ما حدث في مؤتمر الحوار الوطني هو خطيئة في حق الوطن وحق الثورة والثوار. لقد تحول الحوار بقيادة الشيخ السلفي المعروف صفوت حجازي الي معركة لتفريق الوطن الي مواطنين واعداء محظورين.. وكأن الجماعات الاسلامية تعيد تاريخها مع الحكومات المتعاقبة فكما كانت حكومة الثورة تعتبر الجماعات الاسلامية من اخوان وسلفيين وغيرهم هم جماعات دكتاتورية إرهابية محظور التعامل معها او الكتابة عنها وتتم محاكمة رموزها محاكمة سياسية والزج بهم في السجون. نفس التوجه تقوم به الجماعات الاسلامية نحو اعضاء الحزب الوطني الذي صدر من المحكمة قرار بحله ولذا لم يعد هؤلاء اعضاء في الحزب الوطني ولكن السلفيين والاخوان يرفضون اندماجهم في الحياة العامة او السياسية ويحظرون التعامل معهم.. رغم ان عدد اعضاء الحزب المنحل حوالي 2 مليون مواطن مصري ليسوا كلهم فاسدين - والفاسدون منهم موجودون الان في سجن طرة يحاكمون باتهامات مختلفة.. نعم ليسوا فاسدين بل منهم المفكرون والساسة واصحاب المواقف الوطنية المشهود بها في وجه فساد الحزب الوطني نفسه وضد مؤامرة التوريث والممارسات الاحتكارية السياسية والاقتصادية لاحمد عز امين تنظيم الحزب ومهندس التوريث والفساد السياسي. نفس الخطأ الذي حدث مع الجماعات الدينية يحدث الان مع مواطنين مصريين كانوا اعضاء في هذا الحزب الذي قاوم وجود الاسلاميين في الحياة السياسية واطلق عليهم المحظورين ورغم ذلك كان لهم 88 مقعدا في مجلس الشعب عام 2005. فاذا كان اعتراض الشيخ صفوت حجازي علي وجود اعضاء سابقين في مؤتمر الحوار الوطني رغم اننا لا نختلف علي قيمتهم السياسية والاقتصادية فهل سيحظر علي 2 مليون عضو سابق في الحزب ان ينضموا لاحزاب أخري حتي احزاب الاخوان والسلفيين وهل سينسحب هذا ايضا علي المواطنين من خارج الحزب الوطني والذين اعطوا اصواتهم لمرشحي الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية وهم عشرات الملايين فهل يطالب ايضا الشيخ السلفي الجليل باقصاء ملايين المصريين من الحوار الوطني.. وهل يقترح ان يكون الحوار مقصورا علي السلفيين ام سيسمح بمتحاورين آخرين للمشاركة في رسم مستقبل مصر؟ ان ما حدث لهو خطأ بالغ في حق الوطن.. وما اقوله ليس دفاعا عن الحزب الوطني وقياداته.. فالفاسد يجب ان يحاسب ويعاقب لكن الخبير السياسي او الاقتصادي يجب ان نستفيد من خبراته في المرحلة الخطيرة التي نمر بها.. والحقيقة ان موقف د. عبدالعزيز حجازي رئيس الحوار الوطني كان رائعا والمحاور التي تم الاتفاق عليها هي بالفعل هي المحاور الاساسية التي يجب ان فصل فيها الي تفاهمات وتوصيات تقود البلد في المرحلة القادمة. اؤيد اعتراضات شباب الثورة وحركة 6 ابريل الذين لا يجب ان تفهم اعتراضاتهم وكأنها مساندة لما طالب به السلفيون من إقصاء بعض من عناصر الامة ولكنها تزامنت مع هذه الطلبات صدفة وكان اعتراض هذا الشباب الرائع منطقيا فبالفعل القرارات والقوانين تأتي فوقية دون ان يؤخذ في الاعتبار آراء التيارات السياسية المختلفة ودون ان تكون ناتجة عن دراسة مستفيضة. وفي رأيي ان ما حدث من الجماعات السلفية ليس وقوفا في وجه فساد بقدر ما هو تخوف من منافسة شرسة في الانتخابات البرلمانية القادمة.