مع الكابتن ضياء الدين حسن الذي عمل طيارا في شركة عالمية ، وتزوج سبع مرات عدا زيجاته العرفية ، وغرامياته الاضافية التي لا تنقطع ، نعيش قصة دون جوان غريب الاطوار ، أخذته لحظة اندفاع لفتح رستوران بمنطقة المهندسين لكي يلتقي فيه بأصدقائه من المفكرين والمثقفين الذين يتكلمون ويأكلون ولا يدفعون الحساب ، فتراكمت عليه الديون وثقلت الهموم مما اضطره إلي تأجير الروستوران الذي اطلق عليه اسم " عشتاروث " وهو يتجرع المرارة التي تجرعها الخميني عندما وافق علي وقف القتال مع العراق ، و"عشتاروث " لمن لا يعرف هو اسم لمدينة عراقية تاريخية وردت في التوراة ، تأجير المحل ازاح عن الكابتن اثقال الفلس والضياع ، لكن من استأجره حوله لماخور ومرقص ومرتع لطالبي المتعة وراغبي النساء ، الدلالة واضحة .. فعندما كان الرستوران مقرا للكلمة والفكر ، حمل صاحبه الهم والفلس والديون ، وعندما ساير المستأجر زمن التفاهة والانحدار امتلأ الرستوران بطالبي المتعة الحسية . بهذه القصة يفتتح د. فهمي عبد السلام مجموعته القصصية التي تحمل عنوان " صاحبي الذي ضل .. صاحبي الذي غوي " ، العنوان طويل وغريب وقد يكون من غير المعتاد ان تحمل مجموعة قصصية عنوانا بهذا الطول ، كنت افضل ان تحمل المجموعة عنوان القصة الاخيرة بالمجموعة " كافكا .. وكفتة " التي تتحدث عن المفهوم الملتبس لدي رواد بار النجمة عن الاديب العالمي كافكا ولاعب كرة القدم " كفتة " الذي عاصر امجاد اللاعب حمكشة الذي قتل حمارا بضربة من رأسه ، ففي هذا البار يجتر الكابتن حسن المصيلحي امجاده الكروية وزمانه الذي ولي وضاع فلم يفرق بين كافكا .. وكفتة ! لم اكن اعلم ان د. فهمي عبد السلام يحمل في داخله كل هذا التميز في القص و القدرة علي الامساك بتلابيب القاريء الذي لا يستطيع ان يسرح او ينفصل للحظة عن عوالم الحكايات التي يرويها باسلوب أخاذ ، إلي جانب قدرته الفائقة في تحليل الشخصيات التي يرسمها بالكلمة فتتجسد امامنا وهي تنبض بالحياة ،. د. فهمي عبد السلام معروف في عالم طب الاسنان كأستاذ مخضرم بطب جامعة القاهرة ، تعرفت عليه عندما حولتني العيادة الطبية بمؤسسة اخبار اليوم لعلاج اسناني بعيادته الخاصة ، اكتشفت فيه روح المثقف الليبرالي من خلال ما دار بيننا من حوارات أثناء جلسات العلاج ، لكنه لم يخبرني عن تاريخ الصعلكة الثقافية التي عايشها في مقاهي المثقفين الشهيرة بالقاهرة ، واتيليه الفنون الذي كان يعج بهم ويضيق بفلسفاتهم وجنونهم ومعاركهم واشتباكاتهم ، كل هذا تكشف عنه الاحداث التي تحملها بقية القصص التي تضمها مجموعته الصادرة عن شركة الدار للنشر والتوزيع ، لقد اضافت هذه المجموعة لعالم الاطباء الذين احترفوا الادب اديبا جديدا . كثيرون يتساءلون عن براعة الاطباء الذين جمعوا بين واقعية عالم الطب وخيالات عوالم الادباء ، وقد اجاب عن ذلك د. ابراهيم ناجي صاحب قصيدة "الاطلال " التي تغنت بها ام كلثوم عندما قال " الناس تسأل والهواجس جمة .. طب وشعر كيف يتفقان.. الشعر مرحمة النفوس وسره .. هبة السماء ومنحة الديان .. والطب مرحمة الجسوم ونبعه.. من ذلك الفيض العلي الشأن" .