»رجل الصواريخ في مهمة انتحارية» و»المختل عقليا الذي لا يرجي شفاؤه» هكذا تصاعدت الحرب الكلامية بين كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون قبل أيام من بدء جولة ترامب الآسيوية حيث من المقرر أن يزور الرئيس الامريكي اليابان وكوريا الجنوبيةوالصين وفيتنام والفلبين بعد أيام كما سيشارك في قمة زعماء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) المقرر انعقادها في مانيلا. وفي الوقت الذي تؤكد فيه كل من الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبيةواليابان أنهم يفضلون الخيار الدبلوماسي حتي الآن لحل الأزمة الكورية أجرت بيونج يانج أكبر تجربة اطلاق صواريخ باليستية في الشهر الماضي ردا علي التدريبات العسكرية المشتركة التي تنوي أمريكا وكوريا الجنوبيةواليابان إجراءها هذا الشهر. وتصف كوريا الشمالية ما تفعله أمريكا بأنه سياسة عدائية تجاهها وان اسلحتها وترسانتها العسكرية لن تكون محلا للتفاوض. وتسابق الزمن لإمتلاك قدرات ردع نووي شاملة بينما لم يعد أمام الولاياتالمتحدة وحلفائها الكثيرمن الوقت لمنعها من امتلاك سلاح الردع النووي. وتشير التقارير الأمريكية أن كوريا الشمالية لم يبق أمامها سوي 18 شهرا للوصول لهذا الهدف. الحلول الدبلوماسية وفي الوقت الذي تتمسك فيه كل الأطراف بالحلول الدبلوماسية حتي الآن إلا أن القلق يتزايد في أروقة الكونجرس حيث اكد مسؤولون في ادارة ترامب انه اذا قرر الرئيس ضرب كوريا الشمالية بسلاح نووي فإنه لن يكون هناك أي شيء يستطيع ايقافه حتي الكونجرس وهذا أمر مثير للقلق. فهناك مخاوف حقيقية لدي الديمقراطيين من أن ترامب يعتقد أنه يستطيع مهاجمة كوريا حتي لو لم يكن هناك تهديد وشيك علي الولاياتالمتحدة. وكلمة وشيك تعني له أنه لا يمكن السماح لكيم جونغ أون بامتلاك القدرة علي ضرب الولاياتالمتحدة بصاروخ باليستي عابر للقارات فوقه رأس نووي. يذكر أن أمريكا عززت من تواجدها العسكري بالقرب من كوريا الشمالية وحشدت 3 حاملات طائرات غربي المحيط الهادئ للمشاركة في المناورات العسكرية المشتركة وهي المرة الأولي التي يتواجد فيها 3 حاملات طائرات تابعة للجيش الأمريكي في المنطقة منذعام 2007. منذ أن تولي كيم كوريا الشمالية في عام 2011 أعطي الأولوية لتطوير أسلحة قادرة علي الوصول لسواحل امريكا في سبيل عمل توازن للقوة مع الولاياتالمتحدة لإجبار الرؤساء الامريكيين علي عدم الحديث عن وجود خيارات عسكرية للتعامل مع الشمال. وإذا تتبعنا تطور برنامج الأسلحة النووية في كوريا الشمالية عبر رؤسائها سنجد أنه في عهد كيم ايل سونج ان الاهتمام واضحا بالجيش ولكنه لم يعش طويلا لرؤية أول تجربة ناجحة لأسلحة نووية في بلاده. ثم جاء الابن كيم جونغ ايل الذي قيل عنه بعد وفاته إنه الزعيم الذي حول كوريا الشمالية إلي دولة نووية. وقد نفي مرارا في بداية عهده امتلاك كوريا لأية أسلحة نووية ولكن بحلول عام 2005 أكدت كوريا الشمالية أن لديها أسلحتها النووية وقد اختبرت أولي تجاربها النووية في عام 2006. ولكن يرجع الفضل لكيم جونغ أون في تسريع برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. وتخطي عدد التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية هذا العام اكثر من 14 تجربة. ولكن كان التصعيد في تهديد الولاياتالمتحدة بصاروخ باليستي عابر للقارات. وإطلاق صاروخين صوب اليابان واجراء تجربة نووية جديدة الشهر الماضي. وبعدها أكد كيم بأنه يقترب من امتلاك قوة عسكرية توازي ما تملكه أمريكا وأنه أصبح قادرا علي استهدافها وحلفائها في أي وقت. ولم يعد الإنكار مجديا بعد أن أكدت وسائل إعلام يابانية أن كوريا الشمالية تعرضت لحادث تلوث إشعاعي وانهيار نفق في موقع نووي أدي لمصرع 200 شخص علي الأقل. ومنذ عام 2006 تحدث بعض الهاربين من كوريا الشمالية عن ارتفاع الإصابات بالتلوث الإشعاعي نتيجة تجارب النظام النووية بينما كثيرا ما تحدث زلازل بسبب تلك التجارب تشعر بها الدول المحيطة. العلاقات الثنائية وفي تطور آخر ايجابي قد يقلل من التوتر في المنطقة اتفقت كل من كوريا الجنوبيةوالصين علي عودة العلاقات الثنائية بينهما والتي تأزمت منذ فترة بسبب نشرمنظومة ثاد الصاروخية الأمريكية.وتنتظر الدولتان زيارة الرئيس ترامب كي تعمل الدول الثلاث للضغط علي كوريا الشمالية للتوقف عن تجاربها الصاروخية. أما اليابان فقد أعلن رئيس الوزراء شينزو آبي بعد إعادة انتخابه أنه سيسعي لزيادة الضغط علي كوريا الشمالية لإجبارها علي الجلوس علي طاولة المفاوضات. وكان قد وعد خلال حملته الانتخابية بالتعامل مع ما سماه »الأزمتين التوأمين» في اليابان: انخفاض معدل المواليد وتهديدات كوريا الشمالية التي طالت سواحل اليابان في الأشهر الأخيرة. فرض عقوبات ويشير المراقبون إلي أن الرئيس دونالد ترامب سوف يضغط علي الرئيس الصيني شي جين بينغ في محادثات الأسبوع المقبل لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد كوريا الشمالية حيث كانت تنوي الولاياتالمتحدة فرض عقوبات جديدة علي البنوك الصينية التي تتعامل مع بيونجيانج. وتؤكد الصين أن نفوذها علي بيونج يانج مبالغ في تقديره بدليل أنها أيدت عقوبات مجلس الأمن الدولي الاخيرةعلي كوريا الشمالية كدليل علي أنها تحاول الحد من التجارب النووية والصاروخية. وربما تتفق الدول علي المزيد من العقوبات والقيود المفروضة علي صادرات النفط واستيراد الفحم والمعاملات المالية. غير أن الصين تخاف من أن أية عقوبات اقتصادية جديدة ستتسبب في زيادة الفقر في كوريا الشمالية مما سيدفع سكانها للهرب عبر حدودها. وأيا كان ما ستسفر عنه زيارة ترامب الآسيوية يبقي السؤال قائما: من تراه سيضغط الزر أولا ويشعل فتيل الحرب العالمية الثالثة؟