بات ضرورياً بعد هذه الثورة العظيمة أن يكون هناك قانون جديد للوظائف المدنيه وأن نسعي من خلاله إلي تحقيق الانضباط الاداري داخل الجهاز الاداري للدولة عن طريق مبدأ الثواب والعقاب كأحد الوسائل الهامة لتحقيق هذا الانضباط. ولكن قبل ذلك يجب أن نتساءل هل التقييم في مجال الوظيفه العامه يتم وفق اسس ومعايير يحكمها مبدأ الثواب والعقاب ؟ أم أن التقييم يتم دون النظر إلي تلك الاسس ؟ وبمعني آخر هل ثقافة التقييم تعني أن تكون تقارير الكفاية دائما وابداً امتيازا من أجل الحفاظ علي حد أدني من الاجور لهؤلاء الموظفين والوصول إلي درجات معينة من الترقية؟ في الحقيقة دعونا نعترف أن ثقافة التقييم هي الاساس في محاربة الفساد بالجهاز الاداري للدولة وهذه الثقافة لن تتأتي الا من خلال تطبيق مبدأ الثواب والعقاب ولن يحقق ثمة قانون جديد الغاية منه سواء فيما يتعلق بالقضاء علي الرسوب الوظيفي أو الترقية أو هيكلة الاجور الا من خلال تفعيل هذا المبدأ من خلال وضع أسس وقواعد الالتزام والمحاسبة فتحقيق الرضا المالي والنفسي للموظف العام لن يتحقق الامن خلال المساءلة التأديبية للموظف التقليدي الذي يري في الوظيفة العامة مكانا للسكني والسكينة وضمان حد أدني من المعيشه!! وفي ذات السياق سوف يكون الوضع مختلفا للموظف الذي لديه ثقافة العمل من أجل الارتقاء بالوظيفة العامة ومن ثم الارتقاء بالذات فالارتقاء بالوظيفة هو في حقيقته جوهر الارتقاء بالذات من خلال اكتساب المهارات الفنية عن طريق الدورات التدريبية لتحسين أدائه وتطوير قدراته المهنية والإطلاع علي آخر المستجدات في مجال عمله وفي مجال الجهات التي يتصل بها بحكم عمله وعدم التقيد بروتين العمل أو التوصيف الوظيفي والحرص علي الالمام بالقوانين والانظمة النافذة وتطبيق روحها دون اي تجاوز أو مخالفة وبما لايتعارض مع الصالح العام وايضاً تنمية مهارات القيادة !! فالقيادة هي من العناصر الاساسية والهامة لبناء الشخصية العملية المتطورة التي لديها القدرة علي اتخاذ القرار ولم أكن أقصد بالقيادة فقط تولي المهام القيادية بل مهارة القيادة أن يقتنع بك الآخرون ممن يتعاملون معك من خلال قدراتك الفكرية والفنية وثقتك بنفسك !! فالقيادة لاتعني أن تحتل مركزا قياديا بل أن تقود الآخرين إلي شخصيتك والالتفاف حولك والاستمتاع بالعمل معك من خلال تصرفاتك الايجابية فهذا الموظف يستحق مكافأته علي تلك الثقافة وهذا التطور سواء علي المستوي المادي من خلال ربط الاجور بالاداء أو علي المستوي المعنوي ومن ثم النفسي من خلال تصحيح وضعه الوظيفي بترقيته !! فنحن نحتاج إلي إدارة موارد بشرية لديها ثقافة التقييم من خلال تفعيل مبدأ الثواب والعقاب وذلك من خلال ربط الاجور بالاداء وجعل التقييم محوراً للترقية الامر الذي يسمو بالوظيفة العامة بما ينعكس علي جودة تقديم الخدمات !! ونحتاج أيضاً إلي القيادة القادرة علي إصدار القرار وتحمل مسئوليته وليس القيادة التي تخشي المسئولية من إصدار القرار مع العلم بأن العبرة دائماً وأبداً في نطاق المسئولية الجنائية هي بحقيقة الواقع .