني ليسوا حلفاء طبيعيين، حيث أعلنت ايران الحرب على الحركة بعد أن اقتحمت طالبان القنصلية الإيرانية فى مدينة "مزار الشريف" شمال البلاد وقتلت تسعة دبلوماسيين إيرانيين عام 1998. اقرأ المزيد: «نيويورك تايمز»: انسحاب ترامب من الاتفاق النووي لم يضعف «إيران» كما أعلنت طهران دعمها للولايات المتحدة في غزو أفغانستان، والإطاحة بنظام طالبان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، إلا أنه مع استمرار الوجود الأمريكي في أفغانستان، وظهور تنظيم "داعش" في البلاد قبل أربع سنوات، أصبحت إيران أكثر رغبة في مساعدة طالبان. حيث قال سميع الله سميم، المشرع الأفغاني الذي يمثل مقاطعة "فرح": "إن الوجود الأمريكي في أفغانستان لفترة طويلة قد أثار مخاوف إيران، من احتمال استخدام أمريكالأفغانستان كقاعدة ضدها"، وأضاف أن "ظهور داعش، العدو المشترك لكل من إيران وطالبان، سبب آخر يدفع إيران إلى إعادة تشكيل سياستها في أفغانستان بالكامل". ضغوط متزايدة أشارت "بلومبرج" إلى أن الزعيم السابق لطالبان الملا أختر منصور، الذي قُتل في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في باكستان في عام 2016، زار إيران في العام نفسه باستخدام جواز سفر باكستاني لجمع الأموال، وهو ما نفته إيران. ويرى فيراج سولانكي، المحلل لشؤون جنوب آسيا في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أن "إيران قد تستغل فرح عن طريق التعاون مع طالبان، لزيادة الضغوط على القوات الأمريكية في المنطقة". وسيضع ذلك ضغطا أكبر على الجيش الأفغاني الذي فقد نحو 10 في المائة من قواته العام الماضي، وفقا لما ذكرته هيئة الرقابة في البنتاجون، وقد يعزز المكاسب الإقليمية لطالبان التي تسيطر بالفعل على مناطق تقترب من نصف البلاد.