خرجت الأفاعي من جحورها تزحف متحفزة بسمومها لاقتناص ضحاياها.. وانطلقت الذئاب تعوي ليتردد صدي صوتها المخيف في الآفاق لتبث الرعب في القلوب. وحوش تشكل دائرة جهنمية تضيق من حولنا كل يوم.. وربما لن نستطيع النجاة منها في الغد القريب. قانون الغابة يوشك أن يفرض نفسه علينا فيعرض حياتنا وأموالنا واعراضنا للخطر علي أيدي عصابات البلطجية التي توحشت وكشرت عن أنيابها في تحد سافر لكل السلطات.. نامت ضمائرهم. وماتت قلوبهم.. حتي ما تبقي من الخوف الطبيعي الذي يستشعره عادة الخارجون علي القانون بدأ يتلاشي بالتدريج حتي اقترب من النفاد، أعدادهم تزداد وصرخاتهم تعلو وتبجحهم تجاوز كل حد، وانتصاراتهم الرخيصة ومكاسبهم الحرام شجعتهم علي مزيد من الطغيان. لا أحد ينكر انتشار ظاهرة البلطجة بشكل مخيف ولم تقتصر أسلحتهم علي الأسلحة البيضاء التي ارتبطت بشخصيات البلطجية المعتادين بل استخدموا السلاح الآلي وكونوا عصابات استقوت ببعضها بعضا فأصبحوا حلفا للشيطان ضد المجتمع الآمن وحتي عندما تختلف العصابات علي مناطق النفوذ تدور المعارك الشرسة بالرصاص ليسقط القتلي والجرحي وليقتحموا المستشفيات ليأخذوا بثأرهم من جرحي الفريق الآخر.. وليقتحموا أقسام الشرطة لاخراج المحبوسين.. تلك الأقسام التي كانوا لايجدون الجرأة علي مجرد المرور أمامها . خرجوا من جحورهم تحت حماية الحزب الوطني للقيام بالمهام القذرة كضرب المتظاهرين وتزوير الانتخابات فافتروا علي المسالمين وأفلتوا من العقاب وكونوا جيش الخسة والدناءة الذي نكل بالثوار بميدان التحرير يوم جمعة الغضب وموقعة الجمل وما تلاها من أحداث، وانتهزوا فرصة الانفلات الامني ليسرقوا ويقطعوا الطرق ويفرضوا الاتاوات دون أن يخيفهم ضوء النهار أو ازدحام الناس أو يردعهم تواجد الشرطة التي عادت بأعداد محدودة لا تكفي لبسط سيطرتها الكاملة علي الشارع. أيمكن أن يحدث هذا في مصر ؟سؤال طرحه كل منا علي نفسه في ذهول يوم الجمعة الماضي نهاراعندما هاجم بلطجي فتاة علي رصيف محطة القطار بكوم حماده ليخطفها تحت تهديد السلاح ولما استغاثت بأمين شرطة المحطة استدعي البلطجي اثنين من زملائه وهاجموا الفتاة وأمين الشرطة الذي اضطر لاطلاق النار فقتل أحدهم، وبعد قليل شن أهل القتيل وزملاؤه غارة انتقامية علي مباني المحطة ليحرقوها ويقطعوا خط القطار لمدة أربع ساعات قبل السيطرة علي النيران وقدرت الخسائر المادية بمليون جنيه.. فماذا عن الخسائر المعنوية ؟ اهتزاز هيبة الشرطة التي لم تردع البلطجية عن مهاجمة رمزها جهارا نهارا علي قطع طريق القطار الذي كان لبعض أهل قنا فضل السبق في قطعه عندما اوقفوا حركة القطارات من وإلي الصعيد لمدة 10 أيام احتجاجا علي تعيين محافظ لا يرضون عنه .. ثم قطار العياط.. والآن أصبحت قطارات مصر وركابها عرضة للقطع من أي مجموعة غاضبة..الي متي ستترك الثعابين والذئاب والكلاب المفترسة تترصد المواطن الآمن ؟ وهل نحن مطالبون بحمل السلاح للدفاع عن أنفسنا ؟ تصوروا.. نجح وزير الكهرباء في انقاذ مصر من الظلام بعد أن استجاب لمطالب العاملين بمحطات الكهرباء الذين بدأوا بالفعل في إيقاف بعض محطات التوليد، أما العاملون بالملاحة الجوية فقد تنازلوا وفضوا اضرابهم الذي أوشك أن يعطل حركة الطيران ويضرب السياحة المضروبة أساسا بفعل عدم الاستقرار الأمني ،وأمام ماسبيرو تفترش عشرات الأسر نهر الطريق مطالبين بشقق تؤويهم .. أليست فوضي؟ الغاية لا تبررالوسيلة ومصلحة مصر فوق كل اعتبار.