الوضع السياسي في مصر الان غاية في التعقيد.. فالفصائل السياسية التي تتصارع مع بعضها بعد ثورة 52 يناير.. تريد القفز علي السلطة الخالية ويبحث كل فصيل عن دور مؤثر له في الحركة السياسية محاولين استخدام كل الوسائل من اجل اثبات ان كل منهم هو الاقوي والقادر علي التأثير ولديه الشعبية ويلتف حوله ابناء الشعب. فاذا ما استعرضنا الوضع السياسي نجد ان هناك فصيل ابناء ثورة 52 يناير.. وهم مشتتون لعدم وجود مظلة واضحة او عباءة سياسية يتحدث من خلالها هؤلاء الشباب.. ادي الي تفكيكهم في مجموعات من الائتلافات وذلك طبيعي لان شباب الثورة لم يكونوا من تيار سياسي واحد وانما كانوا مختلفين علي المستوي الايدولوجي.. ولكنهم في يناير اجتمعوا علي هدف تحقق فغادروا الي حظائرهم السياسية فكان الاختلاف الذي وصل في كثير من الاحيان الي انشقاق. ويأتي بعد ذلك الفصيل الديني والذي ينقسم الي الاخوان المسلمين الذين عانوا كثيرا طوال اكثر من 06 عاما.. وظلوا محظورين ويعملون تحت الارض حتي وجدوا في ثورة يناير الفرصة سانحة لهم لان يظهروا علي السطح ويعملوا في النور.. وبدأوا في استعراض قوتهم وقدرتهم علي شحن الجماهير والتأثير عليها.. ومعهم فصيل السلفين الذين عانوا هم الاخرين من الحظر والمتابعة من جانب الجهات الامنية ووجدوا فرصتهم في الظهور بعد يناير واتخذوا موقفا متشددا في التعامل مع قضايا المجتمع ليثبتوا انهم يمتلكون ناصية الشارع المصري اما الفصيل الديني الاخير فتيار »الجماعات الاسلامية« وهم الذين عانوا من الملاحقة والمطاردة والاعتقال ووصل الامر الي احكام بالاعدام علي بعض اعضائه.. وهم التيار الذي فعل نظرية العنف الديني منذ السبعينيات وتوج بحادث اغتيال الرئيس السادات وما تلاه من احداث. اما الفصيل الثالث فهو فصيل ابناء الوطني وهم قوة لا يستهان بها.. فهم الاكثر تنظيما في الساحة السياسية الان.. ولديهم الكوادر والامكانيات التي تؤهلهم في التواجد في الشارع السياسي.. الا انهم يعانون من انهيار النظام السابق فتحولوا بعده الي فصيل محظور بين غمضة عين وضحاها.. بعد ان كانوا يملؤن الدينا بوجودهم السياسي.. هذا الفصيل لن يترك الساحة دون ان يكون مشاركا في اللعبة السياسية حتي ولو كره الثوار او الفصائل السياسية الاخري التي تحاول حجبهم من الساحة السياسية. ويأتي الفصيل الاخير هو فصيل يتكون من تيارات سياسية مختلفة تتمثل في اعضاء الاحزاب الذين كانوا متواجدين كمعارضين في ظل النظام السابق.. واستمروا بعده ولكنهم علي اية حال فشلوا جميعا في ان يضموا اليهم عناصر الشباب الذين خرجوا في يناير وفجروا ثورته.. وهذا الفصيل يبحث هو الاخر عن تواجد في المستقبل السياسي.. ولكنه الاضعف من الناحية الشكلية. كل هؤلاء يتصارعون علي مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات البرلمانية القادمة.. والتي لن تفرز بكل تأكيد في ظل هذا الصراع عن خريطة اعضاء حقيقتين يمثلون بحق الشعب المصري.. وانما سيكون المجلس عبارة عن مجموعة من التيارات المتناحرة التي لن تؤدي الي تناغم تشريعي او رقابي تحت القبة.. وهو امر بات مؤكدا ولكنه لا يخشي منه في الوقت الحالي.. لان هذه التركيبة التي اتحدث عنها.. هل نتاج طبيعي لحالة الفوضي العامة التي تعم ارجاء الوطن ومن بينها جانبه السياسي. مصر تحتاج في الفترة القادمة الي صوت العقل.. الذي يجمع ولا يفرق ويدعو لمستقبل.. نحن جميعا نبحث عنه وسط عتامة فوضي افرزتها انبل ثورة في التاريخ.