فاجأني ابني وهو يحاورني حول السلفيين بسؤال مباغت عن الأرأيتيين؟ فقلت له هم مجموعة من الفقهاء يتزعمهم الإمام الأعظم أبوحنيفة النعمان وكبار تلاميذه، كانوا يفترضون العديد من المسائل والقضايا الفقهية ويجيبون عنها، وسموا بالأرأيتيين لأن مسائلهم كانت تبدأ بصيغة »أرأيت لو حدث كذا وكذا« وقيل إنهم ناقشوا أكثر من ثلاثين ألف مسألة بعقلية استشرافية متفتحة وفكر متحرر من الجمود والتحجر. قاطعني قائلاً: أرأيت لماذا انتقلت بك من السلفيين للأرأيتيين؟! قلت: ان أزمة السلفيين أنهم ينسحبون من مواجهة قضايانا الفقهية الواقعية المعاصرة بالاستغراق في آراء قديمة قيلت لزمان غير زماننا وطرحت لبيئات غير بيئتنا، علي النقيض تماماً مما كان يفعل الأرأيتيون حيث إنهم اجتهدوا في أمور لم تحدث بزمانهم وتناولوها بجرأة توقعاً للبلاء وتأهباً لمواجهته في ظل ضوابط شريعتنا الغراء الصالحة لكل زمان ومكان إلي أن تقوم الساعة. شتان بين آراء فقهية تجرنا للعيش في القرون الهجرية الأولي واجتهادات فقهية تنطلق بنا نحو المستقبل دون تردد أو إبطاء.