مذبحة لاس فيجاس التي راح ضحيتها 59 شخصاً لقوا حتفهم بطلقات الرصاص وإصابة 529 شخصا آخر ليست الا واحدة من مسلسل جرائم العنف التي تشهدها الولاياتالمتحدة. وهذه المذابح تعتبر فيما بعد أرقاما تذكر حيث إن الضحايا من المدنيين الابرياء لم يلقوا حتفهم في ميدان معركة حربية بل كانوا هدفاً لما أصبح معروفاً »بالذئب الوحيد» الذي يصطاد فريسته بسلاح ناري وأي متابع للتاريخ والثقافة الامريكية سيدرك أن الأسلحة النارية هي جزء من هوية المجتمع الأمريكي. وقد فشلت المحكمة الدستورية العليا في تناول قضية انتشار الاسلحة النارية وكيف اصبحت الجرائم التي تستخدم فيها هذه الاسلحة وباء يصعب السيطرة عليه بل وكثيراً ما ترفض المحكمة الدستورية العليا تناول الموضوعات التي تتعلق بذلك الأمر.. وتشير احصائيات الأوساط الأمنية الامريكية إلي أن ضحايا اطلاق الرصاص سنوياً وصل عددهم في العام الماضي إلي 30 ألف شخص منهم 20 ألفا أقدموا علي الانتحار. فالسلاح فيالولاياتالمتحدة له قدسية نص عليها الدستور في البند الثاني المعدل. وتعتبر الجمعية الوطنية للبندقية اكبر واقوي لوبي يوجه ويمارس ضغوطا من خلال أعضائه الذين يزيد عددهم علي 5 ملايين أمريكي هذا الي جانب ما تنفقه هذه الجمعية من تبرعات لمساندة الحملات الانتخابية لمن يعتنقون قدسية حمل السلاح كحق أساسي من حقوق المواطن الأمريكي.. وقد وصل إجمالي ما انفقته هذه الجمعية في العام الماضي 50 مليون دولار منها 30 مليونا انفقت لمساندة حملة انتخابات الرئيس ترامب. وتبلغ ميزانية الجمعية سنوياً ما يقرب من 250 مليون دولار تنفق لصالح برامج الدعاية لحمل السلاح ولإقامة تجمعات للاعضاء ورصد الأموال لتناول الشئون القانونية. وعلي الرغم من محاولة المناهضين لحمل السلاح انشاء جمعيات لمواجهة قوة لوبي السلاح وسيطرته عليالحياة السياسية الأمريكية ومن أمثلة ذلك عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرج الذي أنشأ جمعية لمكافحة انتشار السلاح إلا أن هذه الجمعية وغيرها لا تستطيع أن تضاهي تأثير الجمعية الوطنية للبندقية. وقد فشلت كافة محاولات تعديل وتشديد قوانين حمل السلاح بل لقد حال اعضاء مجلس النواب من الحزب الجمهوري دون حتي طرحها للتصويت وشراء السلاح في الولاياتالمتحدة أمر سهل للغاية بل انه يباع أحياناً علي الانترنت والقانون يحظر حيازة البنادق الآلية ولكن التحايل موجود حيث تباع قطع غيار يتم تركيبها بسهولة علي السلاح النصف آلي ليصبح مثل المدافع الرشاشة التي تستخدم في الحروب وهو ما لجأ إليه ستيفن بادوك الذي ارتكب مذبحة لاس فيجاس الأخيرة. وكما يحدث في اعقاب كل حادث بشع ارتفعت الأصوات المطالبة بوضع قيود مشددة علي حمل السلاح ومنح تراخيص حمله إلا أن قيادات الكونجرس من الحزب الجمهوري رفضت ذلك بدعوي عدم تسييس مأساة انسانية بل لقد اقصي مجلس النواب تشريعا حول وضع أجهزة لمنع الصوت علي المسدسات والبنادق وكان المجلس علي وشك التصويت عليه وعندما سئل الرئيس ترامب عما إذا كان ينوي مناقشة قضية الحصول علي السلاح لمنع تكرار مذابح جديدة جاء رده: »هذا أمر قد يبحث مستقبلاً» وهو رد يحتمل النفي وليس الاستجابة. وفي اطار فرض مزيد من التحريات عن طلب ترخيص حمل السلاح خاصة بعد أن اتضح أن مرتكب المجزرة قد حصل علي 30 ترخيصا كان من الغريب يكتشف رجال المباحث الفيدرالية وجود 3 ملايين طلب للحصول علي تراخيص من اشخاص لهم سجلات جنائية. وذكرت دورية الصحة العامة أن المستشفيات تنفق سنويا ما يقرب من 8.2 مليار دولار لعلاج المصابين بطلقات نارية وأما إذا ما تم حساب ما ينفقه من ساعات العمل واتعاب الاطباء فإن هذا المبلغ يصل الي 54 مليار دولار سنوياً.. وأشارت احصائيات السلاح العالمية إلي أن الشعب الأمريكي الذي لا يزيد عددا علي 5٪ من سكان العالم يمتلك 05٪ من الاسلحة النارية.. وأن هناك 7.7 مليون امريكي يملك كل منهم فيما بين 8 إلي 041 بندقية.