تعتبر شجرة الدر هي الملكة السادسة التي تولت عرش مصر وهي آخرهن أيضا.. وقد عرضنا في الحلقات السابقة للملكات الخمس اللائي سبقنها وكيف أن حكم كل واحدة منهن انتهي بكارثة ماحقة عمت البلاد كلها. وقد بدأت قصة شجرة الدر عندما سيطرت علي السلطان الصالح نجم الدين أيوب وهو سابع سلاطين الدولة الايوبية التي أسسها البطل صلاح الدين الايوبي وهو آخر هؤلاء السلاطين أيضا فكرة غريبة وقام بتنفيذها وهي أن يبني جيشا خاصا به.. فأرسل النخاسين يجوبون البلاد ويخطفون الأطفال دون سن البلوغ وجمع منهم الآلاف بني لنصفهم قلعة الروضة واسماهم المماليك البحرية والنصف الآخر وضعهم في القلعة واسماهم المماليك البرجية وكانوا يربون تربية اسبرطية فالحياة جماعية ويتم تعليمهم القراءة والكتابة والقرآن ثم الرياضة وكل فنون الفروسية وتكون منهم بالفعل جيش عظيم وكان منهم سلاطين عظام وآخرون كانوا كارثة علي البلاد حتي قضي عليهم ممحمد علي في مذبحة القلعة.. لم يكن النخاسون يكتفون بخطف الذكور وأنما كانوا يختارون الفتيات الحسناوات.. ومن بينهن فتاة مسيحية تركمانية اسمها أميليا بيعت للصالح أيوب وكانت بارعة الجمال تجيد الغناء وتمتاز بالذكاء الشديد.. في مصر أعلنت إسلامها وسميت شجرة الدر وسرعان ما استحوذت علي قلب السلطان العجوز وأصبحت أولي محظياته ثم زوجته. في سنة 9421 ميلادية هجم الصليبيون علي دمياط بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا وبدأوا الزحف علي المنصورة.. مرض السلطان العجوز فأخفت شجرة الدر مرضه وكلفت الأمير فخر الدين وهو مملوك بقيادة الجيش وارسلت تستدعي الأمير توران شاه ابن السلطان الصالح من سوريا فلما وصل كان الأمير فخر الدين قد انتصر علي الصليبيين واسر لويس التاسع. وصل توران شاه وبدأ بداية سيئة فأخذ يطالب شجرة الدر بأموال أبيه ويتخلص من المحيطين بها وأولهم الأمير فخر الدين. تجمع حول شجرة الدر مجموعة المماليك التركمان وكانوا متعصبين لها بحكم أنهم أبناء وطن واحد.. تجمعوا وقتلوا توران شاه وجمعوا العلماء والقادة وأعلنوا شجرة الدر سلطانة علي مصر. صادف أن كان معاصراً لشجرة الدر العالم الكبير العز بن عبد السلام فأعلن رفضه لتولي امرأة وارسل الخليفة العباسي في بغداد يقول »إذا لم يكن عندكم رجال فأخبرونا نرسل لكم رجالاً« تجاهل المماليك التركمان كل ذلك وأعلنوا طاعتهم للسلطانة الجديدة. وأطلقوا عليها »المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين« وكان خليل هذا هو ابنها من الملك الصالح وكان كل أملها أن يكبر ويرث ملك أبيه.. لم تستقر الأمور فأعلن قطاع من المماليك عصيانهم بزعامة اقطاي ودعم قطاع آخر شجرة الدر بزعامة أيبك الذي قام بقتل أقطاي.. ولكي تهدئ شجرة الدر الثورة التي بدأت تطل علي البلاد تزوجت ايبك وأصرت أن يطلق زوجته الاولي وحكم الاثنان معا 7 سنوات ولكن بدأت الامور تتغير وعلمت شجرة الدر أن أيبك يفكر بل ويجري اتصالات للزواج من بنت أمير الموصل.. فجمعت جواريها وقتلوه أثناء الاستحمام في حمام القصر ضربا »بالقباقيب«.. بموت ايبك انقسم المماليك مرة اخري فتجمع منهم مجموعة كبيرة مع زوجته الأولي وابنها ومجموعة أخري بقيت علي ولائها لشجرة الدر وانتشرت الفوضي في البلاد وكثرت الاغتيالات..وأعدت زوجة ايبك الاولي واسمها »أم علي« وهي التي اخترعت الحلوي الشهيرة التي مازلنا نأكلها اليوم واسمها »أم علي« أعدت هذه الزوجة مبلغاً ضخما من المال اشترت به جواري شجرة الدر اللائي أعدن نفس ما فعلنه من قبل مع أيبك فانهلن عليها »بالقباقيب« وهي في الحمام حتي لفظت انفاسها الاخيرة والقين بجثتها من فوق أسوار القلعة الموجودة حالياً وظل جثمانها ملقي في الطريق لثلاثة ايام حتي قام مجهولون بدفنه ودخلت مصر في فوضي عارمة قبل ان تستقر الامور لعدد من المماليك كان بعضهم في غاية العظمة مثل بيبرس وقلاوون وقنصوه الغوري وقد وصل كل منهم للحكم وسط بحر من الدماء وبشجرة الدر ختمت هذه السلسلة من الملكات الست اللائي حكمن مصر في تاريخها الطويل وقد شاءت قدرة الله العظيم أن يحمي مصر من أن تتولاها الملكة رقم (7). ولله الامر