هالني وأدهشني البيان الصادر عن المستشار الجليل محمد عبدالغني رئيس مجلس الدولة، والذي تضمن تعليقا علي حكمين صادرين من المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرارين له. وصدمت عندما عاد رئيس المجلس وأصدر في اليوم التالي بيانا ينفي فيه إصداره للبيان الأول.. وأكد عدم علمه به. وسر صدمتي من البيان الثاني يعود إلي أنه ألقي اللوم علي اخرين.. وأنهم نسبوا صدور البيان الأول له دون علمه!.. في حين ان الجميع بمجلس الدولة يعلم انه لا يستطيع أحد أن ينسب أي بيان لرئيس المجلس دون الرجوع إليه.. والحصول علي موافقة صريحة منه علي كل كلمة به. وأعود إلي البيان الأول.. والذي أدهشني لسببين. الأول: ان هذه هي المرة الأولي التي يعلق فيها رئيس المجلس ورمزه علي أحكام صادرة من محاكم المجلس.. والثاني: ان هذا التعليق مهما كانت أسبابه الوجيهة والمنطقية يهز ثقة المواطنين في قضاء المجلس الشامخ .. الذي تفخر به مصر كحام للحقوق والحريات.. وملاذ للمظلومين والضعفاء والمقهورين.. وأحد أسباب ثورة يناير بأحكامه العظيمة. فمهما كان اختلاف رئيس المجلس مع الأحكام ورؤيته لها.. فإن القانون حدد طرقا مشروعة للاعتراض عليها، ليس منها طبعا التعليق أو النيل من مشروعيتها. وكان من الأجدر به ان يتحلي بروح القاضي وشموخه ويبعد عن الشطط والاندفاع ، وألا يلطخ الثوب الأبيض ويضرب مثلا مرفوضا في التعليق علي الأحكام قبل خروجه علي المعاش بأيام قليلة.. كان يجب عليه الالتزام بسلوك أحد الطرق القانونية.. ويقوم بالطعن بالبطلان علي الأحكام.. دون تعليق.!