د. محمود عطية سيظل الجدل العالق بكلمة "مصريا" بعبعا في ضمير المرأة المصرية..وأظن أنها لن تنسي ما أثير حول عدم اهليتها لتولي مناصب القضاء من جراء التفسير الذكوري لكلمة "مصريا"..حيث أكد صراحة النص بأن الفرد المتقدم لتولي منصة القضاء لابد "أن يكون مصريا"..مما يعني أن المنصب سيظل حكرا علي الرجال ما دامت كلمة "مصريا" فسرت أن المقصود بها الرجل أي أن يكون مصريا..أما المرأة فلا خلاف عليها ان تكون مصرية أو غير مصرية فلا يجوز لها تولي القضاء..! ولا أظن أن النظرة المتدنية للمرأة وأنها اقل من الرجل رتبة نتفرد بها في مجتمعنا..واستكثار بعض المناصب عليها دون سند علمي أو منطقي نتفرد به.. فاستغلال المرأة علي مر العصور وهضم حقها في المواطنة مازال مستمرا وهو اتجاه عالمي.. ففي دول الغرب المتقدم تفقد المرأة فور زواجها اسم أسرتها الذي نوديت به منذ ولادتها لتحمل اسم زوجها..وكأنها قد نقلت إليه ميراثا وأصبحت أحد أملاكه..أما أسرتها التي ربتها وتكفلت بها فينتهي دورها عند تسليمها للزوج"تسليم مفتاح" والذي ينقل ملكيتها إليه..ولا تنادي في المجتمعات والمحافل باسمها إلا مذيلا باسمه كإحدي علامات تملكه لها.. هكذا في المجتمعات الغربية المتقدمة. أما عندنا -ولله الحمد- يظل اسم عائلة الزوجة عالقا بها..ومع ذلك يحمل الفكر الشعبي الكثير من الضغينة للمرأة ويري أنها لاتصلح لغير المنزل وتربية الأولاد..وكأن هذا العمل المنزلي اقل رتبة من العمل العام أو العمل خارج المنزل..وننسي أن المرأة تصنع البشر داخل المنزل وإذا تجنينا عليها في حقوقها فكيف تعلم الأبناء الحصول علي حقوقهم..وحرمانها من العمل العام هو حرمان المجتمع من جهودها ومن المساهمة في دفعه للأمام..! واللافت للنظر ان يثار خلاف حول تعيين المرأة بمجلس الدولة وتبوئها مناصب القضاء وسط الاحتفال بأعياد المرأة..ولكن مازال هناك المدافعون عن حق المجتمع في التمتع بمجهود المرأة في العمل العام ومحاولة تيسير أمور الحياة..وقد فسرت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية في تقرير أخير لها أن لفظ "مصريا" المنصوص عليه في تولي القضاء يتسع لتعيين الخريجين ذكورا وإناثا..! مما يعني أن كلمة "مصريا" لا تعني هضم حقوق المرأة في تولي مناصب القضاء او التعيين في مجلس الدولة..وان الجهة الوحيدة المعنية بإصدار القرار النهائي في التعيين بالوظائف القضائية هو المجلس الخاص دون الرجوع للجمعية العمومية..! ومما يطمئن رغم كل ما يبدو علي السطح من معاداة للمرأة في التراث الشعبي بلا سبب منطقي وانتقال ذلك العداء دون وعي منا إلي جهات كثيرة في الدولة..ولا ندري أيضا كيف..أن المرأة لم تقف موقف المتفرج مما يحدث لها وربما يعطل مسيرة مكاسبها التي كافحت من أجلها سنوات طويلة..فقد خرجت في تظاهرات احتجاجية علي معاملتها"مصريا" أي بالتفسير الذكوري لعبارة "مصريا" واحتجت علي قرار الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة والمجلس الخاص لإرجاء تعيين المرأة في مناصب القضاء..! وأعربت المنظمات النسائية أن قرار الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة ينتقص من حقوق المرأة وانهن يعبرن عن رأيهن ويدافعن عن حقوقهن في مواجهة الرافضين للمرأة..وحملت بعض النساء لافتات كتب عليها " تولي القضاء خطوة علي طريق العدالة الكاملة".."و لا للتمييز ضد المرأة " ويا قضاة مصر وقفنا معكم كونوا معنا"..يبدو أننا وصلنا إلي نقطة عدم الاحتياج لعبارة "الرجل نصير المرأة"..فقد ادركت المرأة ان خير من ينصرها ويعبر عنها ضد هضم حقوقها مصريا.. هي المرأة.