تثير قضية مبيعات الأسلحة الخلافات السياسية داخل الكونجرس الأمريكي بين الديمقراطيين والجمهوريين، وفي حين أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن توجهاته هي عدم فرض قيود على لوبي الأسلحة وتعزيز حركة البيع أكثر داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، تظهر في الأفق صراع محتدم بين الحزبين على هذا الملف. احتوى الخطاب الذي ألقاه ترامب، أمام الجمعية الوطنية للأسلحة النارية، أقوى لوبي للأسلحة، الجمعة الماضية، على رمزية عالية، إذ من غير المألوف أن يخاطب رئيس السلطة في الولاياتالمتحدة هذه المنظمة القوية والواسعة النفوذ التي يقول مراقبون إن لديها قدرة التأثير على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية ويتهافت على أبوابها المرشحون خاصة الجمهوريين أثناء حملاتهم الانتخابية، وكان آخر رئيس ألقى خطابا أمام هذه المنظمة هو الرئيس دونالد ريجان، قبل 35 عامًا. وقال ترامب في كلمته، إن الجمعية الوطنية للأسلحة النارية أصبح لديها "صديق ونصير حقيقي في البيت الأبيض"، مؤكدًا وسط هتافات الحشد في أتلانتا بولاية جورجيا: "بصفتي رئيسكم، لن أمس إطلاقا وأبدًا بحق الناس في الاحتفاظ بأسلحة وحملها"، مضيفًا أن "الحرية ليست هبة من الحكومة، الحرية هبة من الله". وأضاف ترامب "هذه المرحلة خطيرة.. ويمكنني أن أقول بفخر للجمعية الوطنية للبنادق إنني لن أخذلك أبدًا"، متابعًا "التعدي الذي دام 8 سنوات على حرياتكم المضمونة في التعديل الثاني للدستور قد انتهى"، في إشارة إلى حماية الدستور لحق الأفراد في امتلاك سلاح، والذي سعى سلفه باراك أوباما، إلى تشديد ضوابطه بعد سلسلة من حوادث إطلاق النار الجماعي حول البلاد. النائبة الديمقراطية الأمريكية جابرييل جيفوردز، قالت تعليقًا على هذا الاهتمام من جانب ترامب، إن الولاياتالمتحدة في حاجة إلى رئيس جاد في الحفاظ على حقوق أصحاب الأسلحة ولكن في نفس الوقت يكون لديه حلول فعلية في مواجهة العنف الناتج عن استخدام هذا السلاح، وقالت: "ترامب ليس هذا الرئيس". وأضافت جيفوردز، في تصريح لإحدى الصحف الأمريكية، أن الأمريكيين يريدون الحلول المنطقية لمنع العنف المسلح. وكانت جيفوردز قد أصيبت بطلق ناري في الرأس في إطلاق نار عام 2011 في توكسون، وهو حادث أسفر عن مقتل 6 أشخاص، ومنذ ذلك الحين شاركت في تأسيس منظمة "الوقاية من العنف". وكان الحزب الديمقراطي قد قدّم في منتصف العام الماضي قانونا يمنع الأشخاص الواردة أسماؤهم على لوائح مراقبة الإرهاب من شراء أسلحة نارية، وإلزام بائعي الأسلحة بالتحقق من السوابق والحالة النفسية للشخص قبل بيع أي قطعة سلاح له، الأمر الذي عارضه الحزب الجمهوري بضغط من لوبي الأسلحة بأمريكا حيث رفض الحزب التصويت لصالح هذا القرار وكانت نتيجة التصويت 44 صوتًا داعمًا للاقتراح، مقابل 56 صوتًا معارضًا. وعلى ضوء هذا الخلاف الذي حدث في الكونجرس بشأن تنظيم بيع الأسلحة في أمريكا، وعدم إقرار القانون الذي يحد من انتشار السلاح انتعش سوق الأسلحة الأمريكي في الآونة الأخيرة، خوفًا من إقرار هذه الإصلاحات، في حين زاد نفوذ الجمعية التي دعمت دونالد ترامب للصعود إلى الرئاسة، وأثنى واين لابيار، رئيس الجمعية مؤخرًا على أداء ترامب، لاسيما وأنه أصدر بعض القرارات في صالح بيع الأسلحة. وأدى قرار ترامب بتعيين القاضي المحافظ نيل جورسيتش، في المحكمة العليا إلى تعزيز نفوذ هذه الجمعية، حيث أكد رئيسها أن "أعضاء الجمعية وحملة السلاح ساعدوا ترامب في الوصول إلى القمة لذلك تأتي قراراته داعمة لنا"، وفي نفس الإطار عين ترامب، دان كوتس، مديرًا للمخابرات الأمريكية وهو من أبرز الرافضين لقانون تنظيم الأسلحة الذي قدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ للحد من سيولة الأسلحة، وكان من ضمن 45 عضوا بمجلس الشيوخ الأمريكي اتهمتهم وسائل الإعلام الأجنبية بالحصول على أموال من لوبي صناعة السلاح في الولاياتالمتحدة عدا 3 منهم، وادعت صحيفة جارديان البريطانية في إبريل 2013 أن السيناتور الجمهورى دان كوتس، حصل على تبرعات من جماعات مدافعة عن الأسلحة في فترة تمرير مشروع قانون الأسلحة، وكان أوباما قد اتهم مجلس الشيوخ ومنهم كوتس، بأنهم "عبيد الأموال" بعد هذا التصويت، حيث قال إنه يشعر بالقلق من أن لوبي السلاح أنفق الكثير من المال، من أجل منع الموافقة على هذا القانون. بحسب تقارير، تتكون هذه المنظمة من لوبي من رجال أعمال لا يوجد في الساحة الأمريكية من ينافسهم في النفوذ سوى "الإيباك" المساند للكيان الصهيوني، ولم يكن قانون أوباما لفرض قيود عليها أول قانون يتم إحباطه، حيث ظهرت قوة هذا اللوبي في العقود الماضية بعدما استطاعت منظمة "الجمعية الوطنية للبندقية" إحباط قانون كان الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، أقره عام 1994 بمنع تداول البنادق الهجومية، حيث استطاعت المنظمة أن تلغي القانون بعد 10 سنوات من تنفيذه. وفي حين يقول المراقبون إن ترامب يحاول في سياساته أن يكون مختلفا فقط عن أوباما وهو ما يظهر في جميع قراراته السابقة، يؤكد آخرون أن ترامب يواجه مشاكل عدة بعد إخلاف وعوده السابقة وهو ما أدى إلى استعادة نهج الرئيس رونالد ريجان، بتعزيز مواقف منظمة السلاح، ففي مايو 1983، وخلال حملة إعادة انتخابه، أثار رونالد ريجان، إعجاب أعضاء لوبي السلاح في فينيكس في أريزونا بقوله "لن ننزع على الإطلاق سلاح أي أمريكي يسعى إلى حماية عائلته".